شباب هرب من عالم المواعدة الواقعي وراح يجذّف في بحار الشبكة العنكبوتية، باحثاً عن شريك افتراضي يفهم روحه قبل ان يحكم عليه بناء على المظهر. شباب عربي من مختلف الأقطار التقى في ساحات الدردشة، قلوب انفطرت وأخرى التأمت، معلومات كاذبة وصفات لا تشبه مدّعيها رميت أمام متلقٍ لا يأبه ان تكون حقيقة او وهماً في محاولاته البائسة للعثور على من يستمع اليه. سليم ورندا وديانا وجيهان أربعة نماذج لبنانية من جيل سرقته مقاهي الانترنت وصفحات ال"ويب"، التقتهم "الحياة" وتحدث كل عن تجربته: يقول سليم 28 عاماً المقيم في استراليا منذ 5 سنوات بعيداً من أهله وأصدقائه: "الانترنت ملاذي وقاتل المسافة بيني وبين الوطن، المواعدات الافتراضية تقربني من بيروت وبناتها". ويضيف: "منذ هجرتي الى استراليا أعيش في حنين الى كل ما يشبه بيروت، الحياة صعبة هنا وعقلية الفتيات الاستراليات اللواتي أواعدهن تختلف كثيراً عن عقلية العربية عموماً واللبنانية خصوصاً على رغم سيئاتهن". ويمضي قائلاً: "تعودت على دخول غرف الدردشة العربية، خبرت "السايبر دايتينغ" ووجدت عبره فتيات من بيئتي، تعرفت الى البعض، وعادتني البعض، وصرت من أعز الأصحاب مع البعض الآخر"، ليلفت الشاب الذي تزوج قبل 9 أشهر من أسترالية من أصل لبناني الى انه توقف عن المواعدات الافتراضية بعد زواجه "لكنني عدت اليها بعدما اكتشفت ان زوجتي لا تشبه العربيات بشيء، فهي استرالية بامتياز تأتي نفسها في الدرجة الأولى وأنا آخر اهتماماتها"، مؤكداً ان "من أواعدهن افتراضياً صديقات حقيقيات، يخبرنني عن شجونهن وأنا بدوري أفعل بالمثل، فهي صداقات نظيفة لا غاية منها ولن تنتهي بالسوء". أما رندا المقيمة في بيروت 29 عاماً وتعمل في مجال الاعلان، فقد أدمنت المواعدة الافتراضية منذ سنوات، "منذ قطعت الأمل في شباب الواقع اللبناني، رحت أبحث عنهم في عالم الافتراض، وأعود بهم الى أرض الواقع". وواعدت الشابة عبر غرف الدردشة الكثيرين، تقول: "كنت أواعد أحدهم وبعد فشل العلاقة أتعرف الى آخر". وكانت الشابة "وفقت" بلبناني مقيم في إحدى الدول العربية، نشأت بينهما صداقة تحولت الى تعلق ثم حب، "حضر الى لبنان وصرنا نتواعد، ثم سافر ليعود بعد عام ويستقر نهائياً في بيروت. عودة لم تكن موفقة، ذلك ان عمله لم ينجح هنا"، وكان الافتراق بعدما وجدت الشابة في صديقها "مشروع زواج فاشل". الصديق التالي كان اجنبياً ينتمي الى إحدى المنظمات العالمية العاملة في بيروت، واعدته مرتين أو ثلاثاً لتنتهي العلاقة مع اكتشافه "أنني ابنة بيت قليلة الخروج لا تتناسب مع مقاييس فتيات ال"شاتينع" اللواتي كان يتوقع الفوز بإحداهن" على حد قولها. النموذج الثالث ديانا 25 عاماً طالبة في أحد معاهد اللغات الاجنبية في بيروت، اعتادت دخول غرف الدردشة الخاصة بالمعهد العالمي للتمكن من الانكليزية، التقت شاباً مصرياً ينتمي الى المعهد نفسه، توطدت صداقتهما وراح احدهما يزور الآخر في بلده، الى ان تحولت الصداقة الى علاقة غرامية. تقول: "لم يكن هدفي البحث عن صديق وإنما التمكن من اللغة. شاءت الظروف ان التقي انساناً مميزاً حصلت "كيمياء" بيننا، انسجام توطد بعد لقائنا في بيروت ثم في القاهرة"، ولا تستبعد الشابة ان تتحول العلاقة الى ارتباط. أما جيهان، فالانترنت ساحة ومتنفس لها لا تطلع فيه الطرف الآخر الا على الأكاذيب. تقول: "لا أخبرهم من أنا، حتى أقدم أحياناً على الادعاء بأنني شاب. الكثير من النماذج التي ألتقيها بائسة، والكثير لا يأخذ الأحاديث الافتراضية على محمل الجد".