تحية من عند الله مباركة مشفوعة بالدعاء لكم ولعموم المسلمين نخاطبكم ونحييكم باسم العراق والعراقيين الذين عاشوا الأسر والسجن لخمسة وثلاثين عاماً على أيدي صدام وعصاباته الباغية، هذا النظام الذي جثم على صدور العراق والعراقيين وتطاير شرر جرائمه ليشمل العالمين العربي والإسلامي، وأنتم أكثر العرب معرفة بجرائمه واكتواء بناره، بما لساحة لبنان واللبنانيين من خصوصيات، ولا نحتاج الى دليل يثبت جرائمه ويكفيكم دليلاً دعمه الصريح الواضح للحكومات العميلة ولخط العمالة وملاحقته لأحرار لبنان وتصفيتهم جسدياً إضافة الى تصفية أحرار العراق وثواره. وكنا نتزود من معلومات علماء ومفكرين وأحرار وصحافة لبنان لمعرفة تفاصيل الكثير من جرائم صدام وعصاباته العميلة التي عانى منها لبنان وحريته. وانما اخترناكما "أمل" و"حزب الله" لعلمنا بنقاء الخطين وإسلاميتهما ووطنيتهما... ولهذا فقد كان أحرار العراق يذهلون حينما يرون مدى التعاطف بينكم وبين نظام صدام وفسحكم المجال في إعلامكم وصحافتكم لتلميع وجه المجرم وإعطائه الكثير من النعوت الوطنية والقومية والإسلامية، وأنتم تعلمون وتعرفون عمق الجراح وبشاعة جرائم صدام الموغل في كل دم حر، خصوصاً الجرح الدامي باغتياله العلماء والمفكرين ومراجع الدين وفلاسفة المسلمين وعلى رأسهم الإمام الشهيد محمد باقر الصدر والشهيد محمد محمد صادق الصدر والفقيد موسى الصدر... والمئات بل الآلاف من أحرار العراق والعرب والمسلمين الذين اختطفهم صدام وابتلعتهم مقاصله. وأنتم أعرف بجرائم صدام ونظامه حيث استعمل كل المجرمين في العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في الساحة اللبنانية لتصفية أحرار لبنان وفلسطين وإرهابهم ليسيروا في ركابه وينفذوا مخططاته. ومنذ أكثر من عامين ارتفعت وتيرة الود بينكم وبين نظام صدام وتلاحقت وفود النظام في لقاءات ودية، إضافة الى ما انعكس من ذلك على إعلامكم وفضائياتكم وصحافتكم من ترويج لأفكار صدام وترديد لمقولات المجرمين وتسخيركم لكثير من وسائل إعلامكم لنقل أقوال وتحركات وأكاذيب صدام وعصاباته الباغية وتلميع وجهه الكالح، وفتح المكاتب الإعلامية والتلفزيونية في بغداد، والناس تنظر مذهولة لهذا الود المرفوض والتقارب والتزاور، في وقت أصبح صدام ونظامه في مهب الريح وباتت نذر إسقاط نظامه تتوالى حتى عند اصدقائه وعملائه. وتراجع الكثير منهم واستدار الى الوراء. أما أنتم فما نعرف من قام بجمعكم بقتلة العلماء ومدمري صروح العلم والدين في العراق... والأغرب من هذا وذاك ان ودكم لنظام صدام وتعاطفكم معه صار يزداد حرارة وحماسة كلما ازدادت وتيرة غضب الشعب العراقي والأمة الإسلامية والعربية على صدام وحلقة نظامه المعزولة عراقياً وعربياً وإسلامياً، وكلما ازداد صدام ونظامه تسارعاً نحو السقوط والتلاشي، ازداد ودكم واستقبالكم للمجرمين من أقطاب نظامه وإصراركم على نهجكم غير المفهوم كلما تعالت صيحات النصح والاستنكار لذلك الود المرفوض، وانتم في السر تعللون ذلك بأعذار غير مقبولة. والأدهى انكم وإعلامكم المرئي والمسموع كان لا يريد أن يصدق أن صدام ونظامه قد قبرا الى الأبد تلاحقه اللعنات. فكان إعلامكم يتصيد الأخبار المشبوهة والصور الباهتة لصدام ونظامه ويطبل لأخبار انتصاراته الموهومة ضد الشعب العراقي وضد فرحته الغامرة بسقوط المجرم ونظامه وذهاب ريحهم. وعجزت ألسنة من يدافعون عنكم ويعللون ودكم ودفاعكم المفضوح عن النظام وجرائمه وأنتم آخر من يسلط كاميراته على المقابر الجماعية، ويحاول إعلامكم دس السم بالعسل في مثل هذه الجرائم والفجائع مُظهراً فلول العهد الصدامي المقبور بأنهم أبطال المقاومين العراقيين. وقد انهال علينا اللوم والعتب من قيادتكم واعلامكم وصمتهم المطبق عن أي تهنئة للشعب العراقي وعلمائه وقادة جهاده، في حين كنا أقمنا المسيرات والاحتفالات لنصركم العظيم في طرد الصهاينة من جنوبكم، بل كنا من أوائل المبادرين للتوجه الى جنوبلبنان وتقديم التهاني وإعلان الأفراح. والأمر من ذلك، ان البعض يذر الملح على جراحنا لتذكيرنا بغياب الاخوان في "أمل" و"حزب الله" عن وفود الهيئة العربية الإسلامية، وحتى عن كلمات وبيانات في إعلامكم تهنئ الشعب العراقي. والغريب ان موقف "أمل" و"حزب الله" قد انعكس حتى على العلماء والأدباء والمفكرين اللبنانيين الذين لم نطلع الى الآن على تحرك أخوي جاد تمثله وفود المهنئين وقصائدهم المتوقعة أو تعكسه ندواتهم ومقالاتهم المتوقعة، ولم ينعكس علينا إلا القليل. وإن كان في موقف بعض العلماء وفي المرجعية الرشيدة الواعية... في لبنان ما يعوض بعض هذا الحق ويخفف لوعة الجفاء. الناصرية العراق - محمد باقر الناصري