يصل إلى أنقرة غداً وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي لاستطلاع الموقف التركي في مسار الحرب ومستقبل النظام السياسي في العراق. وكانت زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول لأنقرة الثلثاء الماضي، وما تبعها من تصريحات، حضت على التعاون والتنسيق بين الطرفين، اعطت انطباعاً بأن صفقة تركية - أميركية أبرمت لترتيب عراق ما بعد الحرب. ويتضمن جدول زيارة خرازي اجتماعه مع كبار المسؤولين الأتراك الذين التقاهم باول، أي الرئيس نجدت سيزر، ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، ووزير الخارجية عبدالله غل. وكان خرازي وغل تحادثا هاتفياً في الأسابيع الماضية، إلا أنه بدا واضحاً أن البلدين فشلا في بلورة تصور مشترك للأزمة العراقية على رغم الجهود التي بذلاها قبل ثلاثة شهور، لتحقيق اجماع اقليمي واظهار قدرة البلدان المجاورة للعراق على امتلاك زمام مبادرة خاصة بها. وقالت مصادر تابعت سير المحادثات بين أنقرةوطهران، إن مبادرة خرازي الأسبوع الماضي ودعوته إلى إقامة محور ثلاثي يضم إيرانوتركيا وسورية، لمعالجة الموقف في شمال العراق "أتت متأخرة للغاية"، و"خارج السياق المتسارع للأحداث". وأشارت إلى أن موقف إيران التي أعلنت التزام سياسة "الحياد الايجابي" ازاء الحرب على العراق، اصيب بالارتباك خلال الأسابيع الماضية، بسبب الصراع بين المحافظين والمتشددين على كيفية إدارة ملف النزاع العراقي. وأفادت ان هذا الارتباك انعكس في محاولة بعض التيارات في طهران استمالة الحزبين الكرديين الرئيسيين في شمال العراق عبر وعدهما بصفقة يحصل الأكراد بموجبها على 25 في المئة من عوائد نفط كركوك، مقابل دعمهما مشروعاً إيرانياً لايصال زعيم "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" في العراق محمد باقر الحكيم إلى سدة رئاسة العراق، في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب. وما زاد من الارتباك الإيراني أن واشنطن تحركت بسرعة لامتلاك زمام الأمور، عندما عادت واستمالت الأكراد إلى جانبها، بعدما قررت فتح جبهة الشمال واجهاض محاولات التأثير الإيرانية ومنع تركيا من الدخول. ويظهر تطور الأوضاع أن زيارة باول إلى أنقرة سمحت بإعادة المياه "نسبياً" إلى مجاريها بين واشنطنوأنقرة، وتحقيق انتصار سياسي على طهران التي وجدت نفسها خارج لعبة تقاسم النفوذ في العراق، والحرب لم تُحسم بعد، وفي وقت وجهت وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان تحذيرات إلى طهران من مغبة التدخل في العراق، أو السماح بدخول قوات "فيلق بدر" التابع للمجلس الأعلى. ويؤكد المسؤولون الأتراك أن الأمور في ظاهرها قد لا تكون بهذا الوضوح، مشيرين إلى أن العلاقات التركية - الأميركية لم تُشفَ بعد من حال التشكيك المتبادلة، وإلى أنهم سيبقون يراقبون تطورات الأوضاع في العراق عن كثب. ويقول المراقبون إن الحوار الإيراني - التركي يحاول بلورة تصور مشترك بين البلدين، في ظل عدم اعتراض المؤسسة العسكرية على تحقيق تقارب أعلى مع طهران. ويشيرون إلى أن محادثات الجانبين ستتركز خصوصاً على شكل الحكومة العراقية التي تنوي واشنطن إعلانها في الأيام المقبلة، وعلى مستقبل العراق، بالإضافة إلى كردستان العراق، في ظل ما يقال في الأوساط السياسية التركية عن "ارتفاع" حرارة الاتصالات والتنسيق بين بعض أطراف المعارضة الكردية ومسؤولي الأمن الإسرائيليين.