قال لي أحد الزملاء إن ل «إيران» من سخطك مثل حظ الذكر من ميراث أبيه. وسألني لماذا تلوّح أمامهم دائماً ب «المنجنيق»؟ فجاء ردي التلقائي «اللحظي» هكذا: «إيران كانت خطراً على أجدادنا في الماضي، وما زالت تشكّل خطراً علينا في الحاضر، وسينال أجيالنا في المستقبل من خطرها مثل حظ الذكر من ميراث أبيه». وزدت: «سأبقى ملوّحاً ضدها ب «سلاح القلم»، تارة محذراً ومنبهاً، وتارة أخرى مطالباً بمواقف عربية صامدة، لا تعرف الجمود والانكسار، وعلى الحكومات الخليجية أولاً والعربية ثانياً، ارتكاب جريمة العمليات الجراحية «الديبلوماسية» لا الطائرات «الحربية». كنت على يقين في صيف 2005 بأن ربيع السياسة الإيرانية الخارجية مع الدول الخليجية سينتهي، حينما يتولى الرئيس المتشدد أحمدي نجاد سلطاته، وبدأ ذلك يظهر سريعاً، إذ بدأ منذ الأشهر الأولى في اتجاه مخالف لمسار سلفه الإصلاحي محمد خاتمي، رامياً بمكتسبات السياسة الإيرانية الإصلاحية وراء ظهره. جاء نجاد بصحبة «عصبة» من الكارهين الناقمين على أهل الخليج، يساندهم طابور خامس من العرب. طابور يرقص على أنغام «البترو دولار»، مهمته تنفيذ أجندة إيران، وتوسيع نفوذها الإقليمي، في ظل احتلال العراق، واختلاف عربي بعد اغتيال الحريري. لعب الطابور الخامس دوره وفق أهواء وأغواء إيران، فظهر بوجوه «متلوّنة» عدة، بهدف تمزيق دول الخليج «الثرية» لمصلحة إيران، محاولاً التشكيك في مواقفها، وآملاً بنضوب آبار نفطها، حتى يعود مواطنوها فقراء، وأراضيها صحراء لا خضراء. طابور خامس يخطب ود كل خصوم دول الخليج، على أمل ان يرى «دول الثروات» تتهاوى، لتغدو بلا أمن او استقرار. طابور خامس «مسمن» منتفخ الأوداج والأهداج، تحرّكه ضد «الخليجيين» أحقاد وكراهية وبغضاء سوداء. طابور خامس تحرّكه «شعارات» إيران، على أمل إيقاظ فتن نائمة وعصبيات نتنة داخل البيت الخليجي لاختراق نسيجه الاجتماعي، عبر تسويق الأكاذيب والمغالطات والصور المشوّهة، وما أكثر المضحك مما ينفث هؤلاء من سموم «الكراهية» ضد دول الخليج العربية في وسائل الإعلام الإيرانية. وجوه «سوداء» كانت تتهم إيران وتعاديها، عندما كانت لا تنفق عليها، وبقدرة قادر أصبحت تصفّق لها وتمجّدها وتسوّق مواقفها وتنافح عنها. ليس بمستغرب فتلك سياسة الطابور الخامس، الذي يسيل لعابه عندما يرى دولاراً أخضر، إذ تتجه بوصلته ومواقفه «الكاذبة» نحو من يعطي أكثر، خصوصاً أن إيران في عهد نجاد، تصرف على الخارج بسخاء على حساب الداخل «المقهور». الأكيد ان الأطماع الإيرانية تجاه دول الخليج لن تتوقف عند محاولات زعزعة الأمن والاستقرار، بل تعمل محركاتها الموالية والمؤيدة لها على تبسيط مهمة استيطان الأراضي العربية، وسهولة تصدير الثورة، وتجنيد المؤيدين والموالين والمنافحين عن مواقفها، إذ يعمل هؤلاء عبر استغلال المذهبيات وهموم الأقليات، لضرب اللُحمة الاجتماعية والوطنية في دول المنطقة. النيات الإيرانية «مستمرة» في تهديد الروابط واللُحمة العربية، ولا شك في أنها لا تختلف كثيراً في خطورتها عن الخطر الإسرائيلي الجاثم على الصدر العربي منذ ستين عاماً، وإذا لم تتكاتف الجهود قولاً وفعلاً وعملاً لمواجهة «دسائس» إيران، وفضح طابورها الخامس، فستُباع العروبة «علناً» في المزادات الإيرانية بأثمان بخسة.