أكد الأمين العام ل"حركة الانقاذ الوطني" العراقية اللواء وفيق السامرائي حلّ تشكيلات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية العراقية "حتى إلى مستوى المفرزة الصغيرة"، مشيراً إلى أن تأسيس جيش عراقي جديد لن يبحث قبل تشكيل الحكومة الموقتة نهاية السنة الجارية. وتوقع في حديث إلى "الحياة" في الكويت أن يكون هذا الجيش صغيراً ومن أجل الدفاع الذاتي وأن يزود سلاحاً غربياً بعد توقيع اتفاق دفاعي يسمح بوجود أميركي طويل المدى في العراق، معرباً عن الأمل في أن يتلافى الجيش الجديد الحسابات الطائفية وأن يأتمر بحكومة ديموقراطية. ورأى السامرائي أن هناك صعوبات أمام تشكيل الحكومة الانتقالية، لكنه توقع أن يتم ذلك خلال أسابيع، معرباً عن تفضيله نظاماً فيديرالياً تحصل بموجبه كل منطقة على حكم ذاتي في ظل حكومة مركزية. وفي ما يأتي نص الحديث: الغموض الذي أحاط بالسقوط السريع لبغداد أثار تكهنات حول صفقة أنجزت بين الأميركيين وقادة عسكريين عراقيين أو حتى مع النظام نفسه. ما صحة ذلك؟ - لم أر أي مؤشرات ولم ترد معلومات عن وجود صفقة أو "خيانة" كما يراد تسميتها من بعض الأطراف. نجم السقوط عن الفشل العسكري الذريع، فخطة الدفاع الاستراتيجي عن بغداد كانت مبنية على أساس نشر وحدات الحرس الجمهوري حول العاصمة، إلا أن حصول مقاومات في بعض المواقع على امتداد نهر الفرات دفع بقيادة النظام البائد إلى الاعتقاد بوجود فرصة لصد الوحدات المهاجمة ومنعها من الاقتراب من بغداد بدلاً من القبول بإدارة المعركة الدفاعية في المدينة، وعلى هذا الأساس دفعت تشكيلات الحرس الجمهوري المعدة للدفاع عن بغداد لتعزيز الدفاع عن المدن الواقعة على نهر الفرات من البصرة إلى كربلاء، وبخروج هذه التشكيلات المدرعة ولمسافة طويلة تصدت لها طائرات "أباتشي" و"أيه 10" وطائرات الهجوم الأرضي الأميركية والبريطانية وألحقت بها أضراراً كبيرة ثم اشتبكت هذه القوات مع القوات الأميركية المهاجمة فاضطرت إلى التراجع وتكبدت خلال ذلك مزيداً من الضربات وعندما وصلت إلى بغداد كانت قد تبخرت. كم تقدرون الخسائر البشرية في الجيش العراقي خلال الحرب؟ - لا أحد يستطيع أن يعطي رقماً دقيقاً لكنها بالتأكيد بالآلاف. ما مصير القوات المسلحة العراقية الآن، وهل تبخرت بالكامل؟ - لم تعد هناك أي وحدات أو تشكيلات للقوات المسلحة العراقية ولا حتى على مستوى المفرزة الصغيرة، فكل العسكريين تركوا معسكراتهم وكذلك منشآت التصنيع العسكري، وليس هناك الآن وجود لحرس جمهوري أو جيش على الإطلاق، ولم يكن ضمن الاستراتيجية الأميركية الإبقاء على أي وحدات عراقية، والوحدات العسكرية المتبقية الآن فقط هي وحدات البيشمركة الكردية. "هل آلت القواعد والثكنات والبنية التحتية العسكرية العراقية بأكملها الى الأميركيين والبريطانيين؟ - حالياً تنتشر القوات الأميركية وبعض الأسراب الجوية في قواعد جوية عراقية لتكون قريبة من مناطق العمليات. أعتقد أن الأميركيين سيحتفظون بقاعدة على الأقل أو قاعدتين جويتين، ربما تكون واحدة في جنوبالعراق والأخرى في الغرب، وكما هي الحال في ألمانيا واليابان، من المتوقع أن تبقى القوات الأميركية في العراق لفترة طويلة ولكن ليس بالكثافة نفسها، ربما يكون عددهم بعشرات الآلاف كما أتصور. "هل سيتكرر شكل الوجود الأميركي كما كان في دول خليجية ويوقع العراق اتفاقاً دفاعياً مع الولايات المتحدة؟ - أي وجود لقوات أجنبية في العراق يجب أن يستند إلى اتفاق مع الحكومة العراقية وأعتقد أن هذا سيحدث على المدى البعيد. "متى تتوقع أن يسمح الأميركيون بإعادة بناء الجيش العراقي؟ - أولاً هذا لن يبدأ قبل تشكيل الحكومة العراقية الموقتة. وعلى أي حال لا أتوقع أن يتم ذلك قبل نهاية السنة الجارية. بعد الحرب العالمية الثانية بسنوات سمح الأميركيون بإعادة بناء الجيش الألماني لكنهم منعوا الضباط والطيارين الذين خدموا في فترة الحكم النازي من دخول الجيش الجديد، فهل سيحدث شيء كهذا في العراق؟ - الجيش العراقي جيش كبير، وكان يضم في السابق أكثر من مليون شخص ثم انخفض عدده قبيل الحرب الأخيرة إلى 400 ألف، والعراق لم يعد في حاجة إلى هذه القوة. فمن الناحية المبدئية الكثير من الضباط سيكونون خارج الخدمة وسيعاد قسم آخر إلى التشكيلات، وكذلك الاستناد إلى قوات البيشمركة الكردية نواة لتشكيلات أيضاً. "هل تتوقع إلغاء نظام الخدمة العسكرية في العراق وأن ينشأ جيش مبني على التطوع؟ - إما أن تلغى الخدمة العسكرية الالزامية أو أن تحدد بفواصل زمنية متباعدة وتكثر الاستثناءات، وتحديد هذا الموضوع يحتاج إلى وقت، وفي المرحلة الأولى سيكون الاعتماد على المتطوعين. القوات الأميركية والبريطانية تقوم الآن بتدمير أسلحة الجيش العراقي كافة وحتى الصالح للاستخدام منها، فهل تتوقع أن ينتهي التسليح الشرقي في العراق وتبدأ مرحلة التسلح الغربي؟ - نعم، أتوقع أن يكون تسليح الجيش العراقي غربياً على الأرجح... والتقسيم السابق للقوات العراقية إلى فيالق وفرق بأسماء وتشكيلات معينة هل سيتغير أيضاً؟ - نعم، أتوقع أن تلغى التسميات والهيكليات السابقة وأن تنشأ وحدات وقيادات مختلفة عما كان. هذا سيشمل الأجهزة الأمنية أيضاً... - الأجهزة الأمنية تعتبر كلها حلت وسيصار إلى تشكيل أجهزة مختلفة عما كانت. هل ستلقي الطائفية في العراق بظلالها على الجيش العراقي، مثلما حدث مرة في لبنان عندما قسم جيشه على الطوائف؟ - هذا يتوقف على طبيعة توليفة الحكومة المقبلة وعلى آلية الحكم، ولكن من الصعب أن تكون التشكيلات العسكرية وفق توصيفات طائفية، وإذا أمكن التوصل إلى نظام ديموقراطي حقيقي فلا داعي لحصص طائفية في الجيش. الاستهداف الأميركي لعناصر النظام السابق، كم تشمل من قادة الفيالق والفرق والألوية وضباط القوات المسلحة؟ - لا معلومات لدينا عن ذلك، هم الآن يستهدفون قائمة الخمسة وخمسين شخصاً وعدداً قليلاً من العناصر الاخرى، وليس عملية نزول إلى مستويات أخرى. هل سيسمح الأميركيون للجيش العراقي الجديد أن يحقق توازناً عسكرياً في مواجهة إيران على مستوى من القوة والحجم؟ - لا اعتقد أن الاميركيين سيغادرون المنطقة على المستوى المنظور، وبالنتيجة لا أعتقد أنه سيصار إلى تشكيل جيش عراقي كبير وقوي، بل سيصار إلى تشكيل جيش ذي صفة دفاعية ضمن حدود العراق. هل يتقبل العراقيون أن يلعب عسكريون مثلكم ومثل الفريق نزار الخزرجي وعسكريون عراقيون آخرون أدواراً سياسية في العراق الجديد؟ - لكننا لسنا عسكريين الآن... لكن "شبح" البزة العسكرية ألا يثير مخاوف بعض العراقيين؟ - كولن باول وزير الخارجية الأميركي رجل عسكري... وضع باول مختلف فهو أنهى خدمته ثم دخل ضمن إدارة مدنية إلى الحكم، أما أنتم فتطرحون أنفسكم في الساحة العراقية البكر سياسياً. - لسنا جدداً في الحقل السياسي فنحن نخوضه من سنوات عدة وتصدينا للنظام. متى تتوقعون إعلان الحكومة الانتقالية في بغداد؟ - حتى الآن لا علم لنا بالتوصل إلى توليفة معينة أو حال توافقية بخصوص الحكومة الموقتة. ليس سهلاً أن تحصل على توافق بين أطراف مختلفة ووجهات نظر مختلفة، لكننا نتوقع أن يتم ذلك خلال أسابيع. يردد البعض أن ما حدث في العراق قابل للتكرار في دول أخرى في المنطقة... - لا أتوقع أن ما حدث في العراق سيتكرر في مكان آخر، فالعراق كانت له خصوصية تتعلق بوضعه القانوني وخضوعه لقرارات دولية فضلاً على السجل السيئ للنظام البائد. ذكرتم في تصريحات أن أقطاب النظام السابق موجودون في مناطق شمال بغداد... فهل هم أحياء، ولم لا يجدّ الأميركيون في طلبهم؟ - مؤكد أنهم أحياء، والأسبقية الأولى للقوات الأميركية كانت تدمير النظام، والآن هي تعزز الانتشار أمنياً، وأتوقع أن يكثفوا جهودهم بعد ذلك للقبض عليهم، وهمّ هؤلاء الأقطاب حالياً النجاة بأنفسهم ثم بعد ذلك يحاولون تحريك بعض الأذناب في عمليات، لكن ذلك سيكون محدوداً ومحصوراً. كنتم في مدينتكم سامراء قبل مجيئكم إلى الكويت فما الأوضاع هناك؟ - هناك إدارة مدنية وأعيد رجال الشرطة إلى أعمالهم وتدفع لهم رواتب، والمدينة تعتبر مستقرة مقارنة بأماكن أخرى، وتم ذلك بالإمكانات والموارد المحلية. وما دوركم الاجتماعي والسياسي هناك؟ هل أنت زعيم منطقة سامراء حالياً؟ - لا أقول زعيم المنطقة بل نقوم بجهد كبير لتعبئة الجماهير لعموم المنطقة الوسطى. المنطقة الوسطى أي المنطقة السنية، فما مطالبات هذه المنطقة من الحكومة الانتقالية؟ - أن يكون لها دور في أي حكومة كأي جزء من الشعب العراقي، ولكن التوجهات الحالية منصبة على احتمال تشكيل نظام فيديرالي بأن تحكم كل منطقة نفسها وتعطى أكبر ما يمكن من صلاحيات لذلك أي حكم محلي في ظل الحكومة المركزية، ليس بالضرورة في حدود المحافظات الحالية بل قد يدمج بعضها، وهذا بالطبع سيصار إلى بحثه في المستقبل، لكنني أعتقد أن هذا الوضع أفضل للعراق. بعض رموز الشيعة صرحوا بأنه بما أن الشيعة غالبية في العراق فيجب أن يكون رئيس الدولة شيعياً، فهل مثل هذا الشرط مقبول؟ - هذا أمر تحدده صناديق الاقتراع. هل استوعبت العواصم العربية التغيير الذي حدث في العراق؟ - ليس أمام هذه العواصم إلا استيعاب التغيير لأن التغيير أصبح واقعاً فلا بد من التعامل الإيجابي معه. بعض العواصم يحاول خدمة فكرة مطالبة العراقيين بمقاومة ومواجهة الاحتلال الأميركي؟ - لا أعتقد أن الدول العربية ستدخل في هذا المطلب وتزج نفسها بتحريض العراقيين على مقاومة القوات الأميركية، هذا موضوع خطير ولا أعتقد أن أياً من الدول العربية سيستخدم للقيام بهذا الدور.