بدأت الحكومة الكويتية مسيرة صعبة في ملف الأسرى والمفقودين في العراق. وتولى أول من أمس وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ومجلس الأمة محمد ضيف الله شرار إعلان العثور على رفات أول أسير كويتي، من خلال بقايا وجدت في المقبرة الجماعية قرب السماوة. ودلّ تكليف شرار هذه المهمة إلى أن مجلس الوزراء الكويتي يأخذ على عاتقه ملف الأسرى والنتائج المترتبة عليه تفادياً لتسييسه. وقالت مصادر مطلعة على الملف إن الجانبين الكويتي والأميركي توصلا إلى اقتناع سلبي بإمكان العثور على أسرى أحياء، من دون أن يفقدا الأمل بذلك. وتولد الاقتناع بعدما فتِشت السجون والأماكن المفترضة لوجود الأسرى وفقاً لمعلومات وشهادات عراقيين انشقوا عن النظام قبل سقوطه، أو لإفادات عسكريين وحزبيين معتقلين. وقالت هذه المصادر إن المقبرة الجماعية قرب السماوة تمتد على نحو ستة كيلومترات، ووجدت فيها بقايا أمكن الاستدلال على أنها تعود مبدئياً لكويتيين، فهناك دشداشات بتفصيلات معينة أو أن بعضها حمل اسم خياط كويتي، وهناك أحذية من النوع الذي يسهل تأكيد أنه مستخدم في الكويت. لكن الفصل في تحديد هوية ترِك لفحص البصمة الوراثية دي ان اي الذي يتولاه مختبران أميركي والماني، وثالث في الكويت. ويجري حالياً البحث عن حوالى 605 أسرى، وكانت المفاجأة التي جاءت بها الحرب على العراق أن الحكومة الكويتية تلقت معلومات عن وجود نحو 150 رفاتاً في مقابر داخل الكويت، ما يعني أن أصحابها قتلوا قبل انتهاء حرب تحرير الكويت في نهاية شباط فبراير 1991. لكن هذه المعلومات لم تتأكد، وإن كانت المراجع المختصة، خصوصاً وزارة الداخلية، حققت في الأمكنة التي حدِدت كمقابر. وفي الوقت نفسه تواصل فرق كويتية التنقيب في مختلف المقابر الجماعية داخل العراق بحثاً عن أثر للأسرى. وكان مجلس الوزراء شكل لجنة لمتابعة ملف الأسرى برئاسة وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح، الذي غيّر اسلوب العمل الذي كانت تتبعه "اللجنة الوطنية للأسرى"، وتبنى أسلوباً يشرك أهاليهم في درس المعلومات المتوافرة وتحليلها. ومع إعلان العثور على رفات الأسير سعد مشعل أسود العنزي من خلال البصمة الوراثية، وثبوت أن الوفاة حصلت بالقتل العمد رمياً بالرصاص، تكون الحكومة الكويتية بدأت المسيرة الصعبة. لكن مصدراً رفيع المستوى قال ل"الحياة" إن الحكومة "لن تتعجل إعلان شيء وعندما تتوافر لديها معلومات حاسمة عن أي حالة، لن تتأخر بإعلانها". وتابع: "هذا من الناحية التقنية، أما على المستوى الإنساني فإننا نتعاطى مع الملف وقلوبنا يعتصرها الألم والأسى، ولا يسعنا في الوقت نفسه سوى أن نفكر بمآسي اخواننا العراقيين الذين لاقوا مع الكويتيين المصير نفسه على يد النظام المجرم".