اعترف قائد قوات "التحالف" الاميركي البريطاني في العراق الجنرال تومي فرانكس بأنها ستواجه "مرحلة صعبة"، مستبعداً خفضها قريباً بسبب "الفوضى العارمة" في هذا البلد. وفيما تخلت منظمة "مجاهدين خلق" الايرانية المعارضة عن كل الحواجز وسلمتها الى القوات الاميركية، اعلن مسؤول عسكري اميركي ان جميع المعتقلين من قادة نظام صدام حسين محتَجَزون في موقع في بغداد، مشيراً الى وجود خليجيين وايرانيين واردنيين بين مئتي اسير حرب اجنبي. وقتلت القوات الاميركية مواطناً في بغداد، فيما اكدت منظمة العفو الدولية اكتشاف مقابر جماعية في البصرة. ذكر ضباط أميركيون أمس أن منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة المسلحة التي تقيم قواعد في العراق، سلمت كل نقاط التفتيش التابعة لها إلى القوات الأميركية، بموجب اتفاق لوقف النار. لكن اللفتنانت كولونيل جون ميلر أشار إلى أن المنظمة لا تزال تنشر مقاتلين في خمسة معسكرات تحرسها الدبابات والمدفعية والعربات المدرعة، قرب الحدود العراقية - الإيرانية. وتعتبر وزارة الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي والحكومة الإيرانية "مجاهدين خلق" من "المنظمات الإرهابية"، بينما تعتبر المنظمة أنها تقاتل ضد "اضطهاد" تمارسه الحكومة في طهران. وبموجب وقف النار، على المنظمة جمع أسلحتها الثقيلة في مناطق محددة والامتناع عن أي أعمال عدوانية ضد قوات "التحالف"، لكن الاتفاق يسمح لمقاتلي المنظمة بحمل الأسلحة الخفيفة والدفاع عن أنفسهم ضد الجماعات الشيعية المناوئة. وشوهدت دبابات ل"مجاهدين خلق" وأسلحة ثقيلة تحرس مواقع استراتيجية قرب قواعدها في شمال شرقي بعقوبة، عاصمة محافظة ديالى العراقية، حتى بعد دخول القوات الأميركية تلك المنطقة للمرة الأولى هذا الأسبوع. وانتقدت طهران بشدة الاتفاق، معتبرة أنه يظهر "نفاق" واشنطن في "الحرب على الإرهاب". وقد يواجه مقاتلو المنظمة أعمالاً انتقامية قاسية إذا عادوا إلى إيران، فيما دخولهم الولاياتالمتحدة سيعزز طروحات بأن واشنطن تتبع ازدواجية المعايير في قتالها ضد الإرهاب. والمنظمة، التي حظيت بدعم صدام، ربما تكون مصدراً قيّماً للمعلومات حول أساليب العمل الداخلية في حزب "البعث"، وهي تشاطر الولاياتالمتحدة سعيها إلى منع تسلل العملاء الإيرانيين أو النفوذ الإيراني عبر الحدود إلى العراق. وتقاتل المنظمة "فيلق بدر"، الجناح العسكري ل"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" بزعامة محمد باقر الحكيم، والذي يتخذ من طهران مقراً له. وتحدث ميلر عن موقف "متعاون" أبدته "مجاهدين خلق"، وقال: "كل علاقاتنا بهم كانت ايجابية". وأضاف: "سنضمن الأمن ونرسي الاستقرار في المنطقة، والاجراء الأول سيكون إقامة حواجز لمنع نقل الأسلحة إلى الأراضي العراقية، ونشوء نزاعات بين فصائل متناحرة". وأفاد ضباط أميركيون ان المنظمة الإيرانية تنشر فرقة في محافظة ديالى العراقية على طول الحدود مع إيران، تضم عشرات الدبابات ومصفحات لنقل الجند وقطع مدفعية. وحلقت طائرات أميركية من طراز "بي 52" أمس فوق مواقع "مجاهدين خلق" بعد بضع ساعات على تسليم المنظمة حواجزها على الطرقات للقوات الأميركية. وأعلن الجنرال راي اوديرنو، قائد فرقة المشاة الرابعة في الجيش الأميركي التي انتشرت في مناطق كانت تحت سيطرة المنظمة، تفكيك حواجزها لضمان أمن الوحدات الأميركية. لكنه رفض التطرق إلى مستقبل وجود المنظمة في العراق، أو إلى مفاوضات معها، لتجنب اتهام واشنطن بالتعامل مع "منظمات إرهابية". وفي قطر أكد ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية أن "قناصاً قتل جندياً تابعاً للفرقة الثالثة مشاة في بغداد" أول من أمس، في حين روى شهود عراقيون أن جندياً أميركياً قُتل فوق جسر جنوب العاصمة العراقية. فرانكس وخفض القوات في واشنطن، اعتبر قائد القوات الأميركية - البريطانية في العراق الجنرال تومي فرانكس بعد محادثات اجراها في الكونغرس ليل الخميس ان على القوات الاميركية والبريطانية ان تتوقع "مرحلة صعبة" في العراق، مستبعداً خفضاً للقوات الاميركية الآن. وقال للصحافيين: "انتظر أوقاتاً مضطربة جداً في هذا البلد، ويمكننا أن نواجه الأمر وستواصل قواتنا عملها". وشدد على أن "عدداً كبيراً من القوات الأميركية لا يزال ضرورياًعلى الأرض في العراق" بسبب "الفوضى السائدة وضرورة اتخاذنا الوقت الكافي