سأل معلقان اميركيان بارزان، هما ريتشارد كوهن في "واشنطن بوست" ونيكولاس كريستوف في "نيويورك تايمز"، اين اسلحة الدمار الشامل التي كانت سبب الحرب على العراق؟ سألنا معهما اين هذه الأسلحة وعندي اليوم مقارنة. اسرائيل تملك اسلحة دمار شامل ووسائل ايصالها الى اهدافها. محطة "ام إس ان بي سي" نشرت عرضاً مفصلاً لهذه الأسلحة في صفحتها على الإنترنت. "الصنداي تايمز" نشرت التفاصيل سنة 1986 نقلاً عن الإسرائيلي موردخاي فعنونو الذي خطف الى اسرائيل وحكم عليه بالسجن 18 سنة لكشفه اسرار القنبلة النووية الإسرائيلية. اتحاد العلماء الأميركيين قدر ان لدى اسرائيل مئة قنبلة نووية وليس اكثر من مئتي قنبلة. معهد ابحاث السلام في استوكهولم قدر مخزون اسرائيل النووي بحوالى 200 قنبلة. مجلة "جينز انتلجنس ريفيو" التي تهتم بالأخبار العسكرية رفعت المخزون هذا الى ما يراوح بين 400 قنبلة وخمسمئة. مكتب تقويم التكنولوجيا في الكونغرس الأميركي قال سنة 1993 ان اسرائيل تملك "قدرات كيماوية غير معلنة"، وأنها تملك "برنامجاً هجومياً غير معلن في الأسلحة البيولوجية". والمفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، كما هو معروف، اما مصانع الأسلحة الكيماوية والجرثومية ففي نِسْ زيونا. عندما تحطمت طائرة شحن تابعة لشركة العال في امستردام سنة 1992، قتل 47 شخصاً، ثم مرض كثيرون وتبين ان الطائرة كانت تحمل 50 غالون كيماويات تستخدم في انتاج سارين، زودتها بها شركة سولاكترونكس من بلدة موريسفيل، في ولاية بنسلفانيا، واليوم تعتقل العراقية هدى صالح مهدي عماش على الشبهة ويترك الإسرائيليون احراراً. طائرات إف -16 تستطيع حمل قنابل نووية، وإسرائيل تملك الصاروخ اريحا-1، ومداه 660 كيلومتراً، والصاروخ اريحا-2 ومداه 1550 كيلومتراً. اسرائيل لم توقع ميثاق منع الأسلحة الكيماوية، وهي واحدة من اربع دول فقط مع الهند وباكستان وكوبا لم توقع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. والآن أتحول الى العراق. بغداد سقطت في التاسع من الشهر الماضي، وقد مضى شهر كامل من دون العثور على اسلحة الدمار الشامل التي كانت سبب الحرب. كان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قال ان عنده "أدلة لا يخترقها الرصاص" عن اسلحة العراق، وكتبت مستشارة الأمن القومي مقالاً في "نيويورك تايمز" بعنوان "لماذا نعرف ان العراق يكذب" لاحظوا العراق لا صدام حسين وحده، ووزير الخارجية كولن باول عرض على الأممالمتحدة ادلته "الثابتة"، في حين سبقته الحكومة البريطانية بعرض مماثل وتبعته، وكانت اسلحة العراق لازمة كل خطاب للرئيس بوش عن الموضوع. اين هي هذه الأسلحة؟ في 17 من الشهر الماضي قال رامسفيلد انه ينتظر ان يقول له العراقيون اين هذه الأسلحة، وكرر الكلام نفسه في الرابع من هذا الشهر. وقال جورج بوش في 24 من الشهر الماضي ان القوات الأميركية لم تعثر على اسلحة دمار شامل، إلا انها ستعثر عليها، ومضى الآن شهر كامل من دون العثور على شيء. اما رئيس وزراء بريطانيا توني بلير فنفى اهمية العثور على هذه الأسلحة، وقال ان المطلوب اولاً نشر الاستقرار في العراق، وثانياً تلبية الحاجات الإنسانية، وثالثاً "نأخذ وقتناً، ثم نفتش عن اسلحة الدمار الشامل". هل هذا معقول؟ قبل الحرب كانت الولاياتالمتحدةوبريطانيا مستعجلتين الى درجة انهما لم تنتظرا ان يكمل المفتشون الدوليون مهمتهم، وسمعنا ان اسلحة العراق خطر داهم على العالم، مع انه كان واضحاً جداً، حتى في ذلك الوقت انه لو امتلك العراق اية اسلحة من هذا النوع فهو لا يملك القدرة على ايصالها الى اهدافها. الإدارة الأميركية حكومة بلير مجرد صدى كذبت على الأميركيين والعالم في تبرير الحرب، ما يثبت مرة اخرى ان الذين خططوا لها هم عصابة اسرائيل في الإدارة التي تريد تدمير اي قدرة للعرب والمسلمين، وترك اسرائيل تسيطر على مقدرات الشرق الأوسط. والإدارة الأميركية لا تزال تكذب، فقبل الحرب، ونتيجتها محسومة، حذر الجنرال اريك شينسكي، رئيس اركان الجيش، من ان المحافظة على السلام بعد سقوط نظام صدام حسين تتطلب حوالى مئة ألف جندي. وقال عضو العصابة بول وولفوفيتز معلقاً على كلامه ان هذا التقدير بعيد جداً من الحقيقة. هل هو كذلك؟ قبل يومين قرأت في صحيفة "الديلي تلغراف" الصهيونية ان رؤساء الأركان البريطانيين قلقون ويعتقدون ان حفظ السلام في العراق يحتاج الى نصف الجيش البريطاني اي 45 ألف جندي، يتناوبون على العمل ويكون 15 ألف جندي منهم في العراق باستمرار. وإذا كان هذا هو الرقم البريطاني فلا بد ان الرقم الأميركي اضعاف ذلك. غير اننا بدل ان نحاسب الولاياتالمتحدة نجدها تحاسب سورية وكل دولة عربية خدمة لإسرائيل. وليس بين العرب من يجرؤ على الكلام.