سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تصعيد القصف على بغداد والموصل وكركوك والناصرية والبصرة ، رامسفيلد يتوقع "اسابيع من الحرب الجوية"، عمليات سرية في غرب العراق ، دمشق تصعد اللهجة ضد واشنطن . بغداد تعلن تطوع آلاف العرب و"الجهاد" وصول "طلائع إستشهادييها"
وفي اليوم الحادي عشر من الحرب الاميركية - البريطانية على العراق، ركزت القوات المهاجمة نشاطها العسكري على القصف الجوي والمدفعي، خصوصاً على مدينة البصرة حيث حاولت قوة بريطانية التقدم الى ضاحيتها الجنوبية الشرقية، فيما توقع وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد "اسابيع من الحرب الجوية". وبدا امس ان العراق الذي نفذ أحد ضباطه أول من أمس عملية انتحارية في النجف أدت الى مقتل 4 جنود اميركيين، يتجه الى توسيع مثل هذه العمليات مع اعلانه وصول اكثر من 4 آلاف متطوع عربي، واعلان "حركة الجهاد الاسلامي" في فلسطين وصول "طلائع الاستشهاديين التابعين لها" الى بغداد. وعلى الصعيد السياسي صعّدت دمشق لهجتها مع واشنطن، اذ اكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ان لبلاده مصلحة وطنية وقومية بأن يندحر الغزاة من العراق. وتحدث عن "ادعاءات ومزاعم لتحرير العراق" مشيراً الى عمليات قتل وتدمير بحق الشعب العراقي، في حين اكد نظيره الايراني كمال خرازي ان طهران لن تدعم حكومة في بغداد تعينها واشنطن. وندد رجال الدين في قم ب"الجرائم ضد الشعب العراقي". وفي الوقت الذي بدأت الانتقادات الموجهة الى الاستراتيجية التي اعتمدها البنتاغون في الحرب على العراق تتركز على رامسفيلد نفسه، خصوصاً لجهة تصلبه في رأيه واصراره على ارسال عدد من الجنود أقل بكثير مما طلبه المخططون العسكريون، مما أدى الى تباطؤ حركة القوات المهاجمة المتجهة شمالاً الى بغداد، ومن ثم وقف تقدمها قرب النجف، تسربت أنباء عن جبهة سرية في غرب العراق تخوضها قوات خاصة واخرى تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، عبر اقامة مدارج لهبوط الطائرات وقواعد اخرى، وهي نشاطات يتكتم عليها المسؤولون الاميركيون. واكد اللواء حازم الراوي الناطق باسم الجيش العراقي، في مؤتمر صحافي، ان اكثر من 4 آلاف متطوع عربي وصلوا الى بغداد. وقال ان "العمليات الاستشهادية ستستمر، ولن يقوم بها العراقيون فحسب انما ايضاً آلاف المتطوعين العرب الذين جاؤوا الى بغداد". واضاف ان هؤلاء المتطوعين الذين وصلوا الى العراق، جاؤوا جميعهم من بلدان عربية "أقسموا على انهم لا يريدون العودة الى بلادهم وعلى ان تبقى رفاتهم في العراق بعد استشهادهم". وسئل عن صحة مواجهة جيش نظامي بالعمليات الانتحارية، فأجاب: "من واجبنا ان نطرد الغزاة بأي ثمن". وأعلنت "حركة الجهاد الاسلامي" في فلسطين ان طلائع "الاستشهاديين التابعين لها" وصلوا الى بغداد للمشاركة في القتال الى جانب الشعب العراقي. وقالت الحركة في بيان: "تزف سرايا القدس التابعة للحركة الى جماهير شعبنا وامتنا بشرى وصول أولى طلائع الاستشهاديين التابعين لها الى قلب بغداد في صفوف المجاهدين العرب، وذلك تلبية لنداء الواجب المقدس في الدفاع عن أرض العرب والمسلمين في وجه التتار الجدد... وستلقنهم أمتنا درساً سيعيد صياغة تاريخ العالم من جديد بإذن الله". واكد أبو عماد الرفاعي ممثل الحركة في لبنان لوكالة "رويترز" ان "الاستشهاديين ليسوا من الأراضي الفلسطينية بل من فلسطينيي الشتات من دول عدة"، لكنه لم يفصح عن عدد الذين وصلوا الى بغداد، مكتفياً بالقول "انه عدد لا بأس به". ورداً على سؤال يتعلق بتلقي مقاتلي الحركة أوامر بتنفيذ عمليات استشهادية، قال الرفاعي: "نعم هذا صحيح". وأضاف: "وصل بعضهم ولاحقاً سيصل آخرون اذا توافرت امكان ان يذهب ناس فسيذهبون". وكان الأمين العام ل"الجهاد" الدكتور رمضان عبدالله شلح، ابلغ قناة "الجزيرة" وصول "طلائع