بعد رفع العقوبات وإلغاء الضرائب عاد التجار العراقيون الى انشطتهم على رغم عدم وضوح الرؤية حول خطط الولاياتالمتحدة تجاه البلاد بعد شهرين من سقوط صدام حسين. وبالنسبة الى العراقيين المعتادين على الصعوبات والازمات فان الاسواق تبدو الان مثل جنة مملوءة بألف صنف وصنف من الاطعمة المحفوظة والمشروبات الخفيفة ومسحوق الحليب الى اجهزة التلفزيون والكومبيوتر وأطباق الاقمار الاصطناعية والبرادات. قال التاجر سليم حسن: "لا توجد قيود على الاستيراد. والتجار الان احرار في استيراد كل أنواع البضائع بما فيها السيارات. البضائع تأتي من الشمال ومن ايران وسورية والاردن". وقالت الادارة الاميركية الموقتة في العراق انها ستلغي التعرفات الجمركية على اغلب المواد هذه السنة حتى ينطلق الاقتصاد. ويقول تجار انه الى جانب تحررهم من الضرائب فانهم لم يعودوا بحاجة الى رشوة موظفي الجمارك. وقال التاجر أحمد عباس: "كانت شحنات البضائع تبقى في مخازن الجمارك وقتاً طويلاً وكنا نضطر الى رشوة المسؤولين. والان لا توجد رشوة أو ضرائب على الواردات التي كانت سبب ارتفاع اسعار أغلب البضائع، ما جعلها فوق امكانيات اغلب العراقيين. التجارة الان ممتازة والبضائع تغرق الاسواق والتجار يحققون ارباحاً مجزية". وبارتفاع سعر الدينار مقابل الدولار بعد تدفق العملة الاميركية، اصبحت أغلب البضائع في متناول المواطنين. وقال المدرس المتقاعد عباس سعد: "كان شرب علبة بيبسي مستوردة من الكماليات. كانت تباع بألف دينار والان ثمنها 250 ديناراً". وانخفض سعر الدولار الان الى 1500 دينار وكان 2000 دينار من بضعة أسابيع. وكان العراق من أكثر بلاد الشرق الاوسط ازدهاراً خصوصاً الطبقة الوسطى وكان يشتهر بأعلى مستوى للمعيشة في المنطقة في الستينات. ولكن أعواماً عديدة من الديكتاتورية والحروب والعقوبات دفعته الى براثن الفقر. ومن اجمالي 26 مليون عراقي يعيش نحو 16 مليون على معونات من برنامج النفط مقابل الغذاء الذي تديره الاممالمتحدة. وكان الاقتصاد مركزياً في عهد صدام. الاسعار والاجور محددة، وتفشت الرشوة. يقول مشروع خطة للوكالة الاميركية للتنمية ان العراق الجديد سيحظى باقتصاد حر يدعمه مشروع سنوات أربع لتخصيص الصناعات المملوكة للدولة واعادة صياغة قانون الضرائب ليتواءم مع المستويات العالمية وتحديث بورصة بغداد وتزويدها بأجهزة الكترونية. وبعد معاناة استمرت أعواماً تحت وطأة تضخم حاد هبطت الاسعار هبوطاً حاداً. الشوارع المؤدية الى المراكز التجارية في بغداد مكدسة بالمرور الذي يصل الى درجة الاختناق في بعض المناطق. واكثر البضائع اقبالا على شرائها اجهزة استقبال الاقمار الاصطناعية وثمن الجهاز من 250 الى 300 دولار. وكان امتلاك طبق لاستقبال الفضائيات يعرض صاحبه لغرامة مقدارها 150 دولاراً والسجن ستة أشهر. ولكن في الاعوام الاخيرة كان يُكتفى بمصادرة الجهاز. ولكن كثيرين لا يمتلكون شراء هذه الاجهزة التي تباع في السوق الان. ومن المشاكل التي تواجه العراقيين رفض تجار قبول اوراق بنكنوت فئة عشرة الاف دينار بقيمتها الاسمية. ويسود اعتقاد بأن هذه الاوراق يسهل تزييفها وقد نهبت كميات كبيرة منها بعد سقوط صدام. وقالت شذى عبدالرحمن: "ماذا افعل ولا أحد يريد قبولها بقيمتها وحصلت على اجري بأوراق فئة 10 الاف دينار. وتعلن البنوك انها عملة قانونية ولكن التجار يرفضونها". وتسلم حوالى 1.4 مليون عراقي أجورهم في الشهر الماضي بأوراق فئة 10 الاف دينار في اول مرتبات تصرف منذ الاطاحة بصدام في التاسع من نيسان أبريل الماضي.