من منّا لا يذكر المرة الأولى التي عرف فيها "كيف"، والمقصود طبعاً هو إكتشاف "سر" التناسل. فغالباً ما تتكرّر تلك القصة الطريفة والمشحونة بخرافات وتخيّلات، وتبسيطات. ويترافق هذا الشغف للمعرفة عادة مع نمو الحس الفضولي عند الأولاد أي في سنواتهم الأولى. عملياً، يتكوّن مخزون لابأس به من الثقافة الجنسية عند الأولاد قبل بلوغ المرحلة الدراسية المتوسطة، وهو العمر الذي يشكّل في معظم المناهج الدراسية السن المبدئية لاكتساب معرفة مجتزأة في هذا الموضوع! ولا بد هنا من التنويه بأن هذه المقاربة تنطبق على عصر ما قبل الانترنت ، فقد يصح التحدّث الآن أكثر عن نضج الأطفال بدلاً من الأولاد. كيف تُعالج هذه المواضيع في الصف، وكيف يتم شرح هذا الدرس الحساس وأي أجوبة تقابل شغف التلاميذ وأسئلتهم الكثيرة... والضرورية؟ أول ما يستوقف المراقب فكرة تلك الساعات الطويلة والمملة التي تدور حول موضوع تناسل النبات. تبدأ الإثارة مع درس تناسل الحيوانات... وتنتهي هنا. هذا هو السقف حتى في الصفوف المتقدمة! "أعرف كل الميزات التناسلية للأرنب وكل تفاصيل العملية التناسلية عند الأحصنة. أما التناسل البشري فلم نتناوله بشكل خاص".انها مقاربة الإنسان عبر الحيوان! وإذا كانت الدروس لا تشمل في هذه الحال التناسل البشري، ففي أحيان اخرى، تلحظ الكتب هذا الموضوع غير أن الأستاذ أو المعلمة لا يشرحانه. وقد يكون هذا القرار أقل سوءاً من السيناريو الأكثر شيوعاً وهو حين يمر الأستاذ مرور الكرام على الموضوع، فيكتفي ببعض المعلومات البديهية متجنّباً الخوض في اي تفصيل، إلى درجة تجاهل الرسوم العلمية التي تشكّل أداة أساسية لاستيعاب العملية بشكل موضوعي وواقعي. أخطر من تجنب الرسوم هو تجنّب الأسئلة! "قالت لنا المعلمة: من لديه أسئلة، فليطرحها عليّ أثناء الفرصة ولكنني لن أقبل أسئلة في الصف". غير أن الصورة تبدو وفي بعض المدارس الأخرى أفضل بكثير، إذ يُعطى موضوع التناسل أهميته. فعلى سبيل المثال يستضيف بعض المدارس طبيباً متخصصاً يتولى شرح الدرس أو إعطاء محاضرة من أجل توضيح الأمور وخلق وعي عند الطلاب عبر تناول الموضوع بشكل أبسط من الكتب. ولا بد من التنويه بهذه المبادرة التي ترسم إطاراً طبياً وواقعياً للمسألة. إلى ذلك، يتأثر جداً طرح الموضوع بشخصية الأستاذ أو المعلمة. وتكثر في هذا المجال تعليقات الطلاب الذين يشدّدون على أداء المعلّم، فيعلّقون على تصرف أو تعبير أو كلمة ما... وصولاً في بعض الأحيان إلى إمتحان معلومات الأستاذ! ينسى البعض أحياناً أن مهمة المدرسة أكثر من تعليمية، هي تثقيفية في الدرجة الأولى. وبالتالي يجب أن تكون المدرسة الإطار الصحيح، إلى جانب المنزل لاكتشاف الحياة في جوانبها كافة. وليس من الضروري التذكير بأن تحديات العصر الجديد، بخاصة في ما يتعلق بالثورة الالكترونية، تحتّم على المدرسة تجنيد كل طاقاتها لمواكبة تلك التغيرات. وأفضل طريقة لذلك هي مواكبة العصر ومواجهة الحقائق. باختصار، ان مواجهة الحياة لا تتم عبر تجاهلها!