استشهاديي سرايا القدس" الى العاصمة العراقية، داعياً "كل من يتمكن من أبناء الجهاد وأنصار الجهاد ان يزحف الى العراق الى بغداد والنجف ويفجر نفسه في قوات الغزو الاميركي قوات التتار الجدد". وعلى صعيد العمليات الحربية تواصل القصف طيلة نهار امس على العاصمة العراقية بعد ليلة من الغارات العنيفة. وهزت الانفجارات القوية مناطق مختلفة فيها في غارات متتالية، خصوصاً الضواحي الجنوبية حيث يعتقد ان وحدات الحرس الجمهوري تتحصن للدفاع عن المدينة. وسقط صاروخ على حي الكرادة السكني في وسط بغداد أدى الى تدمير رصيف في شارع ياسر عرفات في الحي الذي يضم ايضاً محلات تجارية. وكان مسؤول في وزارة الاعلام العراقية أفاد ان صواريخ سقطت أمس على الحي نفسه اوقعت قتلى وجرحى، ولم يعط تفاصيل عن عدد ضحايا هذا القصف. وفي جنوب العراق، تواصلت امس عمليات القصف المدفعي والغارات الجوية من جانب قوات التحالف على مدن البصرة والناصرية ومشارفهما. واعترف قائد القيادة المركزية للقوات الاميركية الجنرال تومي فرانكس خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة الحرب في قطر، بأن المقاومة التي اظهرها العراقيون في المدن الجنوبية تعيق وصول الامدادات الى القوات المهاجمة. وقال ان "عصابات البلطجية" احتلت مدناً مثل البصرة والناصرية والنجف، وتحاول تعطيل وصول الامدادات الى الجبهة عبر خطوط يصل طولها الى 400 كيلومتر. وشهدت مدينة البصرة غارات جوية فجراً وقصف مدفعي وتجدد مساءً. ودارت معارك بين القوات البريطانية والقوات العراقية على المدخل الجنوبي الشرقي للمدينة، واعلنت قيادة التحالف قتل عقيد في الحرس الجمهوري العراقي واسر خمسة عسكريين بينهم ضابطان. وقالت وكالة "فرانس برس" ان الجيش البريطاني بدأ بتجهيز مدرج ثان لهبوط الطائرات في قاعدة جوية مهجورة قرب الناصرية. وبالفعل بدأت الاستعدادات في القاعدة الخميس مع وصول ست طائرات نقل "سي - 130" تنقل عناصر من القوات الخاصة الاميركية ومعدات عسكرية. وتعتبر مدينة الناصرية مع جسورها على الفرات موقعاً استراتيجياً في الطريق الى بغداد. وفي غرب العراق، تقوم قوات خاصة اميركية، في سرية تامة، بتنفيذ عمليات، منها مهاجمة قاعدة لمغاوير عراقيين. وقال الجنرال ستانلي ماكريستال، العضو في هيئة أركان الجيوش الاميركية، ان الموقع "مقر عام لقيادة ومراقبة قوات عراقية كانت تحاول خصوصاً الإبقاء على السيطرة على غرب البلاد". وأدت هذه العملية الى أسر خمسين عراقياً ومصادرة ذخائر واقنعة للوقاية من الغاز واجهزة لاسلكي. وتحدث مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون طلب عدم كشف اسمه عن مصادرة وثائق يمكن ان تستخدم في كشف اسلحة للدمار الشامل يحتمل وجودها. وتصاعدت امس الغارات الجوية على المواقع العراقية في الشمال. وسمعت في أربيل أصوات انفجارات يرجح انها ناتجة عن هذه الغارات، خصوصاً في منطقة الكلك على طريق الموصل. وفي هذا الوقت واصل عناصر الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني عمليات انتشارهم في المواقع التي اخلاها الجيش العراقي من مناطق قريبة من مدينة كركوك. كما تمركزت وحدات من الجيش الاميركي في مدارس تم اخلاؤها اخيراً في ضاحية عين كاوة في أربيل. وفي منطقة السليمانية أفادت مصادر في الاتحاد الوطني الكردستاني انه تم وبشكل نهائي تمشيط المواقع السابقة لعناصر "أنصار الاسلام" التي هاجمتها عناصر الاتحاد مدعمة بمجموعات اميركية من القوات الخاصة. الى ذلك، أكد الجنرال تومي فرانكس قائد العمليات العسكرية في العراق ان القوات المهاجمة اصبحت على بعد حوالى 96 كيلومتراً من بغداد، مؤكداً ان العملية العسكرية تحقق تقدماً "مهماً". ونفى صحة تقارير عن وقف لزحف القوات المهاجمة الى بغداد. وسُئل عن إمكان أن تستمر الحرب حتى الصيف، فأجاب: "لا أحد يعرف… ولا نحتاج لتذكير أنفسنا