رحب رئيس "صندوق النقد العربي"، جاسم المناعي، بقيام الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي ابتداءً من مطلع السنة الجارية، "كوسيلة تساعد على تحقيق التقدم والتكامل الاقتصادي" بين دول المجلس الست. إلا ان المناعي أكد أهمية تنويع القاعدة الانتاجية لدول المجلس السعودية والامارات المتحدة والكويت وسلطنة عُمان وقطر والبحرين لانتاج العديد من السلع، وتقليص الاعتماد على النفط الذي يشكل ما يزيد على 70 في المئة من مداخيل معظم الدول الأعضاء. وأوضح رئيس "صندوق النقد العربي" خلال حضوره ندوة عن الاتحاد الجمركي، عقدت في دبي مساء أول من أمس الثلثاء، ان انخفاض معدلات التجارة البينية بين الدول العربية، ومنها دول الخليج الست، يعود الى عدم توافر العدد الكافي من السلع التي يمكن ان يتم تبادلها. وقال ان "قيام الاتحاد الجمركي شيء مشجع سيساعد على التقدم نحو تحقيق التكامل الاقتصادي. لكنني اعتقد انه اذا لم تكن هنالك قاعدة انتاجية وطنية متنوعة، فان تسهيل انتقال البضائع لن يفيد بشيء". كما أكد أهمية تحقيق الاتحاد الجمركي وإقامة السوق الخليجية المشتركة، من أجل فتح الباب امام إصدار العملة الخليجية الموحدة، التي اتفقت دول المجلس على إصدارها سنة 2010. من جهته، تحدث الأمين العام المساعد لمجلس التعاون للشؤون الاقتصادية، محمد عبيد المزروعي، باسهاب عن الاتحاد الجمركي الخليجي. وأشار الى انه على رغم تزايد حركة التجارة البينية لدول المجلس بمعدل 200 في المئة خلال العقدين الماضيين، إلا انها لم تشكل ما يزيد على 10 في المئة من تجارة دول المجلس مع العالم الخارجي. وقال خلال المحاضرة التي نظمتها "ندوة الثقافة والعلوم"، ان حجم التجارة البينية بين دول المجلس في الوقت الحاضر يبلغ نحو 15 بليون دولار. ولفت الى ان توحيد الرسوم الجمركية عند خمسة في المئة بدلاً من النسب المتفاوتة التي كانت سائدة سابقاً، سيساعد من ببن الأمور الاخرى على زيادة التجارة البينية للدول الأعضاء وتقليل القيود التي تواجه تنقل السلع ذات المنشأ الوطني. وأوضح ان الاتحاد الجمركي ينص على العمل بنظام قانون جمركي موحد ونقطة دخول واحدة يتم عندها تحصيل الرسوم الجمركية الموحدة واستكمال كافة الاجراءات الجمركية الموحدة، وانتقال السلع بين دول المجلس من دون قيود جمركية أو غير جمركية، مع الأخذ في الاعتبار تطبيق أنظمة الحجر البيطري والزراعي والسلع الممنوعة والمقيدة. كما انه ينص على معاملة السلع المنتجة في أي من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية، وتوحيد النظم والاجراءات الجمركية والمالية والادارية الداخلية المتعلقة بالاستيراد والتصدير وإعادة التصدير. وبالنسبة للتعرفة الجمركية الموحدة، أشار المزروعي الى ان قرار إقامة الاتحاد الجمركي استثنى 417 سلعة تُعفى من الرسوم الجمركية، بالاضافة الى فرض ضريبة بنسبة مئة في المئة على التبغ ومشتقاته، من أجل الحد من استهلاك هذه السلعة الضارة بالصحة. كما يتضمن القرار قائمة بعدد من "السلع الخاصة"، وهي السلع المسموح باستيرادها في بعض الدول الاعضاء. وهذا النوع يتم استيراده مباشرة الى الدول التي تسمح باستيراده، ولا يُنقل الى الدول التي لا تسمح باستيراده. وأشار الى ان القرار ينص أيضاً على تحديد فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات كحد أقصى من أجل مراعاة الأنظمة الادارية والقيود التجارية الحالية في الدول الأعضاء، الخاصة بالاستيراد والتصدير وإعادة التصدير، كي لا يتسبب هذا الاختلاف في عرقلة إقامة الاتحاد الجمركي. وقال ان من أهم معالم هذه الفترة استيعاب البضائع الأجنبية التي استوردت قبل قيام الاتحاد، وتسوية وضع البضائع الخاضعة لرسوم جمركية حمائية في بعض الدول الأعضاء، وصولاً لحماية جماعية. كما سيتم تطبيق اجراءات جمركية محدّدة خلال تلك المرحلة الانتقالية على السلع الأجنبية لدى انتقالها بين الدول الأعضاء، بهدف توزيع الايرادات الجمركية حسب مبدأ المقصد النهائي للسلعة، أي ان الدولة التي تُستهلك بها السلعة تؤول إليها رسومها الجمركية. وقال المزروعي ان قيام الاتحاد الجمركي سيتيح للدول الاعضاء التحرك ككتلة اقتصادية واحدة في ظل العلاقات الدولية الجديدة، ويُمكّنها من الحصول على شروط أفضل للتجارة مع الدول والمجموعات الاقتصادية الاخرى.