أصبح وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، بزيه العسكري وابتسامته اللامبالية، وجهاً وصوتاً للتحدي العراقي. ولا تروع النجاحات الأميركية والبريطانية الصحاف. بل انه كثيراً ما ينفي تماماً ما يراه المشاهدون في شتى انحاء العالم على شاشات التلفزيونات. وعلى رغم أن القوات الأميركية دخلت مجمعاً رئاسياً في وسط بغداد الاثنين وتوغلت الدبابات في شوارع العاصمة على بعد مئات الأمتار، بدت الثقة على الصحاف وهو يقول للعالم: "إن الغزاة سيذبحون". وقال الصحاف للصحافيين الذين تجمعوا فوق سطح مبنى وزارة الإعلام: "الأوغاد ينتحرون بالمئات على بوابات بغداد". ولم يروعه الدخان الأسود المتصاعد من ورائه في وسط بغداد وأصوات القتال التي تدوي في العاصمة العراقية وهو يعلن "أن المدينة آمنة". ويوجه الصحاف، الذي يظهر مرتدياً زيه العسكري، الشتائم إلى القوات الأميركية والبريطانية ويصفهم ب"المخبولين". وأصبح الصحاف 63 عاماً، الذي تولى فترة وزارة الخارجية، نجماً إعلامياً وبطلاً في كثير من أنحاء العالم العربي. وفي الوقت الذي تقاتل فيه القوات العراقية في ميدان المعركة يكيل الصحاف الشتائم للقادة البريطانيين والأميركيين، فيصفهم ب"الغزاة الأشرار" و"عصابة الأوغاد الدولية" و"مصاصي الدماء" و"المستعمرين الخاسئين". ويصف القوات الأميركية والبريطانية ب"قطعان الخراف المقدر لها أن تقتل في العراق"، أو يشبههم بالأفعى التي تزحف في وسط الصحراء وستقطع الى اجزاء. وكثيراً ما يصيب الصحاف المراسلين الأجانب بالدهشة من روايته للأحداث، عندما يصف الروايات الأميركية والبريطانية للحرب بأنها "أكاذيب وأوهام". ونفى الصحاف تماماً أن القوات الأميركية موجودة في مطار بغداد الدولي، على رغم التغطية التلفزيونية التي أوضحت أن القوات المهاجمة تتحرك في صالة سفر مدمرة. وعندما سُئل في اليوم التالي عن التقارير الأميركية عن أن القوات موجودة في قلب العاصمة، أجاب الصحاف بأنه في إمكان الصحافيين "زيارة هذه الأماكن ولن يجدوا أي شيء هناك على الاطلاق". ولا يواجه الصحاف في العالم العربي، حيث ينظر اليه بعضهم على انه بطل، السخرية التي يواجهها من الصحف الغربية. ويقول حازم 25 عاماً أحد حراس الأمن في القاهرة: "اعتقد بأن الصحاف يبالغ نوعاً ما، لكن يتحتم عليه أن يفعل ذلك لكي يُطمئن شعبه. وبالطبع هو يعلم أنه يتحدث أيضاً إلى الجنود الأميركيين، ومن ثم فإن تصريحاته جزء من الحرب النفسية الدائرة". أما عبدالعزيز، وهو كاتب سعودي رفض نشر اسمه كاملاً، فيقول: "الصحاف فظ ولكنه كاذب شجاع… لو أن بقية اعضاء الحكومة العراقية أو الجيش العراقي في شجاعته، فسيلحقون المزيد من الخسائر بالقوات الأميركية والبريطانية". وكان الصحاف وزير خارجية العراق لأكثر من عقد وسفيراً لدى الهند وايطاليا والأمم المتحدة. وعلى رغم علاقته الطيبة بالرئيس صدام حسين ومن كونه عضواً في حزب البعث، إلا أن العلاقة بينه وبين عدي الابن الأكبر لصدام ليست طيبة. وأقال صدام الصحاف من منصبه كوزير للخارجية في نيسان ابريل العام 2001 وعينه وزيراً للاعلام، بعدما انتقدته صحيفة "بابل" التي يملكها عدي. وكانت الصحيفة توقفت عن الصدور لأسابيع بعدما تولى الصحاف منصبه الجديد.