لإعادة الاستقرار". وتابع: "سيكون هناك في وقت ما خفض لقواتنا، ولكن ليس الوقت مناسباً الآن للبدء بذلك، بسبب الفوضى العارمة السائدة في البلد". وتوجه فرانكس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد إلى الكونغرس لاطلاع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب على الجهود التي تبذل لإعادة النظام الى العراق، والاشراف على إعادة إعماره. وأعلن قائد القوات البرية الأميركية في العراق أن القوات الاميركية - البريطانية هي السلطة الوحيدة في هذا البلد، مشيراً إلى أن العراق "ليس خاضعاً للقانون العرفي". وقال الجنرال ديفيد ماكيرنان خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد ليل الخميس بحضور الجنرال جاي غارنز، رئيس "مكتب إعادة الإعمار والمساعدات الانسانية" في العراق: "نخضع لقانون مدني، ولكن مع سلطة عسكرية. نحن بين الاثنين، والعراق ليس خاضعاً للقانون العرفي لكنه في مرحلة انتقالية، وقوات التحالف هي السلطة هنا". وأقر غارنر بصعوبة ازالة تأثير حزب "البعث" الذي كان حاكماً في ظل صدام حسين. وقال: "من الصعب حض الناس على ألا يكونوا بعثيين طالما انهم لم يعودوا الى أعمالهم. ندرك انه كانت للحزب قاعدة عريضة، وان عدداً كبيراً من الأشخاص كانوا منتسبين اليه، فقط من أجل الحصول على عمل". وكان الجنرالان الأميركيان يتحدثان بعد بضع ساعات على معاودة نشاط المحاكم العراقية. وأضاف ماكيرنان: "فتحنا أول محكمتين"، مشدداً على الجهود التي بذلها الأميركيون من أجل "تسهيل تعيين أو انتخاب مسؤولين موقتين حتى قيام هيئة سياسية عراقية، يكون بإمكانها القيام بذلك". "غرف" القادة المعتقلين في الوقت ذاته، أعلن مسؤول عسكري أميركي أن المسؤولين الكبار في نظام صدام حسين الذين اعتقلتهم القوات الاميركية، محتجزون في غرف منفصلة في مكان واحد في بغداد. وقال الكولونيل جون ديلا جاكونو من أم قصر للصحافيين في البنتاغون ان هؤلاء الاشخاص "معتقلون في مكان آمن في بغداد وفي غرف منفصلة". وتحدث عن 17 معتقلاً مدرجة اسماؤهم على قائمة المسؤولين العراقيين المطلوبين وعددهم 55. ومع ذلك أوضحت الناطقة باسم البنتاغون ديانا بيري ان عدد هؤلاء المسؤولين المعتقلين هو 18 بحسب احصاء رسمي للقيادة الأميركية الوسطى، وان هذا الرقم لا يتضمن علي حسن المجيد المعروف ب"علي الكيماوي" الذي قتل خلال غارة على البصرة. وذكر جاكونو، وهو رئيس أركان القوات البرية لجيوش "التحالف" في العراق، ان "هؤلاء يلقون معاملة حسنة وتتولى الشرطة العسكرية حمايتهم. يعاملون وفقاً لاتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، أي باحترام وكرامة، ويخضعون للاستجواب". وأشار إلى أن حوالى ألفي شخص، بينهم 200 أجنبي، ما زالوا معتقلين لدى القوات الأميركية - البريطانية، بعد اطلاق سبعة آلاف سجين في العراق. وأكد أن الأجانب ال200 محتجزون في "مركز الاعتقال في أم قصر"، و"بعضهم أتى من دول الخليج، ويفترض انهم من فدائيي صدام". وزاد انهم قد يعتبرون بمثابة "مقاتلين غير شرعيين"، وهي فئة من دون وضع قانوني مثل معتقلي افغانستان من "طالبان" أو عناصر "القاعدة" في قاعدة غوانتانامو والذين لم يطلقوا بعد. وتوجد امرأة بين الأسرى. وأعلن جاكونو أن "بعض المعتقلين من أصل أردني، وهناك بعض الإيرانيين، وأسرى من كل دولة من دول الخليج المجاورة للعراق"، ولكن من دون مقارنة مع أفغانستان حيث جاء المقاتلون من أنحاء العالم. وكانت واشنطن أخذت على سورية خصوصاً فتح حدودها أمام المتطوعين الأجانب للقتال إلى جانب العراق. منظمة العفو إلى ذلك، أكدت منظمة العفو الدولية أمس أن مقابر جماعية تحتوي على رفات مدنيين عراقيين اكتشفت أخيراً في منطقة البصرةجنوبالعراق. وفي انتظار توجه خبراء في الطب الشرعي الى المكان، طلبت المنظمة من القوات الأميركية والبريطانية تطويق المقابر الجماعية باجراءات أمنية للحفاظ على الموقع بوضعه، مشددة على أن هذا هو "واجب المحتل". وقالت الناطقة باسم المنظمة جوديت اريناس ليسيا لوكالة "فرانس برس": "عثرنا على مقابر جماعية في منطقة البصرة خلال بضعة أيام: سبع في ثلاثة أيام تحتوي حوالى أربعين جثة". وقد يكون هؤلاء قتلوا أثناء قمع انتفاضة 1991 ضد نظام صدام، أو سقطوا ضحايا اغتيالات سياسية خلال السنوات التالية، كما أشارت المنظمة التي أوضحت أن "ملابسهم تدل أنهم من المدنيين".