علمت "الحياة" من مصادر التحقيق الفرنسية أن اعتقال مريم رجوي زوجة رئيس منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة يرتبط بنشاطها بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وباحتمال قيام المنظمة بعمليات إرهابية. وفيما أبقت الشرطة الفرنسية على اعتقال رجوي، شهد محيط مقر الاستخبارات الفرنسية في باريس تجمعات احتجاج لمؤيديها، حاول أثناءها رجل وامرأتان إحراق أنفسهم ما أدى إلى وفاة واحدة، كما وقعت محاولة مماثلة أمام السفارة الفرنسية في برن. كذلك تظاهر عناصر المنظمة الذين أفرج عنهم ومناصرون لهم أمام مقرهم الذي أغلقته الشرطة. وفي غضون ذلك امتدت الاضطرابات الطالبية إلى عدد من المدن الإيرانية بعدما كانت محصورة في طهران. وأشارت وكالات الأنباء إلى اشتباكات وإلى توقيف العشرات. أكد مصدر فرنسي مقرب من القاضي جان لوي بروغيير المهتم بالتحقيق في ملفات الإرهاب ل"الحياة" أن اعتقال مريم رجوي زوجة رئيس منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة مرده إلى ارتباط نشاطها ونشاط المنظمة عموماً بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين "الذي لا يزال على قيد الحياة وتربطه علاقة قوية بالمنظمة كونه دعمهم مالياً وسياسياً". وكانت مصادر فرنسية مطلعة أكدت ل"الحياة" أن العملية التي تمت أمس الأول في أوفير سور واز ضاحية باريس وأدت إلى اعتقال 165 من أعضاء المنظمة المجاهدين والعثور على سبعة ملايين دولار، مرتبطة بتحويل هذا المقر إلى معقل خلفي لعمليات إرهابية تعد لها المنظمات. وأبدت مصادر ديبلوماسية أميركية تحدثت إليها "الحياة" ارتياحها لما قام به بروغيير خصوصاً أنه يتعاون منذ فترة طويلة مع الإدارة الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب. ورأت الأوساط الإعلامية الفرنسية أن تفكيك المنظمة الذي تم بقرار فرنسي بحت ولم يسبقه أي تشاور مع أي طرف خارجي أسدى في الدرجة الأولى خدمة لإيران التي أراحها من الطرف الرئيسي المعارض لها، وأرضى في الدرجة الثانية الولاياتالمتحدة التي لا يزعجها إضعاف طرف مؤيد للرئيس العراقي السابق صدام حسين. ونفت مصادر فرنسية مطلعة أن تكون هناك صفقة بين فرنساوإيران حول العملية، كما نفت أن يكون هدفها خدمة الإدارة الأميركية. لكنها أقرت بأن تفكيك المنظمة لمصلحة كلا البلدين، على رغم أنه عملية قضائية فرنسية استندت إلى معلومات وأدلة تشير إلى أن المجاهدين كانوا يعدون لعمليات إرهابية. وأوضحت المصادر القضائية ل"الحياة" أن رجوي ومنظمتها كانتا تعدان لعملية لمصلحة النظام العراقي السابق الذي دعمهما على مدى سنوات. وعادت مريم رجوي إلى فرنسا بعد سقوط النظام العراقي، يرافقها نحو 20 من مسؤولي المنظمة، فيما اختفى زوجها مسعود رجوي. وأعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا كوبيه أن "مجاهدين خلق" كانت تقوم "بأنشطة غير شرعية وخطرة" مبرراً بذلك عملية الشرطة التي استهدفت المقر الأوروبي لهذه المنظمة. وذكرت مصادر مطلعة على التحقيقات أن المحققين أطلقوا تباعاً سراح 130 من أصل 156 معتقلاً، فيما التحقيقات مستمرة مع ال26 الآخرين في مقر دائرة مراقبة الأراضي الفرنسية "دي أس تي" أي الاستخبارات. وقالت المصادر إن بين الذين أطلقوا نحو عشرة اتخذت في حقهم قرارات ترحيل عن الأراضي الفرنسية، وطلب من أربعة آخرين ملازمة أماكن إقامتهم في انتظار احتمال ترحيلهم، فيما من المقرر أن يستدعى الآخرون إلى دائرة الشرطة للتدقيق في أوضاعهم الإدارية. احتجاجات ومنذ الصباح الباكر، احتشد عشرات من مؤيدي "مجاهدين خلق" في محيط مقر الاستخبارات الفرنسية الواقع في الدائرة الباريسية ال15، تعبيراً عن استيائهم للضربة التي تلقتها المنظمة. وتخلل التجمع إقدام امرأتين إيرانيتين على إحراق نفسيهما، ما أدى إلى وفاة إحداهما. وكانت الشرطة الفرنسية تغاضت صباحاً عن التجمع عند مقر الاستخبارات، لكن استمرار المعارضين الإيرانيين في التوافد إلى المكان حمل الشرطة على ضرب طوق أمني من حولهم عند منتصف النهار. اضطرابات في إيران من جهة أخرى أ ف ب، أفادت وكالات الأنباء الإيرانية أمس أن مواجهات وقعت ليل الثلثاء - الأربعاء في مدن إيرانية عدة تشهد اضطرابات متقطعة منذ أيام، فيما اعتقل عشرات الأشخاص. وأوضحت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن مواجهات وقعت بين قوى الأمن وعدد محدود من "المحرضين" الذين يستغلون التجمعات في كرمان جنوب شرق وتبريز شمال غرب ويزد جنوب غرب. وفي كرمان، دارت مواجهات بين طلاب متظاهرين يرشقون الحجارة وقوى الأمن التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وأصيب العديد من الأشخاص بجروح. وعاد الهدوء بعدما تفاوض محافظ المدينة مع الطلاب ليعودوا إلى منازلهم. وتعرض رجال الشرطة أيضاً للرشق بالحجارة في يزد كما ذكرت الوكالة التي أشارت أيضاً إلى مواجهات في تبريز حينما اختلط "محرضون" مع طلاب. وطوقت قوات مكافحة الشغب الجامعة ونقلت الوكالة عن مسؤولين محليين أن 90 شخصاً أوقفوا على الاقل في اليومين الماضيين في تبريز. وأوقف 30 شخصاً في مشهد شمال شرق. ونقلت وكالة الأنباء الطالبية أسنا عن نائب وزير الداخلية علي أصغر أحمدي حديثه عن اضطرابات محدودة في أصفهان وسط وشيراز جنوب غرب. وفي طهران تدفق آلاف الأشخاص مجدداً بالسيارات إلى الحرم الرئيسي للجامعة في العاصمة مساء الثلثاء.