مع استمرار توافد فرق الإنقاذ الأجنبية إلى الجزائر للمساعدة في انتشال ضحايا الزلزال العنيف الذي هزّ الجزائر ومحيطها مساء الأربعاء، لا يزال بصيص الأمل محتبساً لدى كثير من العائلات التي تأثرت بفعل الزلزال وأصيب افراد منها أو أقاربها. وفي كل مرة يُسمع صوت أحد الناجين من تحت الأنقاض، يندفع عشرات الشبان إلى الجهة التي يصدر منها الصوت على أمل انتشاله سريعاً. عشرات من فرق الحماية المدنية والجيش الجزائري ينتشرون في محيط ركام البنايات الكبيرة التي تهاوت، لكن استخدامهم الأدوات التقليدية يجعل مهمتهم الانقاذية صعبة في عمليات مستمرة من دون انقطاع. وعلى غرار ما حصل في كارثة فيضانات باب الوادي في تشرين الثاني نوفمبر 2001، فإن عملية الانقاذ في وسط منطقة الرغاية ومحاولة انتشال 120 عائلة من تحت انقاض مبنى من عشرة طوابق، تحولت الى ما يشبه "منافسة" بين شبان الحي الواحد لتحقيق الرقم القياسي في انقاذ الضحايا، مما كان يؤدي في بعض الأحيان الى بروز مناوشات بين فرق شبان الحي وبين افراد الحماية المدنية الذين يفضّلون إبعاد الركام في هدوء وحذر. بعض الشبان يعصب رأسه بقطعة قماش كالتي تستخدمها النساء المحجبات، وآخرون يضعون اشارات ترمز الى فرق رياضية محلية مثل "الاتحاد الرياضي للرغاية" او "مولودية العاصمة"، أما أعضاء نوادي الكشافة فإنهم يفضلون وضع إشارات الفرقة للتعبير عن وجودهم مع الشعب اوقات الشدّة. وهو الانطباع ذاته الذي يحرص على تركه زعماء الأحزاب السياسية مثل رئيس الحكومة السابق الامين العام لحزب الغالبية البرلمانية جبهة التحرير الوطني علي بن فليس، إذ تفقّد المناطق المتضررة من الكارثة في الرويبة والرغاية وهراوة مساء الاربعاء، أي بعد ساعتين من الكارثة. ومنذ هذه الزيارة بدأت مختلف الاحزاب السياسية في تعبئة عناصرها في المناطق لمنافسة "شبان الاحياء" في انتشال الضحايا أو القيام بأي أعمال مفيدة للسكان الذين أفجعتهم الكارثة. لكن قوات الامن كثيراً ما تبعد بعض هؤلاء الشبان، لأن الشرطة لاحظت تسلل لصوص من بين حشود المتطوعين وذلك "بهدف السرقة والبحث عن محفظة نقود أي من النساء اللاتي لقين مصرعهن داخل المبنى، أو لسرقة ذهب ومجوهرات الضحايا". ويفضل أعوان الأمن الذين تكفلوا هذه العملية، ملاحقة اللصوص وإبعادهم عن المنطقة بهدوء. تعدد عمليات الانقاذ بسبب تحطم مئات المباني في ولايات بومرداس والجزائر العاصمة يصعب من مهمة رصد "لصوص الركام" الذين يحصلون من "غزواتهم" على ثروة توفر لهم مداخيل لأشهر عدة. أما أصحاب "النيّات الطيبة" فيتنقلون مسافات طويلة للمساعدة في الانقاذ.