غسل الهلاليون الهموم التي حاصرتهم طوال هذا الموسم، فأحرز فريقهم لقب كأس ولي العهد السعودي لكرة القدم إثر تغلبه على الأهلي بهدف سجله محمد الشلهوب في الدقيقة ال80، وتسلّم قائده سامي الجابر الكأس من أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي حضر المباراة نيابة عن ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وخرج الهلاليون بضحكة زنتها أكثر من رطل، واتشحت الرياض باللون الأزرق. وبذلك رفع "الزعيم" عدد ألقابه إلى 40 حصدها في نصف قرن، وبات أكثر الأندية السعودية تحقيقاً للبطولات. وزف نحو 60 ألف متفرج ملأوا جنبات ستاد الملك فهد الهلال لحظة تتويجه، وصالح اللاعبون جمهورهم بعد الاخفاقات التي تعرضوا لها، بدءاً من مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد، مروراً بكأس السوبر الآسيوية، وبطولة أندية دول مجلس التعاون الخليجي، إلى ربع نهائي دوري بطولة آسيا. وعزا لاعبو الهلال التألق في المباراة النهائية إلى الإعداد النفسي الذي وفره لهم رئيس النادي الجديد الأمير عبدالله بن مساعد على مدى الاسبوعين الماضيين، فجاء القطاف "مثمراً". وفرض المنطق نفسه عندما رفع لاعبو "الزعيم" الكأس بعدما قدموا عرضاً أخاذاً، وحاز مدربهم الهولندي إد دو موس إعجاب النقاد والمحللين بفضل واقعيته، فعكس النظرية المتعارف عليها رياضياً "خير وسيلة للدفاع هي الهجوم". إذ اعتمد نهجاً جديداً من أبرز أسسه تحصين المناطق الخلفية، وإغلاق المنافذ أمام طلعات الفريق المنافس، وساعده في ذلك نجاح لاعبي الدفاع بقيادة عبدالله الشريدة، ولاعبي الوسط وفي مقدمهم عبدالعزيز الخثران. ويبدو أن عناصر هذين الخطين حفظوا ما يطلبه دو موس عن ظهر قلب، فباتوا يؤدون في شكل ممتاز وسهل، ولم يعد الفريق يواجه صعوبات في المناطق الخلفية بسبب تنظيم خطوطه. في المقابل، لم يستطع مدرب الأهلي البلجيكي إيليا زايوفيتش متابعة نجاحه، وظهر فريقه بصورة متواضعة، بسبب التشكيلة التي بدأ بها المباراة. وقد أصر على إشراك لاعب الوسط المدافع فهد الزهراني في مركز الظهير الأيمن الذي كان يشغله الدولي محمد شلية، واحتفظ بالأخير احتياطياً. ما سمح للاعبي الهلال بالتحرك في منطقة المناورة بعد أن طلب من إبراهيم السويد اللعب ظهيراً أيسر، وأبقى عبدالله الواكد وحيداً في الوسط في مواجهة زحف نواف التمياط وسامي الجابر المساندين للهجمات، مع انشغال المصري محمد بركات بالمقدمة في شكل دائم. ولم يكن زايوفيتش الوحيد الذي طالته سهام النقد اللاذعة بل إن اللاعبين الكبار في "القلعة الخضراء" غابوا في شكل يدعو إلى الاستغراب. ولم يقدم بركات والمغربي بوشعيب المباركي وطلال المشعل جزءاً من مستواهم المعهود، واكتفوا بالارتماء في أحضان "الكماشة الهلالية". وعلى رغم أن زايوفيتش حاول تبرير الخسارة متهماً الهلاليين باعتماد الخشونة، وأن الحكم علي المطلق لم يوقفهم عند حدهم، إلا أن من تابع المباراة تأكد أن هذا التصريح يدخل في إطار إنقاذ السمعة، إذ إن اللاعب الوحيد الذي خرج مصاباً من الأهلي هو حسين عبدالغني، ولم يكن للهلاليين دور في ذلك. ميدانياً، شهدت المباراة سيطرة هلالية واضحة، وإصراراً على التعويض، وبدأ "عناصر الزعيم" بالهجوم باكراً. واستبسل حارس الأهلي تيسير النتيف، فكان أبرز لاعبي فريقه، بينما ظل حارس الهلال محمد الدعيع "ساكناً" في مرماه بعيداً من تهديدات الأخضر ، وخير من وصف هذه الحال الكاتب أحمد الشمراني المعروف بميوله الأهلاوية، الذي كتب في عموده اليومي في صحيفة "الرياضية": "الدعيع نزل الملعب وغادره من دون أن يبلل العرق ملابسه، وعلى مدار وقت المباراة لم تصل له أي كرة خطرة...". وبدأ دو موس المباراة بإبقاء الجابر وباتريك سوفو إلى جانبه وإشراك الجمعان والتمياط منذ البداية وحتى منتصف الشوط الثاني. وبرز الخثران وسيدي بدرا في شكل لافت وكانا يقظين، وحيّدا بركات، وقدم الظهير الأيمن خالد عزيز عرضاً رائعاً ونفذ حرفياً ما طلب منه. وكان "العريس" الشلهوب مصدر خطر دائم، وسجل الهدف الغالي عندما تابع تسديدة زميله المدافع بندر المطيري الذي أرسل كرة لم يستطع النتيف التصدي لها، فأفلتت من يديه لتجد الشلهوب بالمرصاد فسددها في قلب الشباك من زاوية ضيقة. وبعيداً من لاعبي الفريقين والجهازين الفنيين، نجح الحكم المطلق بدرجة امتياز. ويلتقي الفريقان مرة أخرى نهاية الأسبوع المقبل في إطار مباريات الدوري.