كان لبنان والأردن ليل أول من أمس يحتفلان بعضهما ببعض فنياً وثقافياً، فلبنان كان محتفياً بالأردن من خلال تقديمه الأردنية ديانا كرزون في آخر حلقات "سوبر ستار" في غناء مباشر من بيروت مع منافستها السورية رويدا عطية، والأردن كان محتفياً بلبنان من خلال مهرجان "الفحيص الثالث عشر" في مدينة الفحيص، غرب عمان. ولم يكن في حسبان ادارة المهرجان الذي ينظمه "نادي شباب الفحيص" وبلديتها عندما قررت ان تخصص ليلة الأحد للاحتفاء ببيروت، ان تتزامن تلك الليلة مع الحفلة الأخيرة لبرنامج "سوبر ستار". ولم يكن هذا التزامن الايجابي في ظاهره، مفيداً للبنان لناحية تضاؤل عدد جمهور المهرجان، اذ فضل كثر مشاهدة حفلة كرزون بمن فيهم منظمو المهرجان أنفسهم. وعلى رغم ذلك فان عدداً لا بأس به من الجمهور جاء ليتعرف الى بيروت تاريخاً وحاضراً من خلال ندوة تحدث فيها الفنان انطوان كرباج والزميل في جريدة "النهار" جورج ناصيف، ومن خلال معارض للارث المعماري في بيروت والمطبخ اللبناني والمأكولات الشعبية، والمصنوعات الحرفية والملابس التراثية، اضافة الى معرض تشكيلي للفنانة اللبنانية سهى صباغ. وفي المهرجان أيضاً وقع الفنان سامي حواط عمله الموسيقي الجديد اسطونة "رحالة". وقدم الفنان اللبناني ناصر مخول سهرة تراثية لبنانية. في الندوة التي تحدث فيها كرباج عن تاريخ بيروت وناصيف عن اسباب ما عانته، تجاوز الحوار بيروت الى الوضع العربي كله ثقافياً واجتماعياً. وتحدث المحاضران عن اسباب تخلف العالم العربي وازماته الراهنة، وكذلك تطرقا الى المثقف العربي وعلاقته ببيروت. وقال كرباج في هذا الإطار: "في البدء مطلع الستينات كنا نعمل في الفن من أجل الفن لكن بعدها أحس الإنسان العربي كأن الأرض تسحب من تحته، فاقترحت على منير أبو دبس طرح القضايا العربية في المسرح لكنه رفض عندها تركت فرقته. فمشكلة العالم العربي ليست مشكلة الانظمة بل مشكلة الانسان الذي عليه ان يتهم بتنظيم كثير من أموره الثقافية والحضارية"، مشيراً الى ان نسبة الأمية في العالم العربي بحسب الاونيسكو تقارب 75 في المئة. وسأل "كيف نواجه الأمية؟"، معتبراً ان "الأم الجاهلة لا تستطيع ان تنشئ اجيالاً حرة". أما ناصيف فقال: "لم يخن المثقف العربي بيروت، وفي كل مثقف عربي شيء من بيروت". واعتبر ان إعادتها إلى سابق عهدها منارة للحرية. أما حواط الذي تنادى اليه محبوه في شكل لافت، فتحدث عن عمله الأخير، موضحاً أن عدم توافر المال لديه ليسجل موسيقاه في استوديو، دفعه الى اللجوء إلى دير البلمند في شمال لبنان حيث عزف ارتجالاً مع ثلاثة موسيقيين أربع ليال، مسجلين الاسطوانة التي سماها "رحالة". وقال: "ان العمل عودة الى الذات". ثم كان لجمهور المهرجان سهرة فنية تراثية احياها الفنان ناصر مخول مع الفرقة الفولكلورية السياحية اللبنانية "من زمان لبنان". وعزف مخول على البزق والناي قطعاً موسيقية تراثية وبعضاً من موسيقى اغاني السيدة فيروز التي بثت في الحاضرين حماسة لافتة. وأمس غرست قرب النادي 25 شجرة ارز أحضرت من لبنان، في مشاركة وزير الزراعة اللبناني علي حسن خليل والسفير اللبناني اديب علم الدين ورئيس بلدية الفحيص المهندس فؤاد سميرات ورئيس نادي الفحيص نضال مضاعين.