كان الرئيس جورج بوش وموظفو الادارة الاميركية يعتقدون، ان العرب وصلوا الى حال من الهزيمة والاحباط الى درجة من الممكن ان تجعل القادة العرب - الذين طلب الرئيس بوش اللقاء بهم في شرم الشيخ - يوافقون على كل المطالب التي تريدها واشنطن منهم حتى تكافئهم بتدخل الرئيس بوش شخصياً لإقرار مشروع "خريطة الطريق" للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل. ولكن الادارة الاميركية - التي قادت قمة شرم الشيخ - فوجئت بالموقف السعودي الرافض للطلب الاميركي ب"التعهد باتخاذ ما يلزم من خطوات لتطبيع العلاقات مع اسرائيل". ووصل الرفض السعودي لموضوع "التطبيع" الى درجة ان ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رفض حضور اللقاء العربي مع الرئيس الاميركي قبل إزالة فقرة اقترحها وزير الخارجية الاميركي كولن باول تتعلق بالتطبيع العربي مع اسرائيل من اعلان المبادئ العربي الذي صدر في شرم الشيخ، وهدد بانسحاب الوفد السعودي من هذه القمة، وبالفعل بدأ اللقاء بين الرئيس بوش والقادة العرب الآخرين من دون حضور ولي العهد السعودي الأمر الذي جعل الرئيس الاميركي - الذي لم يكن يعلم بهذا الإصرار السعودي - يتساءل عن سبب غياب "صديقه" الأمير عبدالله، فأخبره الرئيس المصري في حينها بالموقف السعودي المطالب بحذف الفقرة الخاصة بتطبيع العلاقات مع اسرائيل، وهنا أمر الرئيس بوش بحذف هذه الفقرة ودعوة الأمير عبدالله للحضور، وانضم ولي العهد السعودي بعد نصف ساعة الى الاجتماع. وكان الموقف السعودي الرافض للإشارة الى مسألة تطبيع العلاقات العربية مع اسرائيل يستند الى المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002، فهذه المبادرة برأي السعودية هي قرار جماعي تبنته الدول العربية يتضمن استعداداً عربياً للاعتراف والتطبيع الشامل مع الدولة العبرية مقابل تحقيق السلام الكامل القائم على الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كل الاراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول حين وصل الى شرم الشيخ قبيل وصول رئيسه، حمل لنظرائه العرب الخمسة المطالب الاميركية المطلوب من العرب الالتزام بها سواء بما يتعلق منها بعملية التسوية او مكافحة الارهاب. ولم تكن مسألة فتح الطريق لعملية تطبيع العلاقات مع اسرائيل لتشجيع الحكومة الاسرائيلية على المضي في عملية السلام هو المطلب الاميركي الوحيد، بل طالب بأن يتعهد القادة العرب بدعم الحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس كممثل للسلطة الفلسطينية، ولكن الدول العربية وجدت ان في ذلك دعماً لمحمود عباس على حساب الرئيس الفلسطيني الشرعي والمنتخب ياسر عرفات ،ومن هنا تبنت مصر وبتأييد سعودي رفضاً لهذا الطلب الاميركي وتم التوصل الى صيغة يتم فيها التشديد على دعم السلطة الفلسطينية ومساندة التزام الحكومة الفلسطينية، كما حدد في اعلان المبادئ. وكان واضحاً من تصرفات الرئيس الاميركي مع رئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس وطريقة التعامل معه والاهتمام به مدى الدعم الاميركي لرئيس الحكومة الفلسطينية.