يبحث الاتحاد العربي اليوم في اجتماعه مع ممثلي الدول العربية الأربعة المرشحة لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2010، وهي مصر والمغرب وتونس وليبيا سبل التنسيق في ما بينها في مواجهة المرشحتين الأخريين وهما نيجيرياوجنوب أفريقيا. والأكيد أن الاتحاد العربي حريص على المصلحة العامة، وسيبذل كل جهده من أجل توحيد الصف والاتفاق على مرشح واحد أو اثنين على الأكثر، حتى لا "تتمزق" الجهود وتتبعثر في أروقة الاتحاد الدولي للعبة لحظة التصويت على اختيار الدولة المستضيفة. لكن هل يكون في مقدوره التوصل فعلاً إلى حل مناسب، نتمنى ذلك! المشكلة أن السوابق العربية الكثيرة في شأن "عدم الاتفاق" تفوق كثيراً حالات "الاتفاق"، ومن هنا نخشى أن يتحول هذا الاجتماع إلى جلسة "بيزنطية" كعادة الاجتماعات العربية التي لا نخرج منها لا بأبيض ولا بأسود. وما يزيد هذه النظرة "التشاؤمية" أن كل دولة ترشحت أكدت على طول الخط أنها أحق من غيرها بالتنظيم، وأنها لن تحيد أبداً عن قرار الترشح الذي اتخذته بعد دراسة متأنية ووافية ثبت في نهايتها أن في مقدور هذه الدولة أكثر من غيرها، أن تنجح في نيل هذا الشرف الكبير. ربما يكون المغاربة هم الأكثر قرباً، من بين العرب، للوصول إلى الغاية المنشودة، على اعتبار أن هذه هي المرة الرابعة التي يقدمون فيها ملفهم... والأكيد أنهم استفادوا من أخطاء التجارب الثلاث الفائتة. لكن مصر تظهر أيضاً بريادتها العربية والأفريقية في كل شيء، مرشحة فوق العادة لما تملكه من إمكانات كبيرة خصوصاً على الصعيد البشري... ولكنها لا تزال بحاجة إلى وضع بعض اللمسات على "سلوكيات" بعض الجهات المعنية بالأمر، حتى تكتمل الصورة الزاهية. وتونس، بكل ما تملك من مقومات سياحية وانفتاح على الغرب، هي الأكثر قرباً إلى قلوب الأوروبيين ما يعني أن أحداً يمكنه الانتقاص من فرصها. وتبقى ليبيا، الفتى المدلل لدى رئيس الاتحاد الدولي، السويسري جوزف بلاتر، وبالتالي لدى القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي الذي أكد قبل أيام في بيروت أنه يقف قلباً وقالباً مع الساعدي القذافي، على رغم أنه كان أكد قبل ذلك بيوم واحد للزميل أحمد شوبير في برنامج "الكرة مع دريم"، أنه يرى أن المغرب ثم مصر هما الأحق بالمساندة والدعم! ربما تملك ليبيا بضعة ملايين من الدولارات لإنفاقها على ملف الترشح ومتطلبات الاستضافة، لكن الأكيد أنها تفتقد أموراً أخرى كثيرة تستلزمها استضافة حدث بمثل هذا الحجم. أما فكرة التنظيم المشترك فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً، لأن مقومات نجاحها غائبة بالكامل ولا يمكن توفيرها في خلال السنوات القليلة المقبلة التي تسبق موعد المونديال. ومن خلال تجربة شخصية خضتها بنفسي في مونديال كوريا الجنوبية واليابان، أؤكد أن اللاعبين والمنظمين والجماهير والإعلاميين ذاقوا الأمريّن من أجل ملاحقة الأحداث... على رغم توافر كل سبل الراحة في الانتقالات سواء داخل البلد الواحد أو بين البلدين، ويكفي أن نعرف أن هناك نحو 80 رحلة جوية يومية تربط بين كوريا الجنوبية واليابان غير العبارات البحرية وغيرها لنتأكد أن نجاح الأمر من سابع المستحيلات في بلادنا ... فأين لنا نحن بكل هذا، وكم رحلة طيران تربط بين القاهرة وطرابلس أو تونس والدار البيضاء وهكذا؟ نحن نتحدث عن استضافة بطولة يتوقع أن يحضرها في موقع الحدث نحو ثلاثة ملايين شخص على أسوأ الفروض، وسيتواجد غالبيتهم في وقت واحد في مكان واحد... فكيف يمكن لنا أن ننقلهم إلى مكان آخر من دون تأخير أو تعطيل أو ارتباك، خصوصاً أن الدقة في مواعيدنا عموماً وطيراننا العربي خصوصاً مفقودة تماماً. الآمال تبقى طبعاً كبيرة بأن يتفق الأخوة العرب على مرشح واحد من بينهم، وهذه ستكون الخطوة الأولى، أما الثانية وهي الأصعب فيطرحها السؤال الحائر والصعب في آن: كيف نتغلب بعد ذلك على جنوب أفريقيا التي تلعب أوراقها بطريقة تشير إلى أنها ضامنة الفوز بالسباق حتى قبل أن تبدأه؟