أعلنت الشرطة البريطانية امس ان الخبير البيولوجي البريطاني الدكتور ديفيد كيلي الذي سبّب موته مزيداً من الحرج لحكومة توني بلير في قضية "تضخيم" خطر العراق لتبرير ضربه، توفي بنزيف نتيجة قطع في رسغه، ما لا يترك مجالاً للشك في انه انتحر. وأعلنت الحكومة البريطانية ان كيلي وهو عالم احياء دقيقة وخبير في اسلحة الدمار الشامل، كان مصدر تقرير اخباري لهيئة الاذاعة البريطانية اتهم مسؤولين بالمبالغة في معلومات الاستخبارات في شأن اسلحة العراق لتبرير الحرب. وقال ناطق باسم شرطة تايمز فالي ديفيد بورنيل: "يمكنني ان اؤكد ان الجثة التي عثر عليها في هاروداون هيل على بعد 70 كيلومتراً غرب لندن، في محافظة أوكسفورد شاير هي لديفيد كيلي". واضاف: "كشف الفحص بعد الوفاة ان سبب الوفاة هو نزيف من جرح في الرسغ الايسر. يشير الجرح الى انه حدث بآلة حادة. عثرنا على سكين وعلبة مفتوحة تحتوي على حبوب كوبروكسامول مسكن للآلام في المكان". وزاد: "تحقيقاتنا ما زالت مستمرة، الا انه لا يوجد في المرحلة الحالية ما يشير الى ضلوع اي طرف آخر". وطلب من الصحافة احترام الحياة الخاصة لعائلة كيلي في "هذا الظرف الصعب". وكانت زوجة كيلي، جانيس، وواحدة من بناته الثلاث غادرتا المنزل قبل الظهر بمرافقة الشرطة الى مستشفى جون رداكليف في اوكسفورد للتعرف الى الجثة التي عُثر عليها صباح الجمعة على بعد نحو ثمانية كيلومترات من منزله، في غابة قريبة من هاروداون هيل. وكان غادر منزله بعد ظهر الخميس قصد التنزه. وقالت عائلته انه لم يكن معتاداً على القيام بنزهات طويلة بمفرده. واشارت زوجته في حديث نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية امس الى ان الشرطة ترجح فرضية الانتحار. لكنها قالت انها لم تشتبه بوجود رغبة لدى زوجها بالانتحار "على رغم تعرضه لضغوط كبيرة جداً، مثلنا جميعاً". واكد ديفيد كيلي 59 عاماً، الخبير في الاسلحة الجرثومية العراقية، الثلثاء امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني انه لم يكن المصدر الرئيسي الذي استندت اليه "بي بي سي" لتقول ان الحكومة ضخّمت ملف الاسلحة العراقي. ولامت وزارة الدفاع البريطانية ديفيد كيلي بعدما "تطوّع" وقال لها انه تحدث فعلاً الى الصحافي اندرو كيليغان الذي أورد التهم ضد الحكومة. ووصف رئيس الوزراء توني بلير أمس موت كيلي بأنه "مأسوي" ووعد بتحقيق مستقل لكشف ملابساته. وعند سؤاله في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني جونتشيرو كويزومي هل "يداه ملطختان بالدماء" وهل سيستقيل؟ اكتفى بلير بالتحديق امامه وامتنع عن الكلام. كما رفض القول اذا كان وزير الدفاع جيف هون او مسؤول الاتصالات الستير كامبل عرضا استقالتهما بسبب وفاة كيلي. وأكد بلير ان لجنة تحقيق قضائية مستقلة ستحدد الوقائع وراء وفاة كيلي. وأضاف: "المهم الآن ان هناك عملية تجري ... لا اعتقد بأنه من الصواب ان يصدر اي شخص سواء نحن او غيرنا حكماً قبل معرفة الوقائع". ووصف وزير الدفاع البريطاني جيف هون وفاة كيلي بأنها "مأسوية"، وقال انه يجب "ان نقوم بكل ما نستطيع لكشف كل الظروف المحيطة بهذه المأساة". ووعد بمنح اللورد هاتون، رئيس اللجنة القضائية المستقلة التي ستُحقق في وفاة كيلي، "كل التعاون". ورفض هون في مقابلة مع "بي بي سي" الموافقة على انه مارس ضغوطاً مباشرة على الدكتور كيلي، بعد كشف هويته. وقال انه حاول جهده ان يحميه من ضغوط لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان إذ كتب الى رئيس اللجنة دونالد اندرسون طالباً منه الأخذ في الاعتبار ان كيلي ليس معتاداً على الظهور علناً والتعرض لأسئلة شديدة كالتي تطرحها اللجنة على الذين تستجوبهم. ودافع اندرسون بدوره عن الاسئلة التي طرحها اعضاء لجنته على كيلي. وقال: "إذا كانت قوية، فإن الانتقاد يظهر وكأنه كان موجهاً الى وزارة الدفاع أكثر مما كان موجهاً اليه". واعتذر عضو اللجنة العمالي اندرو ماكينلي عن "أي ضغط" يمكن ان يكون تعرض له كيلي بسبب اسئلته الشديدة، وقال انه لم يقصد ذلك. وكان قريبون من كيلي قالوا ان الاسئلة التي وجهت اليه في جلسة الاستجواب كانت غليظة ومهينة أحياناً مثل وصفه ب"المغفّل". رولف ايكيوس في باريس أ ف ب، صرح الرئيس السابق لمفتشي اللجنة الخاصة للامم المتحدة في العراق انسكوم رولف ايكيوس في مقابلة بثت امس ان ديفيد كيلي يستحق جائزة نوبل لنزع الاسلحة. وقال في مقابلة مع صحيفة "لو موند": "عرضت مراراً اسم كيلي على لجنة نوبل". واضاف: "برأيي انه كان لا بد لكيلي وفريقه من الحصول على جائزة نوبل لنزع الاسلحة لما قاموا به في اطار انسكوم اللجنة الدولية الاولى لنزع الاسلحة العراقية. فبدونهم لما علم العالم بوجود اسلحة بيولوجية في العراق". وقال ان كيلي "كان عالماً فذا، على مستوى رفيع ولم يكن سياسياً. فالجانب السياسي في عمليات التفتيش عن الاسلحة لم يكن يهمه".