عبّر الحاكم المدني للعراق، السفير بول بريمر، عن قلقه من التدخل الايراني في العراق، وقال إن على جميع دول الجوار ان تمتنع عن التدخل في شؤونه لأن ذلك في مصلحتها. وقال في مقابلة مع "الحياة ال بي سي" ان القوات الاميركية تعارض قيام أي ميليشيا مسلحة في العراق، وإنها تراقب عن كثب تكوين "جيش المهدي" الذي دعا اليه حجة الاسلام السيد مقتدى الصدر. ورفض فكرة ان تكون القوات الاميركية في العراق فوق القانون، مبرراً التباين بينها وبين العراقيين بأنه اختلاف ثقافي. ووعد بتسليم كل المعتقلين العراقيين من اركان النظام السابق الى السلطات العراقية، بعد الانتهاء من محكمة جرائم حرب عراقية لمحاكمتهم. ووعد بتسريع اجراءات اطلاق سراح المعتقلين من دون وجه حق بعد حل مشكلة نقص الكادر القضائي لدى القوات الاميركية في العراق. وقلل من شأن المراهنات على اعتقال الرئيس السابق صدام حسين قريباً، مؤكداً ان التخلص من صدام لن يفيد في وقف العنف نهائياً بسبب استمرار نشاط "فدائيو صدام" والمجرمين المطلقي السراح، ومن وصفهم بالارهابيين الاجانب الذين قال انهم يتسللون عبر دول الجوار. وقال ان لدى جماعة "انصار الاسلام" قرابة مئة "ارهابي" خطيرين بدأوا ينشطون في العراق، وأكد وجود "أدلة" لديه، رفض مناقشتها، على امتلاك تنظيم "الجماعة الاسلامية" في شمال العراق انشطة ارهابية. وأوضح انه تعلم طبخة عراقية، شاكياً من عدم قدرته على الطبخ في العراق. وقال انه ذاهب في اجازة الى واشنطن لنسيان العراق لمدة عشرة أيام. وفي ما يأتي نص المقابلة: أبدأ بموضوع كان ساخناً بعض الشيء، اخيراً، ألا وهو مدينة الصدر. كيف تصف السيد مقتدى الصدر؟ هل يمكنه ان يشكل تهديداً لسياساتكم في العراق؟ هل بإمكانه ان يفسد علاقتكم بالطائفة الشيعية فهو يبدو صاحب موقف خاص ويسعى الى بناء جيش؟ - لا أريد الانزلاق الى الحديث عن فرد معين على وجه الخصوص، وانشغالنا في الدرجة الأولى هو التحقق من ان قوانين العراق يتم الخضوع إليها والالتزام بها، وأن ليس هناك اي انتهاك لها، وعلى وجه الخصوص القانون الذي يمنع التحريض على العنف. نحن نراقب عن كثب ونتابع بحذر بالغ في مختلف ارجاء البلاد الأفراد الذين ربما يحرضون على العنف، وهذا قانون مشترك لكل الديموقراطيات. وعلينا فرضه في حالات عدة ولن نتردد في فرضه اذا اقتضت الضرورة، لكنني لا أريد الانزلاق الى اي تعليق خاص عن شخص واحد او غيره. وماذا عن جيش المهدي؟ هل تعتقد انه فكرة مناسبة او تعتقد ان في الإمكان ايجاد تسوية عبر ايجاد دور اجتماعي وأمني من دون ان يحمل افراده سلاحاً؟ - لقد تبنينا منذ قدومنا الى هنا موقفاً يقوم على ان لا مكان في عراق حر وموحد لأي ميليشيا مسلحة. وكان هذا موقفنا الثابت ونحن بدأنا بالطبع عملية نزع سلاح الميليشيات في مختلف انحاء البلاد. ولا أعرف ماذا ستكون عليه النيات في حالة من هذا القبيل. ما أراه حتى الآن هو ان الناس تحدثوا عنه كجيش غير مسلح، لكن لنرَ. سترحب بجيش المهدي، إذا كان غير مسلح؟ - انا لا أرحب، ما قلت هو انني سأراقب لأرى ما اذا كان ينتهك تعليماتنا. هل سيكون مقبولاً إذا كان غير مسلح؟ - لننتظر ونرى. أنا لا أعرف اذا كان هذا الجيش موجوداً. لا أريد الإجابة على اسئلة افتراضية. سأجيب على السؤال عندما ارى اذا كان موجوداً وماذا يفعل. القوات الأميركية فوق القانون في العراق! كيف تبرر اعطاءها حصانة ضد الملاحقة القانونية؟ أليس ذلك مناقضاً للطريقة التي تدعم بها الولاياتالمتحدة القانون الدولي؟ - اولاً، القوات الأميركية ليست فوق القانون. هي هنا تعمل بموجب القانون الدولي منذ قدومنا الى العراق. نحن منسجمون مع القانون الدولي، ونحن منسجمون مع قرار الأممالمتحدة رقم 1483 الذي يقر الاحتلال هنا، ونحن نخضع لكل القوانين الدولية، وبالتالي نحن لسنا فوق القانون الدولي. ولكن عندما يصل الأمر الى الملاحقة القانونية ليست هناك اي محكمة تستطيع قبول اي شكوى ضد القوات الأميركية، وهذا ما أمرت به انت بنفسك؟ - هذا منسجم تماماً مع قانوننا الدولي، ومنسجم تماماً مع التزاماتنا في اطار القانون الدولي. ليس هناك شيء مفاجئ في ذلك. هذا امر طبيعي في ظل الاحتلال. من إذاً سيلاحق قضائياً الجنود الذين يخطئون؟ - سنفعل ذلك، وقد فعلنا. لم لا تنشرون ذلك؟ هذا سيفيد في تحسين صورتكم في العراق! - يمكننا ان ننشره متى شعرنا بالرغبة في نشره. اعتقد ان الأهم بالنسبة إلينا ان ننشر عندما ندين عراقيين يقتلون عراقيين آخرين. هذا ما نقوم به في المحاكم الجنائية. عندما نرفع قضايا ضد عراقيين يرتكبون اعمال تخريب ضد ممتلكات عراقية. نحن نقوم بالبحث بقوة الآن عن الأشخاص الذين فجروا انبوب النفط في كركوك يوم الجمعة الفائت، وإذا قبضنا عليهم سنحاكمهم بموجب القانون العراقي. وهؤلاء يقومون في الواقع بمهاجمة افراد عراقيين وممتلكات عراقية. إذاً ما تقوله هو ان الجنود الأميركيين ممن يرتكبون انتهاكات يخضعون للملاحقة، وأنتم تحققون في كل الحالات والشكاوى... - نعم نقوم بذلك. وقد حققنا في كل الشكاوى. وأصدرنا، في كل مرة كان ذلك مناسباً، اعتذارات. ودفعنا تعويضات للناس حين تعرضوا للأذى بشكل غير مقصود. قمنا بذلك في اماكن عدة في البلاد، بما فيها بغداد وليس قبل فترة طويلة. متى إذا ستنشرون هذه الحالات وتعلنون عنها لأن هناك مشكلة تتعلق بصورتكم في العراق؟ - أتحدث عن الجنود الذين يرتكبون احياناً انتهاكات كثيرة ربما تحت عامل الضغط النفسي، ربما هم خائفون، وأحياناً هم ثقافياً لا يفهمون، وأحياناً يمكن ان ينتهكوا القانون كما قد يفعل اي انسان عادي. كيف تبرهن ان هناك آلية شفافة لإظهار حسن نيتكم؟ - اعتقد ان الأمر الأكثر اهمية الذي نعمل عليه، وما نبذل قصارى جهدنا فيه، هو توليد الوعي لدى القوات الأميركية عن اهمية العادات الإسلامية والعراقية هنا. مثلاً كان هناك الكثير من الانتقادات لقيام الجنود الأميركيين بتفتيش النساء العراقيات. نتفهم الحساسية إزاء ذلك، ونحاول كلما استطعنا ان تتولى جنديات اميركيات القيام بالتفتيش. لكن الواقع هو ان عشرة في المئة فقط من الجيش الأميركي مكون من إناث. لذا لدينا فقط نحو عشرة في المئة من جنودنا هنا اناث. وهن لسن بالضرورة في الموقع المرغوب حين نريدهن للقيام بالتفتيش. لدينا الإرادة والالتزام تجاه امن هذا البلد، لبسط الأمن والقانون. وعندما يكون لدينا ما يفيد بأن هناك اناساً يخرقون القانون فإن علينا واجب القيام بشيء. ونحاول ان نقوم به بطريقة تحترم الشريعة الإسلامية والقانون الدولي. وفي اي موضع نرتكب اخطاء لا نتردد في الاعتذار. ولا اعتقد ان هناك اكثر من ذلك يمكننا القيام به بهذا الصدد. هذا اكثر ما يمكننا القيام به. ولو كانت لدى احد فكرة افضل فأتمنى لو يأتيني بها. أخَوَا صدام خضعا اخيراً للتحقيق، هل سيسلمان، كما كل السجناء العراقيين، الى السلطات العراقية، عند تشكيل وزارة العدل وتعيين وزير على رأسها؟ - أول شيء قام به مجلس الحكم الانتقالي الذي يمثل العراق، في اليوم الأول لالتئامه كان تشكيل لجنة فرعية لتقديم مقترحات عن اقامة محكمة عراقية لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية. شجعناهم على القيام بهذه الخطوة وقلنا لهم إن التحالف مستعد لتسليمهم كل شخص تصدر بحقه مذكرة جلب. ونحن مستعدون لمساعدتهم على اعداد اللوائح الاتهامية. وهم سيلاحقون هذه الدعاوى بأنفسهم عندما تتشكل المحكمة. نحن نتطلع الى مساعدتهم وعليهم الاسراع بتشكيل المحكمة. مَن، من المسؤولين العراقيين السابقين يجرى استجوابه الآن تمهيداً لاعداد لوائح اتهامية بحقه؟ - حتى الآن، وبحسب علمي، وبالنظر الى ان مجلس الحكم الانتقالي لم يشكل بعد محكمة الجرائم ضد الانسانية، ليس هناك امكانية للنظام القضائي العراقي لاستجواب هؤلاء الاشخاص. لا بد من اقامة المحكمة وتحديد اجراءاتها القانونية أولاً، وكما قلت من قبل امام مجلس الحكم الانتقالي، فإنه عندما تقام المحكمة وتكون لديها آليات لاستجواب المعتقلين، فإننا حتماً سنسلمهم وسيخضعون حينها لهذه الاجراءات التحقيقية. هناك قرابة ستة آلاف معتقل في معسكرات الاعتقال في مطار بغداد الدولي، معظمهم لم يدقق في ملفاته، وعائلاتهم لا تعرف شيئاً عن مصيرهم. وهذا، بالطبع، لا يسهم كثيراً في تحسين صورة القوات الاميركية حتى في صفوف اصدقائها، وهذا عبء عليها، فهل ستنهون هذا الوضع المأسوي في المطار؟ - نعم، هذه مشكلة. ونحن نقوم بثلاثة أمور: أولاً، هناك الآن نظام معالجة يتيح لنا ان نخبر بدقة من هم قيد الاعتقال، وهم أقل من الرقم الذي ذكرت. ولا أعرف كم عددهم، لكن في المرة الأخيرة كان الرقم خمسة آلاف. المشكلة التي نواجهها هنا ذات طابع تقني. فغالباً ما لا يكون في حوزة الاشخاص الذين نعتقلهم بطاقات هوية، او لديهم ولكن بطاقات هوية مزورة. وفي معظم الاحيان اذا لم تكن بحوزتهم هويات فإن كتابة أسمائهم العربية بالحروف الانكليزية تكون غير دقيقة. او يكتب اسمهم الأخير اذا كان مركباً بصورة غير دقيقة مثل المجيد عبد بدل عبدالمجيد. ولدينا الكثير مما يصح اعتباره مشكلات تقنية حقيقية. لكننا الآن لدينا لوائح اسماء. المشكلة الثانية اننا لسنا مرتبطين بالانترنت كفاية لنستطيع نقل لوائح الاسماء مباشرة بين مختلف انحاء البلاد بسرعة. وسنتجاوز ذلك قريباً وسننقل الاسماء بسرعة. والآن ننشر لوائح الاسماء المتوافرة لدينا في اماكن عامة وفي الجرائد وفي مراكز الشرطة ومقار المحاكم في مختلف ارجاء العراق. كما أتحنا أخيراً للعائلات زيارة اقربائهم، اذا وجدوا اسماءهم، شرط ألا يكونوا في معتقلات السجناء الخطرين، وهؤلاء يعدون بالمئات. وسمحنا أيضاً بزيارات المحامين الى هؤلاء المعتقلين في المعتقلات. وأخيراً، وهو الأهم، نحن نسرّع الوسيلة التي ينظر القضاء بها