أكدت الحكومة السودانية انها سترفض اقتراحات وسطاء "ايغاد" اذا أعادوا تقديمها في الجولة المقبلة من مفاوضات السلام مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" المقررة بعد اسبوع، ما لم تدخل عليها تعديلات. في غضون ذلك جدد مسؤول بارز سابق في الحكومة السودانية طرح دعوة مثيرة للجدل تركزعلى استفتاء شمال السودان على الانفصال، وطالب الرئيس عمر البشير بتنفيذ "قناعاته القديمة باختيار الانفصال على استمرار الحرب". وحذرت "الحركة الشعبية" الحكومة السودانية من "مصير مشابه لنهاية الرئيس العراقي السابق صدام حسين"، واعتبرت ان "عملية السلام برمتها باتت على حافة الانهيار". أكد المتحدث باسم الوفد الحكومي الى محادثات السلام سيد الخطيب في مؤتمر صحافي عقده عقب عودته من نيروبي ليل الاحد الاثنين ان حكومته سترفض اقتراحات "ايغاد" اذا عُرضت في جولة التفاوض المقبلة في 23 من الشهر الجاري، الا في حال تعديلها. واعتبر الاقتراحات "اداة لتفكيك السودان وليس حكومة الانقاد". واوضح ان وفد الحكومة المفاوض اعترض على ثلاث قضايا في اقتراح اقتسام السلطة اذ انها تجعل الجنوب حكراً على "الحركة الشعبية" وتتجاهل القوى الجنوبية الاخرى، كما انها لا تهتم بالتقسيم الفيديرالي داخل الجنوب ما يجعل الجنوب يبدو كياناً منفصلاً لا علاقة له مع الحكومة المركزية. وأقرّ الخطيب بعدم وجود كلمة علمانية في ما يتعلق بوضع العاصمة، ورأى ان اقتراح الوسطاء "كان غامضاً على خلاف ما اتُفق عليه في بروتوكول مشاكوس" الذي وقعه الطرفان العام الماضي. ورفض الخطيب تحديد موعد لتوقيع اتفاق السلام، وقال ان مسألتي اقتسام السلطة والثروة نوقشتا، ورأى ان المحادثات "قطعت شوطاً بعيداً وما بقي اقل بكثير مما تحقق"، لافتاً الى ان حكومته لم ترفض كل اجزاء اقتراحات الوسطاء. وتابع: "اذا قدمت وثيقة معقولة سنذهب الى جولة المحادثات الجديدة والا فسيكون لنا موقف متحفّظ منها ومن ادراجها كوثيقة اساسية للتفاوض". وفي سياق متصل، يصل الخرطوم غداً المبعوث الرئاسي الاميركي الى السودان السيناتور السابق جون دانفورث حاملاً اقتراحات وافكاراً اميركية لإنقاذ عملية السلام من الانهيار. وسجري المسؤول الاميركي محادثات مع الرئيس عمر البشير ونائبه الاول علي عثمان محمد طه ومستشاره لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين ووزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ولجنة حوار الاديان. وسيجري دانفورث ايضاً محادثات مع قادة التجمع المعارض في القاهرة قبل وصوله الى الخرطوم التي سينتقل منها الى نيروبي للقاء قادة "الحركة الشعبية". مطالبة بفصل الشمال من جهة اخرى، ارتفعت مجدداً الاصوات التي تدعو الى فصل الجنوب عن الشمال. وطالب وزير الدولة للاعلام السابق الطيب مصطفى في مقال نشرته اكثر من صحيفة في الخرطوم امس بفصل جنوب البلاد عن شمالها، وقال ان "الجنوب أخرج الشمال من الدنيا صفر اليدين ويريد الآن اخراجه من الدين ايضاً". وذكر مصطفى، وهو خال الرئيس عمر البشير ان "الأمر بيد رئيس الجمهورية، وهو الجدير بأن يحتل مكاناً في التاريخ ويصحّح خطأ لا يجرؤ غيره على تصحيحه بعد ان بلغت الحلقوم، وحوصرنا في ديننا وهويتنا بأن يعرض امر العلاقة بين الشمال والجنوب في استفتاء على أبناء الشمال الذين من حقهم تقرير مصير علاقتهم بالجنوب حتى يعيشوا احراراً". وزاد: "آن الأوان للرئيس ان ينفّذ قناعاته القديمة التي صرّح بها على رؤوس الاشهاد بأن يختار الانفصال على استمرار الحرب بعد ان تعذّر السلام". وفي اسمرا حذّر الامين العام ل"التجمع الوطني الديموقراطي" والقيادي في "الحركة الشعبية لتحرير السودان" فاغان اموم الحكومة من "نهاية مشابهة لنهاية نظام صدام حسين في العراق"، معتبراً ان "عملية السلام برمتها على حافة الانهيار". واعتبر ان رفض الحكومة اقتراحات الوسطاء "يمثل نكسة تهدد بانهيار كل مفاوضات السلام وما تم الاتفاق عليه منذ مشاكوس" في تموز يوليو من العام الماضي. واضاف: "ان الموقف كشف عدم رغبة النظام في السلام وعدم استعداده التخلي عن عقليته الشمولية الرافضة لقبول الآخر، انطلاقاً من موقف ايديولوجي اصولي متطرف ونفسي لا يقبل التنازل عن جزء من السلطة". ورفض اموم اعتبار المشروع المقدم من الوسطاء منحازاً الى جانب حركته وانه يمثل خروجاً عن روح اتفاق مشاكوس، قائلاً ان المشروع "جاء تفصيلاً لإطار مشاكوس في ما يتعلق بقسمة السلطة والثروة والترتيبات الامنية وقضايا المناطق الثلاث"، معتبراً ان بعض الاقتراحات صبّت في مصلحة الحكومة اذ خصصت لحزب "المؤتمر الوطني الحاكم نسبة 50 في المئة من مقاعد الحكومة فيما حدد للحركة 25 في المئة وأبقى على ال25 في المئة الباقية من الحكومة القومية الانتقالية للقوى السياسية الاخرى". واكد أموم وجود "سلبيات ومآخذ في مشروع الوسطاء إلا ان الحركة قبلته لأنه يمثل الحد الأدنى من مواقف الطرفين المطروحة في الجولات السابقة". طلب وساطة عربية وفي القاهرة، طلب رئيس مجلس تنسيق الولاياتالجنوبية نائب رئيس حزب المؤتمر الحاكم في الخرطوم، رياك قاي من جامعة الدول العربية ومصر التدخل لدى المتمردين الجنوبيين و"ايغاد" لسحب اقتراحات الوسطاء التي ادت الى تعثر مفاوضات السلام. واوضح قاي انه قدم هذا الطلب اثناء لقائه في القاهرة أمس، مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. واعتبر ان الاقتراحات التي قدمتها "ايغاد" "غير جادة وتؤدي الى تكريس انشاء دولتين وتفتت وحدة السودان قبل بدء الفترة الانتقالية التي نص عليها بروتوكول مشاكوس". وقال إن الاقتراحات تعطي "الحركة الشعبية لتحرير السودان" "السلطة المطلقة في الجنوب وتهمش المجموعات الاخرى في المنطقة". واضاف قاي ان الخرطوم رفضت ايضا هذه الاقتراحات لانها تمنح "نائب الرئيس الذي قد يكون جنوبيا، حق النقض الفيتو على قرارات رئيس الجمهورية وتسمح بانشاء جيشين جنوبي وشمالي مع وزارتي دفاع".