بأن النتيجة لم تكن ولن تكون محل شك". وقال وزير الدفاع الاميركي من جهته إنه "لا خطط لدينا للتوقف او لوقف اطلاق النار". وأشار الى انه لا يمكن ان يتوقع الى متى سيستمر الصراع. واضاف انه يتوقع "اياماً صعبة وخطرة" خلال الهجوم للسيطرة على بغداد، لكنه اكد "ليس لدينا اي خطط للتوقف أو وقف النار أو أي شيء آخر". وكان جنود أميركيون على الجبهات ابلغوا أمس أن التقدم البري في اتجاه بغداد قد يتوقف بين 35 و40 يوماً، لأسباب تتعلق بتأمين خطوط الامداد والمقاومة العراقية العنيفة. وتحسباً لعمليات انتحارية جديدة، أعلن الجنرال فرانكس أن القوات الاميركية المشاركة ستتوخى أقصى درجات الحيطة. وأكد الجنرال مايرز من جهته، ان الجيش الاميركي قادر على "مواءمة" تكتيكه لمواجهة العمليات الانتحارية في العراق. وشكلت الاستراتيجية الاميركية المتبعة في الحرب على العراق انتقادات شديدة لوزير الدفاع. ونقلت صحيفة "نيويوركر" الاسبوعية عن خبراء في الاستراتيجية في البنتاغون ان رامسفيلد تعامل باستخفاف خلال الاعداد للحرب متجاوزاً توصياتهم الهادفة الى زيادة عدد الوحدات الضرورية لشن الحرب. وقالت المصادر ذاتها ان وزير الدفاع الاميركي شدد في مناسبات عدة على ضرورة خفض عدد القوات التي ستنشر على الأرض. وقال احد هؤلاء المسؤولين العسكريين: "كان يظن انه يعرف أكثر منا، هو الذي اتخذ القرارات في كل مرحلة" من مراحل الاعداد للخطة. ولوحظ ان رامسفيلد نفسه وقائد القوات في الخليج الجنرال فرانكس حرصا على نفي أي خلاف بينهما. تحرك كويتي وبدأت الكويت أمس تحركاً في دول الخليج لمواجهة احتمالات تصعيد الهجمات الصاروخية العراقية عليها، وتلقى ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز امس، رسالة من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد، نقلها رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح. وقال السفير الكويتي في الرياض الشيخ جابر دعيج الصباح ل"الحياة" ان الرسالة تشرح موقف بلاده من الهجمات الصاروخية العراقية على الكويت. وأشار الى دعوة لتفعيل الدور الخليجي في التعاطي مع هذه المسألة، مؤكداً مخاوف بلاده من تصاعد الهجمات العراقية عليها، واحتمال استخدام العراق اسلحة محظورة. وقدم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل امس خلال جلسة لمجلس الشورى، بياناً عن موقف المملكة من الحرب على العراق والمساعي التي بذلتها لتلافيها. وجدد رفض بلاده الحرب، والدخول فيها بأي شكل، داعياً الى اعطاء مجلس الأمن فرصة لتحديد أي عمل يتعلق بالعراق، واكد استعداد السعودية لتقديم مساعدات انسانية طارئة للشعب العراقي، وتمسكها بوحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه. وكان أمس يوماً آخر من التظاهرات الحاشدة في عواصم عربية وآسيوية وأوروبية احتجاجاً على الحرب، وشهد المغرب أضخم مسيرة عربية شارك فيها حوالى نصف مليون شخص، فيما تظاهر عشرات الآلاف في مصر وتونس والأردن وسورية وفلسطين، ونظم اعتصام امام كنيسة المهد، حيث أعلن الأب بيناروتوس انه لن يسمح بدخولها للرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد بسبب الحرب على العراق. كما شهدت مدينة الاسكندرية تظاهرة شارك فيها عشرة آلاف شخص، وارتدى عدد كبير من المتظاهرين اللباس الأسود للاستشهاديين، وطالبوا بإغلاق قناة السويس في وجه السفن الحربية الاميركية. وتجمع اكثر من مئتي ألف شخص في جاكارتا في مسيرة ضد الحرب على العراق، كما تظاهر في بيشاور اكثر من 200 ألف شخص، وفي كلكتا خرج 150 ألفاً الى الشوارع واحرقوا دمى تمثل بوش. وتراجعت السلطات الصينية عن قرار سمحت بموجبه بتنظيم تظاهرة في بكين، واعتقلت عدداً من المحتجين الذين لم يبلغوا حصر حق التظاهر بالاجانب. وخرجت في سان فرانسيسكو مسيرات تأييد لغزو العراق، في حين تظاهر سكان بوسطن ضد الحرب.