تشهد "دار كريستيز" للمزادات العلنية في لندن يوم الثلثاء المقبل مبيع مجموعة قيّمة ونادرة من المخطوطات والفنون الإسلامية التي تغطي مراحل زمنية مختلفة وتأتي من مناطق جغرافية متنوعة. وتتألف المجموعة من مخطوطات قرآنية ومنمنمات زخرفية وأعمال سيراميكية وفخارية واصطرلابات نحاسية ومنحوتات خشبية مطعمة بالأصداف والعاج وزجاجيات ومجلدات فاخرة وآنيات فضية وبرونزية وسيوف وخناجر مطعمة بالأحجار الكريمة وحلي. ويتوقع أن تراوح الأسعار بين 2000 و400 ألف جنيه استرليني، في حين سيخضع تمثال برونزي أندلسي من القرن العاشر الميلادي لكشف السعر لاحقاً. وتبرز في هذا المزاد مخطوطة قرآنية من القرن الخامس عشر الميلادي، نسخها الشيخ حمد الله في اسطنبول العثمانية، وهي بخط النسخ، وكانت أوقفتها زوجة السلطان محمد الثاني ووالدة السلطان عبدالعزيز، ولا يعرف تاريخ وصولها إلى يدها أو إلى المقر السلطاني الباب العالي في منتصف القرن التاسع عشر. وتقدر قيمتها ب150 ألف جنيه استرليني. وهناك أيضاً مخطوطة مهمة ونادرة من القرن السابع عشر عن الأسلحة المدفعية والمعدات العسكرية لإحكام الحصارات حول المدن، وعنوانها "كتاب العز والمنافع للمجاهدين في سبيل الله بآلات الحروب والمدافع" من تأليف إبراهيم بن أحمد بن محمد بن زكريا الأندلسي. ويرجح أنها وضعت في تونس أو مراكش في سنة 1654 ميلادية. ويقدر سعرها ب25 ألف جنيه استرليني. ومن الأعمال الخشبية المهمة باب من درفتين مصنوع من خشب الجوز، مزخرف ويحمل في أعلاه نقش بخط الثلث من عبارتين هما: العاقل من وعظته التجارب/ والجاهل من لا يفكر في العواقب. وهو من منطقة قونية التركية حوالى سنة 1270 ميلادية، ويقدر سعره ب250 ألف جنيه استرليني. وهناك لوح خشبي منقوش وملون يعود إلى عصر الموحدين في الغرب أو الأندلس أواخر القرن الثاني عشر. الكتابة بالخط الكوفي وهي مذهبة على خلفية حمراء. ويقدر السعر ب400 ألف جنيه استرليني. أما أهم ما في هذا المزاد، فهو مخطوطة كاملة من كتاب "كليلة ودمنة" تحتوي خمساً وخمسين منمنمة ملونة، نسخها عبدالمنى بن نسيم النقاش بتاريخ 14 أيلول سبتمبر 1671 في ولاية سورية العثمانية وهي باللغة العربية بخط النسخ على الورق، الكتابة بالحبر الأسود وإطار الصفحات بالأحمر، في حين استخدم اللونان الأبيض والذهبي للعناوين وإطار المنمنمات. والملفت للنظر أن عبدالمنى بن نسيم النقاش استوحى منمنماته من الأساليب الفنية القديمة، ما يشير إلى أنه كان مطلعاً على تلك الأعمال الأولى أو أن أعمالاً أخرى وسيطة كانت معروفة آنذاك لكنها فقدت. وهنا تكمن أهمية هذه المخطوطة المرسومة، إذ أنها تقدم مرحلة فنية مهمة تكاد تكون مجهولة لدى الباحثين حالياً. ويشير اسم النقاش عبدالمنى إلى أنه ربما كان غير مسلم، أي من المسيحيين أو اليهود. ويعزز هذا الاعتقاد أنه يستخدم كلمة "هلالية" لوصف تاريخ انتهاء المخطوطة بدلاً من كلمة "هجرية" المستخدمة عادة في المخطوطات الإسلامية المماثلة. ولا يوجد من مخطوطات "كليلة ودمنة" ذات المنمنمات سوى تسع نسخ معروفة حتى الآن من القرن السابع عشر الميلادي، بعضها موجود في باريس لكنها غير مؤرخة مثلما هي الحال مع المخطوطة التي نحن بصددها. ويقدر سعر هذه المخطوطة ب60 ألف جنيه استرليني.