كل الدلائل تشير الى أن المؤتمر الذي سيعقده الصحافيون العراقيون غداً الجمعة لاختيار نقيبهم سيكون صدامياً وعاصفاً. ووفر جو الحرية غير المسبوق الذي تعيشه الصحافة والصحافيون في هذا البلد بعد التاسع من نيسان ابريل الماضي، مجالاً ليس لتبادل الرأي والرأي الآخر فحسب، وانما للتصادم الحاد الذي أوشك أن يصل في الاجتماع التداولي الذي عقده هذا الاسبوع الى حد استخدام السلاح، وأكد موحان الظاهر عضو الهيئة التحضيرية التي قادت الصحافيين بعد التغيير، والمرشح لمنصب نائب النقيب، ان العديدين ممن حضروا ذلك الاجتماع كانوا يحملون السلاح بالفعل وبعضهم حمل القنابل اليدوية. وهذا ما دعا الهيئة نفسها للتفكير باتخاذ اجراءات أمنية اكثر صرامة تشمل تفتيش الصحافيين الذين يحضرون مؤتمر الغد قبل دخولهم الى القاعة. وستحضر وحدة من قوات التحالف اضافة الى الشرطة العراقية لحماية المؤتمرين، وهو أمر لم تشهده الأسرة الصحافية العراقية منذ تأسيس نقابتهم قبل اكثر من أربعين عاماً. ويتنافس على مقعد النقيب، وهو المقعد الذي ارتبط باسم شاعر العرب الراحل محمد مهدي الجواهري في بدايات تأسيس النقابة بعد قيام الجمهورية العام 1958، وشغله عدي صدام حسين في العهد السابق طيلة اكثر من عشر سنوات من دون منافس، اربعة مرشحين هم شهاب التميمي من الصحافيين الرواد الذين مارسوا العمل لنصف قرن، ومعاذ عبدالرحيم الذي التجأ الى خارج العراق منذ مطلع التسعينات عاملاً في اعلام "حركة الوفاق الوطني" المعارضة، وهاشم حسن الذي أغضبت مقالاته عدي فلفق له تهمة محاولة السفر الى الخارج بجواز مزور وحكم عليه بالسجن وبعد اطلاقه هرب وأقام في لندن، وحسن السعدي مدير التحرير السابق لجريدة "الجمهورية" الحكومية والذي هجر العمل الصحافي لرفضه الانسياق لسياسات النظام السابق وتفرغ لأعماله الخاصة. وفي الاجتماع التداولي، وداخل أروقة النقابة وخارجها، حصلت مناقشات حادة بين اعضاء الأسرة الصحافية وصلت الى حد تخوين بعض الصحافيين زملاء لهم واتهامهم بالقيام بأعمال استخباراتية لمصلحة اجهزة نظام صدام حسين والدعوة الى اسقاط عضويتهم وطردهم من النقابة. ويعترف التميمي الذي يقود العمل النقابي بصورة موقتة "ان النقابة الحالية ورثت اكثر من 1300 عضو اكتسب حقه النقابي، بينهم اكثر من 50 ضابط أمن واستخبارات، كشفت صلتهم بهذه الاجهزة بوثائق رسمية، وأقحموا على العمل الصحافي لممارسة عملهم الاستخباراتي تحت غطائه". وأضاف: "انه لا يجد لديه السلطة القانونية لطردهم والغاء عضويتهم لأن ذلك هو من حق المؤتمر العام أو مجلس النقابة المنتخب". ويثير السعدي نقطة اخرى مثيرة للجدل اذ يقول "ان هناك صحفاً تصدر الآن في العراق تمولها جهات اجنبية، وان قوى اقليمية تتسابق على شراء ذمم بعض الصحافيين لتخلق منابر صحافية لها في بلادنا. وأولى مهمات النقابة الجديدة يجب أن تكون العمل على فضح هذه المؤسسات ومحاربة كل تمويل خارجي للصحف والمنابر الإعلامية، والسعي الى استصدار تشريع قانوني يمنع ذلك". وسيناقش المؤتمر، الذي يعد الأول من نوعه بعد قيام الوضع الجديد في العراق، قضايا أخرى لا تقل إثارة وأهمية على صعيد الحريات الديموقراطية، خصوصاً حرية التعبير والنشر في ضوء تعددية المنابر الصحافية التي تجاوزت المئة والخمسين منبراً. ويحضر المؤتمر ممثلون عن اتحاد الصحافيين العرب ومنظمات صحافية دولية.