أعربت اسرائيل عن "ارتياحها" لنتائج زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول للمنطقة، في الوقت الذي اتهمت فيه السلطة الفلسطينية حكومة تل ابيب بإفشال مهمة الوزير الاميركي الذي اخفق في انتزاع موافقة رسمية على خطة "خريطة الطريق" او حتى بوعد بوقف التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية وقطاع غزة. جاء ذلك في الوقت الذي شددت فيه الاجهزة العسكرية الاسرائيلية حصارها على الاراضي الفلسطينية واعلنت عن تشديد الحصار على مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المقاطعة متهمة اياه بايواء منفذي عمليتي اطلاق النار الاخيرتين في منطقة رام الله ضد المستوطنين. وصف وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم زيارة نظيره الاميركي كولن باول ب"الناجحة جداً" مشيراً الى انها قد تتمخض عن عقد لقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن ونظيره الاسرائيلي ارييل شارون. وقال شالوم في تصريحات صحافية ان هذه الزيارة قد تؤدي ايضاً الى "اتخاذ الفلسطينيين خطوات فعلية لمحاربة الارهاب والتحريض" مضيفاً ان توصل الحكومة الفلسطينية الى "هدنة" مع فصائل المقاومة الفلسطينية "مسألة غير مقبولة لدى اسرائيل ولدى الاميركيين ايضاً". وذكرت مصادر اسرائيلية ان باول "يتفهم الآن اكثر" موقف اسرائيل من الأمن. وقالت المصادر ذاتها ان المسؤولين الاسرائيليين بدءا بشارون ومروراً بشالوم وانتهاء بوزراء الحكومة الاسرائيلية من اليمين المتشدد على غرار افيغدور ليبرمان وايفي ايتامإ اكدوا لباول انه "لا توجد امكانية سياسية لإقرار خريطة الطريق في الحكومة الان ومن المفضل البدء في تطبيق مرحلتها الاولى". واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية الى ان شارون ابلغ ضيفه الاميركي "رفضه المطلق" لتجميد الاستيطان في الاراضي الفلسطينية. ونسب الى شارون قوله "انا لا أسميها مستوطنات بل مدن وقرى يهودية. نحن لن نمنع شبابنا في المستوطنات من بناء بيوت لهم ولن نجبر شاباتنا على إجهاض مواليدهن". واعرب ليبرمان عن ارتياحه و"شعوره بالطمانينة ازاء موقف شارون من المستوطنات والمسائل الامنية" الذي اعلنه امام باول. ورحّبت اسرائيل بنتائج زيارة باول، ونقلت الاذاعة العبرية العامة عن قريبين من شارون ارتياحه لحقيقة ان الزيارة لم تحد عن المرسوم لها اسرائيلياً وان المسؤول الاميركي لم يتجنب ممارسة ضغوط على اسرائيل لتنفيذ استحقاقاتها في الخريطة الدولية فحسب، وانما تبنى ايضاً الموقف الاسرائيلي القائل بوجوب ان تشن الحكومة الفلسطينية الجديدة "حرباً فعلية" على الفصائل الفلسطينية المسلحة وليس السعي الى التحاور معها لانجاز اتفاق لوقف النار. وبثت اذاعة الجيش ان اسرائيل "أعطت القليل تدابير انسانية للتسهيل على الفلسطينيين ونجحت في الآن ذاته في تفادي الصدام مع باول" وان الأخير اكتفى "بما حصل عليه بل اشاد بالمسؤولين الاسرائيليين. وتابعت انه باستثناء "بادرات حسن النية الهامشية" واستحصال موافقة من رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن فان باول لم يسجل في زيارته اي انجاز يذكر. ولفتت الى ان شارون يريد من لقائه "ابو مازن" "اثبات جدية نيته" لتحقيق تقدم في المسار التفاوضي. واضافت ان شارون يعتقد بأنه نجح في قذف الكرة الى الملعب الفلسطيني من دون ان يقدم تنازلات جدية وانه حمّل رسالة تقول ان الحكومة الاسرائيلية لن تصادق على المسودة الحالية للخريطة ما لم تعدّل لتشمل تنازل الفلسطينيين عن حق العودة، "فضلاً عن اعتباره الاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية مشروعاً والمستوطنين صفوة الشباب الاسرائيليين الذين يبنون الدولة العبرية". وعرضت الصحف