خلال حفل افتتاح الدورة الخامسة والعشرين لموسم أصيلة الدولي الأحد الماضي لم يُلقِ الكاتب العام لمؤسسة منتدى أصيلة ووزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى كلمة تقليدية، بل حكى للحضور قصة طويلة عن تجربة وصفها باللذيذة. "قصة 25 سنة من الكد والصبر والمثابرة والالتزام". وأضاف بن عيسى أمام حضور غفير تقدمه رئيس جمهورية كولومبيا ووزير الثقافة المغربي محمد الأشعري ووزير الثقافة المصري فاروق حسني انه يحتاج من حين الى آخر لأن يقرص جلده ليتأكد من أن مدينته الصغيرة المنزوية في حضن المحيط تحتفل اليوم فعلاً بيوبيلها الفضي. موسم أصيلة بالنسبة إلى بن عيسى ليس مجرد مهرجان سنوي كبقية المهرجانات. بل هو "أول منتدى لحوار الثقافات خارج الحواضر الكبرى والصالونات ومراكز الاستقطاب. كانت أصيلة، ثقافياً وفنياً، أول خطوة في لامركزية أو لاحكومية العمل الثقافي في المملكة". الفكرة نفسها أكدها محمد الأشعري الذي ترأس الافتتاح، حين قال بأن موسم أصيلة هو أحد الأجوبة الأساسية التي تم تقديمها سنة 1978 عندما كان المغرب يخطو خطواته الأولى على درب البناء الديموقراطي. وصاغت هذه المدينة الصغيرة جواباً ثقافياً قوامه الحوار وتوسيع رقعة العمل الثقافي. ومما قال الأشعري: "نجح هذا الموسم في جعل العمل الثقافي لبنة أساسية لبناء التنمية والديمقراطية". ثم توالت كلمات كل من عزيزة بناني سفيرة المغرب لدى اليونسكو ورئيسة جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، شريف خزندار مدير دار ثقافات العالم، غسان عبد الخالق منسق ندوات الموسم، إضافة إلى كلمة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة التي أشادت بالدور الثقافي البارز لهذا الموسم وهو اعتبره موعداً للحوار والإيمان بالاختلاف. اليوم الأول من عرس أصيلة الكبير الذي يستضيف هذه السنة 400 مبدع ومفكر وإعلامي من مختلف أرجاء العالم ضم ثلاثة معارض كبرى: معرض للفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري، الثاني للفنان المغربي الكبير الحسين الميلودي الذي كان من الرواد الأوائل في التجربة التشكيلية الفريدة التي كرستها أصيلة منذ 1978، إضافة إلى معرض استيعادي يحوي ملصقات موسم أصيلة منذ دورته الأولى. ويتوقع الجميع للمدينة الأندلسية الصغيرة صيفاً باذخاً و"لذيذاً" بتعبير بن عيسى، خصوصاً أن ضيوف المدينة وزوارها وأصدقاء تجربتها اللافتة ما زالوا يتوافدون الى "أميرتهم" الساحلية الصغيرة التي أثبتت التجارب السابقة أنها مستعدة على الدوام لاحتضان ما لا تقدر العواصم الكبرى على استيعابه دفعة واحدة من أصفياء الثقافة والفن وأصدقاء الإبداع.