في هذه الملفات، وفي مدة 21 يوماً، وهي المدة التي يحددها القانون الدولي لتحديد ما اذا كان يجب الابقاء على المعتقل محتجزاً او اطلاق سراحه. ونحن نحاول تسريع مدة هذا الاجراء واختصارها الى 72 ساعة اذا أمكن، ليجري الاستماع الى المعتقل في ثلاثة أيام. والمشكلة التي نواجهها هنا هي ان ليس هناك مدّعون عامون في نظامنا العسكري للقيام بذلك. هذا يحتاج مدّعين عامين كثيرين، ونحن نجلب أعداداً منهم لتسريع العملية. ولكن هناك بعض الاشخاص ممن لا يزالون معتقلين منذ شهرين الى ثلاثة اشهر، من دون ان يتاح لهم الاتصال بأسرهم، وهذه تشكل مآسي لعائلاتهم، وأنتم لا تحترمون المهل التي يقتضيها القانون الدولي؟ - لا، نحن نلتزم تماماً بالقانون الدولي. هذا غير صحيح. العاملون في "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" لديهم نفاذ كامل الى جميع معتقلينا، وفي اطار الالتزام الكامل بالقانون الدولي. أوافق على ان هناك مشكلة، عندما يحتجز اشخاص لفترة طويلة ولا تعرف عائلاتهم أين هم، أو لا تعرف لِمَ يحتجزون، لذا قمت بوضع هذا النظام الجديد لتسريع العملية، والسماح للعائلات برؤيتهم وكذلك لمحاميهم. ومتى ستظهر هذه النتائج؟ - أعتقد أننا بدأنا نرى النتائج من الأسبوع الماضي. وكذلك بدأنا الإفراج عن المعتقلين ممن اعتقل بعضهم لمدة تتعدى 21 يوماً، على رغم انه أعيد النظر في وضعهم. القانون ينص على اعادة النظر في وضع المعتقل في 21 يوماً. واذا رأت هيئة التحكيم انه يجب استمرار اعتقاله، فيجب اعادة النظر في وضعه كل 20 يوماً. ونحن ملتزمون كاملاً بذلك. لكن هذا لا يجيب على السؤال الأساس الذي لا يتعلق بالالتزام فقط بالقانون الدولي، بقدر ما هو محاولة تجنب الألم غير المبرر للناس. نتفهم هذه المشكلة ونسعى قصارى جهدنا لتسريع العملية برمتها، في صورة تجعل الناس الذين نعتقلهم والذين ليس لدينا بحقهم اي تهم جنائية وهم كانوا ربما ينتهكون حظراً للتجوّل، او قُبض عليهم في عملية مداهمة وتصادف أنهم كانوا في المكان مع اشخاص أشرار... نريد ان نجعل هؤلاء الناس يخرجون من نظام الاعتقال بسرعة. وكما قلت، لدينا بعض المشكلات التقنية التي نحاول تخطيها. متى ستسمحون لوسائل الاعلام بالدخول الى معسكرات الاعتقال وتصويرها؟ لِمَ لا يُسمح لنا بالدخول؟ - هذه قضية يبت فيها العسكريون. هذه قضية أمن بأكملها. وعليك ان تسألهم هذا السؤال مباشرة. هذه معتقلات داخل منطقة آمنة تحيطها اجراءات أمنية بالغة. وهي كما يصفها البعض تشبه معسكرات خليج غوانتانامو، وأنتم لا تسمحون بالتصوير فيها علماً ان المنطقة الأمنية يكون محيطها منطقة اجراءات أمنية، وداخلها آمن، فلِمَ لا تسمح لنا بالدخول وتأخذ أنت القرار بنفسك؟ - كما قلت هذه مناطق عسكرية. وهذا سؤال يجب توجيهه الى العسكريين. إنه قرارهم، وإذا قرروا أن لا يمكن للصحافة الذهاب الى هناك لأسباب أمنية فهذا شيء سأحترمه. أليس في وسعك تخطي قراراتهم اذا رغبت؟ - هذه مناطق عسكرية ولا تخصني. أحياناً يقول العراقيون إن العدو الرئيس للأميركيين في العراق هم الأميركيون أنفسهم، إذ لا يريدون الانصات، هم متغطرسون، وحتى لو أتى اصدقاؤهم بحلول فهم بطيئون في الاستجابة، هل السبب الثقافي وراء هذا البطء؟ وهل الأمور تتغير الآن؟ لأنكم أحياناً تقومون برد فعل، اجتماعي وثقافي، اكثر مما تبادرون! البريطانيون يبدون أكثر تأقلماً، هل لأنها تجربة جديدة للبنتاغون والعسكر؟ - أعتقد ان الأميركيين مختلفون عن العراقيين. لا جدال في ذلك. الأميركيون هم حتماً سريعون جداً. لا أعتقد اننا بطيئون. لقد قمنا بآلاف عمليات إعادة البناء عبر البلاد، معظمها قام بها العسكريون أنفسهم الذين انتقدتهم قبل قليل: قاموا باعادة بناء مقرات البلديات، وتنظيف الملاعب الرياضية، إنشاء متنزهات ترفيهية. هذه غالباً يقوم بها اعضاء في القوات المسلحة الأميركية، ويقومون بها في اوقات فراغهم، وهي اوقات لا يملكون منها الكثير. لذا لا أقبل الفكرة ان الأميركيين لا يعملون بجهد ولا يعملون بقوة مع الشعب العراقي. إنهم لا ينصتون، وهم متكبرون، هكذا يُتهم الأميركيون وينظر إليهم حتى من اصدقائهم العراقيين المخلصين لهم. هل سمعت هذا من قبل ام لا؟ - مما لا شك فيه انه حينما تكون هناك ثقافتان تتلاقيان، كما هي الحال هنا، ستحدث حتماً تباينات وعمليات احتكاك. وستُفسر بطرق مختلفة. البعض سيقول ان الأميركيين متغطرسون، وربما الأميركيون سيقولون اشياء نقدية في حق العراقيين. هذا امر لا يبعث على المفاجأة. بل يحدث عندما تلتقي ثقافتان في مكان واحد. لقد امضيت نصف حياتي البالغة وأنا أعيش خارج الولاياتالمتحدة، وفي ثقافات اخرى. وهذا ليس امراً غير مألوف. وهذا ما حدث. وعلينا ان نعمل لتخطي ذلك. وكما قلت فإننا نمضي معظم عطلات نهاية الأسبوع في محاولة لتوعية قواتنا العسكرية لتحترم العادات الإسلامية والعراقية في كل اتجاه، ولدينا نجاحات حققناها، وربما ايضاً بعض الإخفاقات. لننتقل الى صدام حسين... سمعنا انباء وإشاعات كثيرة مفادها انه سيُقبض عليه قريباً. هل يبدو رقماً صعباً؟ وكيف تسير عملية مطاردته وهل ستستغرق طويلاً؟ - لا أعلم من اين بدأت الإشاعات بأنه سيُقبض عليه قريباً. ولكن حتماً لم يكن هذا الأمر فكرتي. أقول إنه سيُقبض عليه قريباً عندما يكون قد جرى القبض عليه فعلاً. وغالب الظن انه لن يكون هناك تحذير كبير مسبق عندما نقبض عليه. قد يكون ذلك الليلة او ليلة غد. سيحدث ذلك، لا شك في ان سيُقبض عليه. وقد خصصنا موارد ملحوظة للبحث عنه والقبض عليه. وسيكون مفيداً لوجودنا هنا ككل ان يقبض عليه او يقتل. هذا سيسهم في إسدال الستار على النظام البعثي مرة واحدة وإلى الأبد، لن يساعد ذلك على إنهاء كل العنف ضدنا لكنه سيساعد على تخفيفه. لم لا؟ لمَ لن ينخفض مستوى العنف إذا قُبض على صدام حسين؟ - لأنه لدينا ثلاث مشكلات اخرى. لدينا بقايا النظام البعثي: فدائيو صدام وهؤلاء هم قتلة محترفون، وهم يواصلون محاولتهم قتلنا، مع صدام حسين او من دونه. ثانياً، هناك مجرمون عددهم قرابة مئة ألف ممن اخرجهم صدام من السجون وهم يستهدفون المواطنين العراقيين اساساً بعمليات الخطف والاغتصاب والسرقة وسرقة السيارات وغير ذلك من الجرائم. ثالثاً، لدينا ارهابيون اجانب هنا في العراق يستهدفون اناساً هنا. وهذه المشكلة ستبقى ايضاً ماثلة لاحقاً. بوسعك ان تخبرنا اذاً عن تنظيم "القاعدة" والأصوليين! - لا، لم أكن أتحدث عن أي تنظيم معيّن. كنت فقط أتحدث عن الارهابيين الأجانب في شكل عام. من هم هؤلاء الارهابيون الأجانب؟ - ينقسمون الى ثلاث فئات: الأكثر إثارة للقلق هم أعضاء تنظيم "أنصار الإسلام". ونعتقد ان هناك أعداداً كبيرة منهم هنا. وهم خطيرون للغاية. ولديهم علاقات مع "القاعدة". كم عددهم؟ - لا نعرف كم عددهم، لأن المعلومات الاستخباراتية عنهم غير واضحة ولكنهم قرابة مئة على الأرجح. لدينا بعض المؤشرات الى ان أفراداً مرتبطين ب"القاعدة" موجودون هنا. وثالثاً هناك بعض الارهابيين المحترفين، ولا نعرف ما اذا كانوا اعضاء في "القاعدة" او ماهيتهم. بعضهم قد يكونون مجرد مقاتلين أجانب أتوا الى هنا للقتال الى جانب صدام. قبل الحرب أتى أشخاص من سورية، لبنان، والسعودية واليمن والسودان على سبيل المثال، أما الجزم بانتمائهم الى "القاعدة" من عدمه، فهو أمر غريب ممكن. لدينا هذه المجموعات الثلاث من الارهابية التي تنشط هنا. يُقال انه سيكون أسهل قبل الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة لو جرى حرف الحرب في العراق عن الجدل الدائر حول مبرراتها المعنوية والأخلاقية، للقول انها حرب ضد الارهاب، بما يبرر تحمل أي خسائر بشرية أميركية خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، على سبيل المثال، في حين أنك تكون قد أنجزت وأنهيت المساعدة على اقامة بعض المؤسسات السياسية في العراق لاظهار حسن الصنيع الذي تبحث عنه الولاياتالمتحدة تجاه العراقيين. ألا يمكن ان يكون هذا الرأي تفسيراً يجعلنا نرى قريباً الحديث يزداد أكثر فأكثر عن ارهابيين يأتون الى العراق، كتبرير لاستمرار العمليات والهجمات العسكرية ضد القوات الأميركية. هل هذا تفسير محتمل؟ - لا، حتى الآن الارهابيون لم يهاجموا القوات الاميركية على حد علمنا. ربما كان هناك تعاون ما بين بعض الارهابيين الاجانب من المجموعات التي ذكرت، وبين بعض اعضاء النظام السابق في الهجمات لا سيما في محافظة الأنبار. وربما حدث بعض التعاون، لكن الى يومنا هذا لم تستهدف هذه المجموعات القوات الاميركية وقوات التحالف. لكن عندما تكون لدينا مجموعات خطيرة مثل "القاعدة"، و"أنصار الاسلام" تنشط في العراق، فيجب ان نكون مدركين ان الهدف المحتمل لها هو نحن. وهم على الارجح لن يستهدفوا آخرين، وكان هناك استهداف للسفارة الأردنية ونحن لا ندري بعد من قام بذلك. التهديد الارهابي موجود حتماً هنا. وهو حتماً ينمو، وعلينا ان نحاول التعامل معه قبل ان يستهدفونا. وإذا تحدثنا عن ايران. كيف ترى الوضع؟ في البداية كنتم توجهون انتقادات كثيرة لها ول"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"، والآن بات السيد محسن الحكيم في مجلس الحكم الانتقالي؟ كيف هي علاقتكم مع ايران؟ هل لا تزال متوترة؟ - أميز بين العراقيينوالايرانيين وأنا لا أزال أشعر بالقلق بسبب التدخل الايراني في الشؤون العراقية. "الحرس الثوري" ووزارة الاستعلامات والاستخبارات الايرانية يعملان معاً وهما نشطان للغاية في هذا البلد ضد التحالف. وهذا سلوك لامسؤول وضد مصالح العراق. وأنا لم أغير موقفي في هذا الخصوص وهذا هو الموقف الأساس للتحالف. ونحن نعتقد ان عراقاً حراً يجب ألا يخضع لأي تدخل من جيرانه في شؤونه الداخلية ونحن ندرج ايران في هذا الباب تحديداً. وكيف العلاقة مع سورية على هذا الصعيد؟ - الواقع انه لا تزال هناك مشكلات ولا يزال هناك ارهابيون أجانب يتسللون عبر الحدود من سورية. أجرينا نقاشات مع السوريين بهذا الصدد. ونحن نأمل في رؤية تعاون أفضل. وهل السعوديون يتعاونون معكم ايضاً على هذا الصعيد؟ - نعم، حتى الآن. وممن تطلبون ايضاً الدعم لمحاربة تسلل الإرهابيين؟ الأردنيين؟ الكويتيين؟ - كل الجيران على ما اعتقد، يجب ان يقروا بأن لهم مصلحة طويلة الأمد في عراق مستقر، وفي عراق ديموقراطي تديره حكومة منتخبة، وليس لديه جيش يهدد جيرانه، والذي سيشكل فرصة جيدة لكل جيران العراق، على امتداد كل حدود العراق. وما نأمله هو ان يتفهم كل هؤلاء الجيران ذلك، ويقبلون الوضع، ولا يتدخلون. هل يسعك ان تشرح اكثر التعاون السعودي في محاربة الإرهاب، وفي مساندتكم والتعاون معكم؟ - التعاون بين الولاياتالمتحدة والسعودية بخصوص الإرهاب امر معقّد للغاية، وهو يتخطى بكثير موضوع العراق. وهذا امر لست معنياً فيه، لأنه يتعلق بمسائل مثل التحقيقات في موجة التفجيرات هناك. والأفضل توجيه السؤال الى وزارة الخارجية في واشنطن، او الى السعوديين، او الى السفارة الأميركية في الرياض. قصدت التعاون بشأن الحدود مع العراق؟ - نعم، التعاون الذي جرى بيننا وبين السعوديين حتى الآن، اقتصر في صورة واسعة على اعادة اللاجئين من المخيمات. وهذه المسألة تسير على ما يرام. ذكرت "انصار الإسلام" كجماعة خطيرة، ولكن ألم يتم استعداء تنظيم "الجماعة الإسلامية" بلا سبب؟ يقال ان هناك زعيماً في شمال العراق دفع قواتكم الى استعداء "الجماعة الإسلامية" لحملها على انتهاج التشدد، لأنه يريد ان يسحق اي معارضة إسلامية وداخلية في شمال العراق، قبل اجراء الانتخابات المتوقعة في اقل من عامين... هل تعتقد ان قواتكم تورطت في فخ لعبة سياسية محلية سترتد عليها في نهاية المطاف؟ - لا، هذا يبدو مثل اي نظرية شرق اوسطية معدة بشكل جيد، ولكن لا اساس لها من الصحة في الواقع. أسألك لأنك... - يبتسم مقاطعاً وجوابي هو لا. انت إذاً تعتقد ان "الجماعة الإسلامية" متورطة في انشطة إرهابية؟ - نعم، اعتقد ذلك. هل لديك ادلة؟ - لا... لا اريد الانجرار الى البحث في نوع الدليل المتوافر لدي. لذا لا جدوى من مواصلة هذه المحاولة. ولكن انت اكيد من هذه الأدلة؟ - نعم لدي وجهات نظري. نعم. كيف تقضي وقتك في بغداد؟ أنت معروف بحبك للطبخ وتعلم وصفات الطبخ؟ اي صفة طبخ تعلمتها في العراق؟ - يضحك الواقع انني احب كل الأكلات العراقية، احب الكباب، لكنني احب الرز خصوصاً، آكل كثيراً من الرز مخلوطاً مع زبيب ولوز، ولكن لا وقت لدي لأطبخ بنفسي. هل تعلمت اي طبخة عراقية؟ - لا، لأن ليس لدي وقت لأطبخ... يضحك اتمنى لو كان لدي الوقت. تعلمت تحضير اكلة فسنجون اكلة يعدها اهل النجف، ولكن لم يكن لدي وقت لتحضيرها. ربما عندما ارجع الى بلدي. ستذهب يوم الأربعاء في إجازة الى واشنطن لمدة عشرة ايام كيف ستقضيها؟ في إجراء مقابلات ومحاولة بناء دعم سياسي لك؟ - لا. آمل بالذهاب هذا الأسبوع. وفي هذه الفترة فإن الكونغرس غير منعقد وكذلك الحكومة عموماً في إجازة. وإذا ذهبت فإنني أذهب لقضاء إجازة، لا للعمل. تريد فقط ان تنسى كل شيء عن العراق؟ - نعم، هذا صحيح.