الاسرائيلية مقارنة للمواقف الاسرائيلية والاميركية والفلسطينية ازاء المواضيع التي تطرحها "خريطة الطريق". واشارت الى ان اسرائيل لن توافق على اقامة دولة فلسطينية قبل تنازل الفلسطينيين عن حق العودة فيما يرى الجانب الاميركي انه "لا يجوز ان تشكل قضايا المرحلة النهائية عائقا امام بدء المسيرة السياسية" ويصر الفلسطينيون على بحث هذه القضية في المرحلة الاخيرة من المفاوضات طبقاً لما ورد في خطة "خريطة الطريق" ساترفيلد وايردمان وفي ظل هذا التباعد بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي، غادر باول المنطقة متوجهاً الى القاهرة بعد اجتماعه واعضاء اللجنة الرباعية الدولية في القدس الغربية للبحث في سبل تنفيذ "خريطة الطريق". وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان باول ترك وراءه اثنين من كبار مساعدية لاستكمال العمل هما ديفيد ساترفيلد وممثل وكالة الاستخبارات المركزية سي اي ايه ريتشارد ايردمان لمتابعة عملية تشكيل لجنة الرقابة وآلياتها على الارض. وتوجه مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس من جهته الى واشنطن للإعداد لزيارة شارون الى الولاياتالمتحدة التي يصل اليها الاحد المقبل، وسيستقبله الرئيس جورج بوش في البيت الابيض الثلثاء. ورجحت المصادر ذاتها ان يلتقي شارون وعباس الجمعة المقبل قبل مغادرة شارون الى واشنطن. وأكدت مصادر في مكتب عباس ل"الحياة" احتمال عقد هذا اللقاء قبل توجه شارون الى واشنطن الا انها اشارت الا انه لم يتم تحديد موعد نهائي لهذا اللقاء بعد. "لقاءات امنية سرية" وكشفت المصادر الاسرائيلية ان لقاءات امنية اسرائيلية - فلسطينية عقدت الجمعة والسبت الماضيين. وذكرت اذاعة الجيش ان "منسق اعمال الحكومة الاسرائيلية" في الضفة الغربية عاموس غلعاد التقى وزير الشؤون الامنية الفلسطيني محمد دحلان ومسؤولين فلسطينيين آخرين. ونفى وزير الاعلام نبيل عمرو عقد مثل هذه اللقاءات، مشيراً الى ان التركيز الفلسطيني الان ينصب على اللقاءات السياسية سيما لقاء عباس - شارون. وفيما اتهمت السلطة الفلسطينية شارون بإفشال مهمة باول واعربت عن خيبة أملها من عدم تمكن الاخير من الحصول على موافقة اسرائيلية رسمية على "خريطة الطريق"، قال وزير شؤون المفاوضات في الحكومة الفلسطينية صائب عريقات ان "اي تحرك على الارض لن يجري قبل اعلان اسرائيل الرسمي موافقتها على الخطة". "اسرائيل تصعد التحريض ضد عرفات" ونفى نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ما اوردته اذاعة الجيش الاسرائيلي امس نقلاً عن مصادر امنية رفيعة المستوى ان تكون المجموعة الفلسطينية المسلحة التي نفذت عمليتي اطلاق نار في الاسبوع الاخير قتل فيهما مستوطنان تجد مأوى لها في مجمع "المقاطعة" حيث يقيم عرفات في رام الله. وقال ابو ردينة لوكالة "وفا" الفلسطينية ان هذه الانباء "عارية عن الصحة. وتأتي في اطار حملة التحريض ضد السلطة ورئيسها المنتخب عرفات". وذكرت المصادر الاسرائيلية ان الخلية المسلحة التي نفذت عملية اطلاق النار بالقرب من مستوطنة "عوفرا" غرب رام الله انطلقت من المقاطعة وعادت اليها. وكثف الجيش الاسرائيلي دورياته في محيط مقر عرفات خلال اليومين الماضيين فيما اشارت الاذاعة الاسرائيلية الى ان الجيش الاسرائيلي الذي يحتل رام الله منذ اكثر من عام قرر تشديد الحصار على مقر الرئيس الى ان يتم تسليم اعضاء الخلية التي قالت ان هويات افرادها معروفة لدى اجهزة الامن. وعلى الصعيد ذاته، قرر شارون مقاطعة ممثل الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا خلال زيارته الى المنطقة الاربعاء المقبل بسبب نية الاخير الاجتماع مع عرفات الذي تطالب اسرائيل اوروبا بمقاطعته ووقف الاتصالات معه.