عندما زار الملك سعود بن عبدالعزيز الرّئيس جون كينيدي في بداية ولايته الرّئاسية، اتّفق أن لاحظ الملك في اجتماعاته به في البيت الأبيض رجلاً في زيّ عربيّ جالساً وراء الموظّف في الخارجيّة الأميركيّة الّذي كان يسجّل ما يدور من حوار بين رئيسي الدّولتين. فسألني مَن يكون؟ ظننت للوهلة الأولى أنّه يقصد موظف الخارجيّة الأميركيّة، لأنّ الرّجل الجالس إلى جانبه يرتدي عباءة عربيّة، فلا بدّ من أن يكون من أعضاء الوفد المرافق للملك. وهنا حانت من الرّئيس كينيدي التفاتة إليّ، فسألني عمّا يريد الملك، فأبلغت إليه بما ظننت وفهمت. وأكملا الحديث عن الرّئيس المصريّ جمال عبدالناصر. وكان الرّجل المتنكّر بالعباءة أحد عملاء مصر، وقد دخل مكتب الرّئيس بالزّيّ العربيّ فظنه المسؤولون الأميركيّون من حاشية الملك سعود. ولو لم تنشر، بعد أيّام، صحيفة "الاهرام" المصريّة الرّسميّة كلّ ما جرى بحثه في اجتماع سعود - كينيدي في البيت الأبيض، لما أمكن الكشف عن هويّة الرّجل الذي اشتبه بأمره العاهل السّعوديّ. لقد شكّلت تلك الحادثة أوّل خرق فاضح لأسوار البيت الأبيض وأسراره.