على رغم كون عيادات الاطباء أماكن يرتادها الرجال والنساء على حد سواء فإن المجلات التي توضع في العيادة هي غالباً نسائية. ولا تكتفي هذه المجلات بغزو طاولات العيادات الطبية بل تكاد تشكل "أساس" صالونات التزيين النسائي والرجالي، كما يقول مصفف الشعر عادل. فالسيدة التي تسلم أمر زينة شعرها الى المصفف تقطع الوقت بتصفح سريع لهذا النوع من المجلات الذي يقدم صوراً بارزة وكبيرة لفنانات يرتدين ملابس فاضحة في معظم الاحيان. وهذه الصور تقدم إلى زبونة المزين نماذج ماكياج وتسريحات جميلة قد تدفع بها الى الرغبة بال"تشبه" بهؤلاء الفنانات. فعندما تنصرف السيدة عن "التفرج" على صور غيرها من الحسناوات الجميلات والمتأنقات تطيل النظر في المرآة إلى صورة ذاتها. وتحصد المجلات النسائية اهتمام جمهور واسع من الرجال الذين يحبذون النظر إلى وضعيات الجلوس والاستلقاء التي تتخذها عارضات الأزياء ونجمات الفن اللواتي يبذلن جهداً في إبراز مفاتن أجسادهن في ملابس شفافة أو ضيقة غالباً ما تكشف عن كتفين بيضاوين وصدر امرأة مكتنز، كما تملي موضة السيليكون. وتتبارى نجمات المجلات النسائية ويتنافسن في التربع على عرش الإغراء والغواية. فكل منهن تتطمح إلى الظهور في حلة تجذب الاهتمام إليها وتسرق الأضواء من منافساتها. ويظهر أثر هذا التنافس في الاشاعات التي تنشرها معظم المجلات النسائية اللبنانية، فتعمد فنانة ما إلى رمي منافستها على الجمال بتهمة الإصابة بالسيدا أو بالمثلية الجنسية. وتعنى هذه المجلات بنقل أذواق مشهورات الفن في ألوان الطعام واللباس والاصدقاء. ويقول رجل في أوائل العقد الخامس انه نفر من هذه المجلات بعدما قرأ في إحداها ان طروب تحب الباذنجان المقلي. تخصص مجلة "سنوب" الصادرة في بيروت أكثر من أربعين صفحة للمناسبات الاجتماعية من ولائم تقيمها سيدات المجتمع اللبناني وصبحيات نسائية وخيرية وحفلات عشاء واحتفالات تكريمية ونشاطات تقيمها النوادي ويعود ريعها إلي إنشاء ملعب رياضي مثلاً وافتتاحات ال"كلوبات" وحفلات الكوكتيل والمحاضرات وعروض أزياء وجلسات شاي وافتتاح الصالونات وحفلات الزفاف. والى جانب المناسبات الاجتماعية التي تشغل ربع صفحات هذه المجلة، تشكل إعلانات العطور والنظارات والملابس الداخلية والملابس وصباغ الشعر وتسريحاته وموديلات الموضة ومستحضرات التجميل والكريمات المزيلة لل"سلوليت" ما يزيد على نصف صفحات المجلة. وتخلو هذه المجلة من أخبار الفنانات من زواج وطلاق وإشاعات وتنحو الى تناول ما يشغل بال الصبايا، إذ تقدم الواحدة منهن على الزواج أو "مصاحبة" الآخر. وتبتعد التحقيقات الاجتماعية التي تنشرها "سنوب" عن الفضائح وتعالج المواضيع بشيء من التأني، وتستقبل على صفحاتها الأطباء المتخصصين بالمشكلة التي يجرى التطرق إليها. وتحظى مشاغل المرأة اليومية بالاهتمام فتقترح المجلة على السيدات قواعد من شأنها مساعدة الواحدة منهن في تنسيق أثاث منزلها أو تحضير بيت الاهل لاستقبال المدعويين إلى حفلة زفاف الأولاد أو كيفية تزيين الوجه وتنسيق ألوان الملابس. إلا أن هناك مجلات كثيرة في السوق اللبناني تجعل الشائعات و"القال والقيل" محور مواضيعها. فيكاد لا يخلو عدد من نفي لشائعة أو رد من ممثلة أو فنانة على كلام يمسها بالسوء. في إطار صور الاغراء والعري حتى. وتجري هذه المجلات مقابلات مع فنانين لم يسمع أحد بهم من قبل وجمل يحفظها القراء على غرار "أنا لست رقاصة أنا فنانة". وتتميز مجلة "الشبكة" التي تبتعد الى حد ما عن العناوين "الفضائحية" وتجعل صفحاتها منصات يتوالى عليها الفنانون فيعرضون ذواتهم وأحوالهم ويتكلمون عن أهدافهم وأذواقهم باقتضاب. فتفوق المساحة التي تخصص في الصفحة الواحدة لصور فنان ما الكلام الذي يتفوه به هذا الأخير في المقابلة التي تجريها معه هذه المجلة. فكأن الشعار الذي يرفع في الشبكة هو "الصور أكثر إنباء من الكتابة وأحرفها". لا تتناول هذه المجلة المواضيع الاجتماعية والمشكلات التي قد تهم القارئ.