أخطأ فريد وغلطة الشاطر كانت بألف هذه المرة عندما كلف زوجته سهير بدفع فاتورة هاتفه الخلوي، وعندما اكتشفت الزوجة أنه كان أوقف اشتراكه في خدمة الرسائل القصيرة بينما دأبت هي طوال الشهر على إرسال رسائل قصيرة له أثناء وجوده في لبنان في دورة تدريبية. رسائل في الليل والنهار، قبل الطعام وبعده، حتى أنها كانت تخبره بأدق تفاصيل حياتها اليومية، وكيف غيرت لون شعرها، وكيف أن ابنهما فادي مصاب بالإسهال و"كيفك يا فريد ومع مين إنت هلق". وكان فريد يتظاهر تلك الفترة بأنه يتلقى رسائل زوجته وبأنه سعيد بها لأنها تقربه منها ولكنه لا يملك الوقت ليرد عليها. أما فريد فيبرر فعلته قائلاً: "أندم كثيراً على اليوم الذي اشتريت فيه الهاتف النقال لزوجتي، وصرت أكره أكثر رسائلها القصيرة التي كانت تصل في اليوم الواحد إلى العشرين رسالة، فهي لا تعمل ولا تقدّر أنني لا أملك الوقت الكافي للرد عليها وهي لا تريد الاتصال بحجة أن المكالمات مكلفة وأن الرسالة القصيرة أرخص". ويتابع فريد: "رسائل زوجتي أوصلتني إلى حد القرف وكثيراً ما كنا نتشاجر بشأنها، فهي تتهمني بإهمالها وبأنني أنساها دوماً أثناء العمل وأنني لا "أستهضم" ما ترسله لي من خلالها من نكات، حتى أنني وفي إحدى المرات ضربت الهاتف بالحائط وكسرته، فالوضع لم يعد يطاق". ويقول إن زوجته كانت كل يوم تعاين ما يرده من رسائل أثناء النهار لتتأكد من أنه لا يخونها مع أخرى، وأنه تشاجر معها في إحدى المرات ووصل الامر بها إلى ترك المنزل والذهاب إلى بيت أهلها عندما اكتشفت أنه كان يلغي الرسائل التي ترسلها إليه ولا يحتفظ بها أبداً". خلاف فريد وزوجته الذي بدأ حول الرسائل القصيرة انتهى بهما في مكتب محاماة في دمشق وذلك بعدما رفعت ريم دعوة طلاق على زوجها بحجة أنه كان يخونها أثناء وجوده في لبنان. في الحقيقية، وعلى رغم مضي ما يقارب الاربعة أعوام على وجود الهاتف الخلوي في سورية، وعلى رغم تعدد خدماته وازديادها يوماً بعد يوم فإن خدمة الرسائل القصيرة لا تزال الاكثر استخداماً وذلك لارتفاع أجور المكالمات مقارنة بسعر الرسالة القصيرة الواحدة، فسعر الرسالة المحلية هو 5 ليرات سورية أما الدولية فهو 10 ليرات سورية، وقد درج العشاق والمتزوجون على تبادل النقال كهدية خصوصاً في عيد الحب، ولكن الشكاوى من تلك الهدية سرعان ما تتعالى من أحد الطرفين بعد مضي فترة قصيرة، وإن لم تكن النتائج سيئة للغاية كما حصل مع فريد وزوجته. ميساء ع. 30 عاماً صحافية متزوجة حديثاً اشترى لها زوجها هاتفاً نقالاً أثناء فترة الخطوبة، قالت: "زوجي شديد الغيرة وقد تشاجرت معه في إحدى المرات عندما أرسل إلي أحد زملائي في الجامعة رسالة قصيرة اعتبرها زوجي قليلة الأدب، وأنا لم أتوقف عن استقبال هذه الرسائل ولكنني استبدلت جهازي القديم بجهاز جديد لا يصدر صوتاً أو ضوءاً لدى ورود أي رسالة جديدة، كما أنني لا أضع جهازي أبداً خارج حقيبتي لئلا يتفقده زوجي ويجد رسالة أو اتصالاً ما من أحد الاصدقاء"، وتقول ميساء: "نادراً ما أقوم بإرسال رسالة قصيرة لأنها تحتاج لطولة بال، ولكنني أستخدمها عندما أكون خارج البلد لأخبر زوجي عن زمن عودتي". فادي ع. 40 عاماً ضحك كثيراً لدى سؤاله إن كان يرسل الرسائل القصيرة إلى زوجته وقال: "أراهن إن كان هناك رجل في الدنيا ينفق ولو حتى دقيقتين في النهار لإرسال رسالة إلى زوجته إلا إذا كان مضطراً لذلك، وأنا بالكاد أتحمل اتصالاتها المتكررة التي تخرجني عن طوري في كثير من الاحيان". ويتابع: "بصراحة أتبادل الكثير من الرسائل مع الاصدقاء والصديقات لتناقل مجموعة من النكات والعبارات الثقيلة التي لا أود لأحد أن يسمعها وأنا أقوم بإلغاء الرسالة فوراً بعد قراءتها لئلا تقوم زوجتي بقراءتها ولئلا أدخل في سين وجيم". سهاد 33 عاماً متزوجة وهي تعمل في إحدى شركات الهاتف الخلوي قالت إن جميع زملائها في العمل يقولون انها مهووسة بهذا الاختراع الذي يسمونه رسائل قصيرة، فزوجها يعمل في السعودية وهي تجلس في المكتب مع أربعة أخرين ولا تستطيع أن تحدث زوجها أمامهم، كما أنها لا تملك اشتراكاً في خدمة الاتصال الدولي لذا فهي تجد في هذه الرسائل القصيرة "فشة خلق"، فتحدث زوجها عن كل ما يجرى معها في النهار وترسل إليه عبارات الحب وهو يرد عليها مباشرة أو يقول لها إنه مشغول وأنه سيرد لاحقاً. وتقول سهاد: "صرت سريعة جداً في كتابة الرسائل وأنا لا أجد في ذلك أي عناء كما أنني أحس براحة لأنني أستطيع أن أتبادل مع زوجي أي نوع من الكلام، فأنا أحس بأنني أستطيع الكتابة بحرية أكبر من الكلام".