"التاريخ لم يحدث، والمؤرخ لم يكن هناك". كلما طالعت كتاباً في التاريخ العربي، أتذكر هذا القول، فهذا التاريخ من المصائب والحروب، وقيام الدول وسقوطها، وثائق مليئة بالثغرات، وتداعيات مؤلمة عبر العصور، حتى انها لو وُزعت على أجيال لفاضت عنها أوجاعاً وآلاماً. التاريخ أشد قسوة، وأكثر جَداً من مجرد مصادفة، ومع ذلك لا يوجد شيء يمكن التيقن منه، أو الاستناد اليه، في هذا الازدحام الهائل من الويلات، ووسط هذا الاستبداد الطويل. تداخل الكذب في الصدق، وسكن الوهم داخل أنسجة الحقيقة، ولا شيء سوى الخراب. وكل مؤرخ يقرأ التاريخ وفق منظوره، ويقدم تفسيراً مختلفاً، ويدعم رأيه بالحوادث والوقائع. وإذا بالوقائع تنقلب الى نقيض. ولكن ما قام به المؤرخون هو انهم أفقدوا التاريخ جوهره وكنهه الحي. والعالم مبعثر يستطيع أي طفل أن يرتبه على أحسن صورة، وأي أميّ لا يعرف قواعد الحساب أن يوزع ثرواته، ويحل مشكلة الجوع بين أبنائه. وهو عالم مدجج بالأسلحة والمقابر والأوبئة، مليء بالحروب الموت غير العادل. السجون التي تتحفظ على المجرمين، ومروجي الحروب، تكتظ بالأبطال الشرفاء، وتصنع نساء باكيات، وأطفالاً جياعاً يتامى. من يستطيع أن يجعل الحياة عادلة خالية من الظلم والقهر. اللاذقية - وئام عبدالرحمن أمون طالبة جامعية، قسم الجغرافية