فكرة الدينار الإسلامي أو "توحيد" العملة الإسلامية يمكن أن تتم علي شكلين: الشكل الأول هو أن تكون العملة موحدة من ناحية المضمون، أي أن تصدر عن جهة واحدة، وان تكون لها القيمة نفسها نظير العملات الاخرى مثل اليورو. أو تكون - وهذا هو النوع الثا ني - واحدة في شكلها والقيمة المكتوبة عليها، إلا أنها تختلف في قيمتها بين دولة وأخرى، بحسب التغطية المتوافرة لها، وتالياً فإن كل دينار منها تختلف قيمته عن الآخر في مواجهة العملات الأخري. والفارق بينهما واضح وكبير. ففي حال يكون الدينار الإسلامي، في الحال الأولى، واحداً في شكله ومضمونه، قد تكون وحدته "شكلية" في الثانية. ووحدته الشكلية لا قيمة لها، ولا تخدم أي غرض، ولا تؤدي أي وظيفة فعلية وعملية، اللهم إلا القيمة العاطفية. وهذا ما ليس المسلمون في حاجة إليه اليوم، في هذا العالم الذي يتجه إلي ابتلاع الكيانات المتشرذمة المتباعدة. أما الوصول إلى توحيد العملة الإسلامة أياً كان اسمها في الشكل الحقيقي، فعمل كبير يحتاج إلى أعمال أخرى كثيرة تسبقه وتشكل، في مجملها، ما يمكن أن نسميه بالبنية التحتية لأي شكل من أشكال وحدة الصف الإسلامي. وتتباين هذه الأعمال التي تشكل الأرضية الملائمة للوحدة الإسلامية. فالمسلمون أولاً، في حاجة لوضع رؤية مشتركة لذواتهم المبعثرة كذات واحدة موحدة. ثم هم مدعوون لوضع استراتيجية كبيرة تنتظمهم جميعاً في إطار موحد. ثم عليهم ان يشرعوا قوانين ويضعوا نظماً ثقافية واقتصادية تفتح أبواب التعاون والتكامل بينهم. وعليهم ان يصوغوا سياسات من شانها أن تفعل عمليات إدارة الموارد في الدول الإسلامية، وتعزز سبل التعاون والتكامل بما يحقق قوة هذه الدول والمجتمعات، ويدفع بخطط التنمية إلى الأمام، ويفتح الأبواب بينها لتسهيل عمليات انتقال رؤوس الأموال والعقول في ما بينها، لتتعارف هذه الشعوب المشتتة التي لا يجمعها، الآن، سوى المؤتمر الشعبي الذي تعقده كل عام في ضيافة الرحمن بموسم الحج. وبالله التوفيق المملكة العربية السعودية - د. صالح بن عبدالرحمن بن سبعان جامعة الملك عبدالعزيز E-mail:[email protected]