لم يكن ينقص ليلى الشايب، مقدمة برنامج "للنساء فقط" على قناة "الجزيرة" سوى مقصلة تنفذ من خلالها حكمها المسبق الصادر بحق ضيفتها المخرجة المصرية إيناس الدغيدي. أفردت الحلقة فضاءها الأنثوي لمناقشة "أعمال الدراما النسائية: بين الاستحسان والاستهجان". فاستضافت الشايب في الاستديو الى جانب الدغيدي، الصحافية والناقدة في جريدة "الأهرام" المصرية علا الشافعي، ومن لبنان مباشرة الكاتبة والناقدة السورية ديان جبّور، والمخرجة المصرية انعام محمد علي من خلال شهادة مسجّلة. هكذا، وفي جلسة نسائية مباشرة أعلنت الشايب للدغيدي بحضورها - وبأسلوب لا يعامل به حتى فنان صاعد - عن بدء انهيار مستقبلها الفني والسعي للتفتيش عن حلول سريعة للأزمة التي تنتظرها! انطلقت الشايب برأيها الخاص جداً، بعد ان فسّرت الدغيدي كيفية تعامل الجمهور مع افلامها، وقالت انه يصعب عليه فهم الرسالة بسرعة خصوصاً في مجتمع اعتاد الاختباء خلف عاداته وتقاليده متعامياً عن التسيّب الحاصل فيه. أخطأت الدغيدي حينما اعلمت الشايب ان الجمهور يحتاج الى تفسير للمشاهد والافكار المعروضة، وأن فهمه لها يدفعه الى انتظار الانتاجات المقبلة. فما كان من المقدّمة إلا أن التقطت المعادلة الآتية: "الرسالة لا تصل = خسارة جماهيرية". انه "فشل" أول للدغيدي تصرّ عليه الشايب بصوت عال. وواصلت الشايب طعن الدغيدي كامرأة بسبب جرأتها تجاه المجتمع، حينما واجهتها بما "لملمته" من قصاصات الجرائد واشاعاتها... عن انسحابها من ندوة لمناقشة فيلمها "مذكرات مراهقة". اعترفت الدغيدي بانسحابها، لكن لبضعة دقائق ولأسباب لم ترد الشايب سماعها او فهمها، لتعلن مرة اخرى للدغيدي ان جمهور الندوة جمهورها، وهو غاضب لا يريدها. لم تلتزم ليلى الشايب، للأسف، في هذه الحلقة من "للنساء فقط" بدورها كمقدمة للبرنامج، ومديرة لدفة الحوار. فبدت الحلقة كأنها تحمل لواء "الضدّ" تجاه الدغيدي، وهي واحدة من اهم المخرجات الجريئات اللواتي تناولن المرأة في أفلامهن عبر مواضيع حسّاسة. ولولا مداخلات الشافعي وانعام محمد علي اللتين أشادتا بأفلام الدغيدي، مع بعض التحفّظ، لبدت الحلقة جلسة محاكمة و"اعدام" معنوي طبعاً لفنّانة مصريّة تستحق كل الاحترام، وإن كان لكلّ منا مطلق الحريّة في انتقادها أو حتّى عدم الاهتمام بأفلامها . أما أن يستحيل برنامج يفترض انه حواري، إلى حملة مركّزة ضدّ الدغيدي، فلا تفسح المقدمة أي مجال يذكر أمام "الرأي الآخر"، حتّى في العينات والشهادات من المشاهدين والجمهور، فهذا ما يتناقض مع الخيارات التي تقدّم "الجزيرة" نفسها على أساسها... نعم، لقد تحوّلت حلقة "للنساء فقط" الى حملة على افلام ايناس الدغيدي، لكأنها المسبّب الاول لفساد المجتمع وانحلاله الاخلاقي... ولولاها لكانت السينما عفيفة نظيفة! ومن غريب المصادفات أن تأتي الاتصالات الى الاستديو والعينة "العشوائية" المأخوذة من الشارع الاردني في استطلاع للآراء في افلام الدغيدي، متفقة تماماً مع رأي المقدّمة، وتكرر عناوين نمطية مستهلكة معتبرة افلام الدغيدي "انتقاصاً من احترام المرأة وتظهرها سلعة رخيصة". وعلى رغم كل الهجمات الاستفزازية التي شنتها الشايب على ضيفتها، بدت الدغيدي نجمة بهدوئها الساطع، غير مكترثة في المزايدة "صوتياً" للدفاع عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها الفني. أما الشايب فالأحرى بها أن تسعى الى تعديل عنوان برنامجها، لكي يلائم توجهاتها وآرائها ليصبح "للنساء... المحافظات فقط"!