تنذر الحملة النيابية الأردنية التي تطالب الشرطة الدولية الانتربول بتسليم رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي الى الأردن، لمعاودة محاكمته في قضية فساد مالي تورط بها عام 1990، بأزمة وشيكة بين البرلمان المناهض لمجلس الحكم الانتقالي في بغداد، وبين الحكومة التي تسعى إلى تسوية قانونية لقضية الجلبي، من دون ضغوط من الولاياتالمتحدة، المتحمسة لدور له في مستقبل العراق. وقال نواب أردنيون ل"الحياة" انهم يدركون "حساسية قضية الجلبي والحرج السياسي الذي ستتعرض له الحكومة بسبب مطالبتهم بتسليمه"، لكنهم يسعون في المقابل إلى الضغط على الولاياتالمتحدة لاستجابة "حقوق دولة حليفة لها مثل الأردن الذي لم يسرق الجلبي أمواله فحسب، بل بات يثير معارك إعلامية مريبة ضده، ويحاول استعداء واشنطن عليه، عبر تذكيرها بالعلاقة الوثيقة" بين عمّان ونظام الرئيس المخلوع صدام حسين. وأكد مساعد رئيس مجلس النواب الأردني النائب الإسلامي علي أبو السكر ل"الحياة" أن 17 نائباً ينتمون إلى "جبهة العمل الإسلامي" يؤيدون مذكرة وقّعها 21 نائباً من أجل "عقد جلسة خاصة للبرلمان تدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جدية لتسلم الجلبي عبر الانتربول لإعادة محاكمته" بتهم الاختلاس وسوء الائتمان التي دين بموجبها عام 1992. وكان حكِم غيابياً بالسجن 22 سنة، بعدما ثبت للمحكمة العسكرية التي نظرت في قضيته أنه اختلس 300 مليون دولار من "بنك البتراء" الأردني الذي كان يرأس مجلس إدارته. ولفت أبو السكر الى أن "ثمة رغبة عامة في البرلمان في إثارة قضية الجلبي، وإلزام الحكومة اتخاذ تدابير جدية وسريعة"، معتبراً أن "مثل هذا التحرك سيزيد قوة الموقف الرسمي، لأنه يسعى الى إيصال رسالة الى واشنطن بمدى الحرج الذي تواجهه الحكومة في الشارع الأردني، بسبب دعم الولاياتالمتحدة الجلبي". وكانت الحكومة أتاحت تسوية قانونية للقضية في نيسان ابريل الماضي، عندما أصدرت تعديلاً لقانون الجرائم الاقتصادية، يتيح للجلبي إعادة الأموال المختلسة، وطي ملف القضية نهائياً، بعدما رفض "الانتربول" تسليمه، بحجة أن الحكم الصادر بحقه ذو طابع سياسي، وليس جنائياً. ويشير مسؤولون الى أن عمّان "لا تريد أن تبدو كأنها تناصب مجلس الحكم الانتقالي في العراق العداء، عبر مطالبتها بتسليم الجلبي، وفي الوقت ذاته لا تستطيع تجاهل إلحاح البرلمان والرأي العام للتصدي لفضيحة فساد مالي، كبد الاقتصاد خسائر فادحة". وصرح النائب المستقل محمود الخرابشة إلى "الحياة" بأن "النظام الداخلي لمجلس النواب يوجب أن تحمل أي مذكرة تطالب بجلسة خاصة تواقيع عشرة نواب على الأقل، كي يكون لها أثر قانوني". وزاد ان "البرلمان يملك حق طرح الثقة في الحكومة، إذا لم تستجب دعوته إلى التحرك لتسليم الجلبي". وتابع ان "النواب سيساعدون الحكومة في هذا المسعى، عبر رسائل سيوجهونها الى الكونغرس الأميركي، توضح أن الجلبي ارتكب جرائم اقتصادية في الأردن، توجب محاكمته مجدداً". وكان وزير الإعلام الأردني نبيل الشريف قال ل"الحياة" أول من أمس إن حكومته "تدعم القرار القضائي الثابت الذي صدر ضد الجلبي قبل سنوات، والقضية الآن، مثلما كانت في السابق، بين يدي القضاء الذي نحترم نزاهته واستقلاليته، ونرفض التدخل فيه".