يقع سوق الطيور في الجهة الغربية من شارع الملك فيصل وسط دمشق. ويمتد هذا الشارع من ساحة المرجة حتى منطقة العمارة، والسوق الذي يشغل جزءاً مهماً من الشارع يرجع الى العصر المملوكي، وقد عرف بسوق التبن أو سوق الدجاجين، وكانت تباع فيه الحبوب واللحوم والأسماك. وعرف أيضاً أواخر العهد العثماني بسوق "العلافين" نسبة الى ما يباع فيه من حبوب وأعلاف أما في الوقت الحالي فقد أطلق عليه اسم سوق الطيور لتخصصه في بيعها في شكل عام. وعلى رغم زحف الأبنية الإسمنتية الى تلك المنطقة بقي السوق محافظاً على زيه القديم وأبنيته ذات الأقواس. وبحسب ما أخبرنا يوسف ميسة أبو عماد وهو صاحب محل لبيع طيور الزينة والأقفاص ان هذا السوق الذي يبيع الطيور الآن كان يبيع الحبوب والأعلاف وكل المنتجات الزراعية في الخمسينات من القرن الماضي، وكان في القديم بحسب ما أخبره كبار السن يشتري منه كل من يمر بدمشق، أو يقصده الجنود ممن كانوا يخدمون في قلعة دمشق للتسوق... وأضاف: "نبيع في محلنا كل أنواع طيور الزينة والأقفاص المختلفة ويقصدنا الزبائن من كل الوطن العربي، إضافة الى بعض الأوروبيين ومصلحتنا تعتمد على شراء العصفور من المربي لنلعب بذلك دور الوسيط بينه وبين الزبون، وعادة ما يتحكم بسعر الطير شكله وسلالته وصوته، والأهم رغبة الناس بشرائه ويكون هذا الأمر مثل الموضة". عصام الزعيم أبو زهير قال: "منذ أكثر من أربعين سنة وأنا في هذا السوق كنا نبيع قديماً الحبوب والأعلاف، ولكن منذ عشرين عاماً أخذ السوق بالتبدل وراح الجميع يبيع الطيور. وكما ترون نبيع هنا طيور الفرّي والدجاج بأنواعه والحجل والبط والإوَزّ والقطا والسمّن والكروان وطائر الفيزون والحبش وحتى الأرانب وغيرها، ومعظم تلك الطيور تكون من سورية من سهول الجزيرة وحلب وإدلب، ونعتمد في البيع على الزبون المحلي لبعض الطيور وعلى الزبون الخليجي لبعضها الآخر". أما أبو نبيل فمحله مختص ببيع الجوارح، ويعمل في تلك "المصلحة" منذ أكثر من عشر سنوات أخبرنا قائلاً: "نبيع هنا الجوارح، وعادة ما نبيع في الصيف الطيور الحرة والشاهين وفي الشتاء نبيع النسر والعقاب واللواح، ويتحدد سعر الطائر، وخصوصاً الشاهين من حجمه ولونه فإذا كان أبيض أو أسود يكون غالي الثمن وإذا كان على سبيل المثال أخضر يكون عادياً". وأضاف: "يعتمد سوق الجوارج في شكل عام على الزبون الخليجي والموسم يكون من الشهر الثامن حتى الشهر العاشر من كل عام وتكمن مهمتنا هنا بالعمل على لقاء الصياد مع الزبون ونتقاضى نحن "الكمسيون" فقط". أما كمال هيفا أبو منذر الذي يعمل مربياً للطيور في منزله ويبيع السلاحف في محله فأخبرنا "في هذا السوق تباع إضافة الى الطيور المختلفة، الأفاعي والضفادع التي يشتريها بعض الطلاب لإجراء التجارب، أما السلاحف فتباع بكثرة اذ يعتقد البعض هنا أن وجودها في المنزل يساعد على إبعاد النحس عن صاحبها ويجلب له الحظ الطيب، لكن الأوروبيين ممن يأتون الى هنا يشترونها من أجل توازن البيئة. هكذا يخبروننا على رغم إنني لا أعرف كيف يمكن لسلحفاة أن تحافظ على البيئة وحدها". أيمن دمير جان، وهو صاحب محل في السوق قال: "يجب أن نعمل للحفاظ على هذا السوق كونه قديماً، وغالباً ما أرى السياح يلتقطون الصور أثناء زيارتهم له قرب الطيور النادرة، وكما ترون عندنا ديكة مختلفة عما هو معروف هنا، فلدينا الديك الإيراني والديك الصيني، وهذا الديك الصغير جداً يسمى ديك زهر الفول، فحتى الزبون السوري غالباً ما يتفرج على تلك الأنواع ويسألنا عن أسعارها أو أصولها". سوق الطيور وبمعزل عن جدواه الاقتصادية، يبقى مكاناً سياحياً يجلب المتعة للمتجول فيه، لكن هذه المتعة التي مبعثها جمال تلك المخلوقات ربما ينقصها إعادة الاعتبار من محافظة دمشق لهذا المكان وتحسينه وتجميله، خصوصاً أنه يقع على مقربة من أسواق الخضار واللحوم.