قفزت واحة سيوة الى لائحة المزارات السياحية المصرية المهمة في العشرين عاماً الاخيرة على رغم انها من اقدم المواقع واعتقها. وحولها نسج الكثير من القصص والاساطير والتكهنات التي يحاول البعض اثباتها ويحاول آخرون نفيها. موقعها النائي في صحراء مصر الغربية، وعادات اهلها وتقاليدهم المختلفة عن بقية سكان مصر، ولغتهم الخاصة بهم جميعها عوامل زادت من انجذاب السياح اليها، لا سيما الغربيين، اذ ما زال السياح العرب يفضلون زيارة المدن المصرية لكبرى فقط، وهو ايضاً ما شجع السلطات المصرية على اتخاذ خطوات تسهل زيارة تلك البقعة في "الارض الحمراء". لقب الارض الحمراء هذا ظهر في الحضارة المصرية القديمة اذ اطلق اسم الحضارة السوداء على وادي النيل ذات الطمي الاسود، المحاطة بالارض الحمراء الصحراوية. وواحة سيوة هي الأبعد بين الواحات الاخرى: البحرية، والفرافرة، والداخلة، والخارجة. وظلت بسكانها شبه منفصلة عن مصر الى اواخر القرن التاسع عشر. ويقال ان احد الجيوش الاسطورية كان ماراً بسيوة حين اختفى بأكمله تحت وطأة عاصفة رملية. ويشاع ايضاً ان الاسكندر الاكبر توجه الى سيوة ليطلب مشورة كهنة الاله "آمون". وهناك عشرات من القصص التي لم يستطع احد ان يثبتها او ينفيها تماماً بعد. والواحة تقدم كل ما يداعب مخيلة المسافر الغربي: اشجار النخيل المتعانقة حول بحيرات الماء العذبة والمالحة، كثيبات رملية عملاقة، واطلال المدن الطينية المتبقية التي تشهد على شهرة سيوة وعلو شأنها في العصور الاغريقية الرومانية، حتى ان البعض يؤمن بوجود قبر الاسكندر الاكبر فيها. والتوقيت الافضل لزيارة سيوة هو الربيع او في الخريف، حين يقيم اهل سيوة احتفالاتهم وتكون درجة حرارة الجو معتدلة. وتجذب مدينة سيوة اعداداً كبيرة من السياح الراغبين في التعرف الى ثقافة المجتمع وعاداته. وقد زاد عدد سكان سيوة الى زهاء 18 ألف نسمة في السنوات الاخيرة. وبدأ اهل المدينة في التخلي عن بيوتهم التقليدية المبنية من الطين مفضلين عليها المباني السكنية الصغيرة. وتصب الشوارع الرئيسية والفرعية في منطقة السوق المركزية. وتمكن ملاحظة مظاهر المدنية الحديثة على سكان سيوة. فعلى رغم ان النساء المتقدمات في العمر ما زلن يحرصن على ارتداء الزي السيوي التقليدي، الا ان الفتيات يرتدين الملابس العادية. وفي حفلات الزفاف والمناسبات الخاصة، ترتدي الفتيات والنساء الاكسسوارات الفضية التي عرفت بها سيوة، ويجدلن شعورهن ويرتدين الفساتين التقليدية. وتجري احتفالات الزواج بالطريقة نفسها التي كانت متبعة قبل مئات السنين. فتتبادل اسرتا العروس والعريس الزيارات. وتأخذ العروس حمام الزفاف، حين يتم نزع قطعة حلي فضية ليرمز بذلك الى انتقالها من بيت ابيها الى بيت زوجها. ثم يجري "اختطاف" العروس من قبل اسرة زوجها، ثم يعيدونها الى بيت اهلها وهي ملفوفة في قطعة قماش كبيرة. ثم تقام ليلة الزواج وترتدي العروس فستان الزفاف السيوي ذا الالوان البراقة المتعددة. ومنذ اكتشاف سيوة كوجهة سياحية، زاد عدد المطاعم والمقاهي فيها، واشهرها: "مطعم الشرق والغرب" الذي يقدم مأكولات معقولة بالاضافة الى ان موقعه يتيح لزواره التفرج على الحياة اليومية في سيوة. وهناك ايضاً مطعم "الاسكندر الاكبر". كما تحوي سيوة حالياً كل الخدمات التي يحتاجها الزوار من صيدليات ومستشفى ومكتب بريد، وهواتف وغيرها. كما تحسنت نوعية الفنادق مثل "الاسكندر الاكبر" و"آمون" و"عروس الواحة" و"كليوباترا" وغيرها. كما يسمح للسياح بالاقامة في خيام، وذلك بعد الحصول على موافقة شرطة السياحة. ولا يمكن ان يترك السائح سيوة من دون شراء عدد من الهدايا التذكارية، لا سيما الفخار والسلال المصنوعة يدوياً. وكانت صناعة الفساتين واغطية الرأس السيوية قد بدأت في الاندثار، الا انها انتعشت كثيراً، بسبب الاقبال الشديد للسياح عليها. واغلب تلك الصناعات نسائي. وساعد ذلك على اعطاء المرأة في سيوة الكثير من الاستقلال الاقتصادي. وهناك ايضاً المشغولات الفضية فعلى رغم ان المصريين عموماً يحبون الذهب ويفضلونه، الا ان اهل سيوة يفضلون الفضة منذ مئات السنين. كما انهم كانوا يشترون مشغولات الفضة ويخزونها في بيوتهم، كنوع من الادخار ولابراز عدم الثقة في النظام المصرفي. وتصميمات الفضة في سيوة لا يمكن ان تجد لها مثيلاً في اي مكان آخر، وهي مستوحاة من تصميمات البربر. وفي سيوة الكثير من المزارات التاريخية، منها اطلال المعابد والبيوت وهناك "البيت السيوي التقليدي" وهو اشبه بمتحف يمنح الزائر لمحة عن البيت السيوي من الداخل. وفيه تعرض الملابس السيوية التقليدية، والاكسسوارات واللعب. ويمكن شراء تلك الاشياء من السوق في الميدان الرئيسي. وهي سوق يومية لكنها تزدحم في ايام الجمعة من كل اسبوع حين يتوافد الجميع اليها للبيع والشراء. وهناك ايضاً مسجد "سيدي سليمان" الذي شيده الملك فؤاد، وتقام له موالد سنوية. اما جبل الموتى فيمكن الوصول اليه عن طريق مرسى مطروح. وهي مقابر تعود الى العصر البطليموسي، واستخدمها من بعدهم الرومان. والوصول الى سيوة يمكن ان يكون عبر احد طريقين: من واحة البحرية، او من الاسكندرية ومرسى مطروح، والاخير يفضله اغلب الزوار والطريق من مرسى مطروح الى سيوة 300 كلم يستغرق نحو اربع ساعات بالسيارة. ويمكن كذلك الاشتراك في احدى رحلات السفاري التي يتكفل منظموها بالاقامة والانتقالات.