وسط ركام الأخبار جاء على الانترنت من يريد أن يبيعني "فاليوم". اعتقد ان سندويش فاليوم وسيلة جيدة للتعامل مع أخبار تطيّر النوم من العينين، والترويج لأي مخدر أو منوم أو مهدئ، أكثر منطقاً من الاستمرار في محاولة تحسين تفاصيلي، فالحرب قطعت نسلي، ولم تبق بي حاجة الى شيء، ومع ذلك فكل يوم على الانترنت عرض جديد لا يصلح للنشر ولو تلميحاً. الانترنت تقول لي ان جورج بوش جونيور في وضع صعب جداً، فالهجوم عليه بصفته رئيس أميركا والقائد الأعلى للقوات المسلحة متوقع، ولكن أسوأ من الهجوم أن يصبح جورج بوش مادة للسخرية، وهناك مادة كافية خصوصاً إذا تذكرنا أنه فرّ من حرب فيتنام، بواسطة عائلته النافذة، وخدم في أمن تكساس فترة التجنيد الاجباري المفروضة في حينه، وعاش ليدمن الخمرة، ثم يفيق منها ليجد نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة، أي في منصب أعلى من رئيس هيئة الأركان المشتركة. الدنيا كلها مقلوبة رأساً على عقب، والانترنت تذكرني بأن أفضل لاعب غولف أسود مع ان الغولف لعبة البيض الأثرياء بامتياز، وان أفضل مغني "راب" وهو غناء أسود خالص، أبيض فهو الأميركي ايمينيم، وان أطول لاعب في دوري كرة السلة الأميركية حالياً صيني وان سويسرا فازت بكأس أميركا، أهم بطولة في سباق القوارب الشراعية في العالم كله، من دون أن يكون لها منفذ على البحر، وان المانيا أصبحت دولة محبة للسلام، أما أميركا فتدمر العراق لانقاذه. وأنا أذكر بوضوح معركة في فيتنام دخلت التاريخ بعد أن صرح ضابط أميركي في الميدان حرفياً: اضطررنا لتدمير القرية بغية انقاذها. الأميركيون اليوم يحاولون جهدهم انقاذ العراق، وما قتل المدنيين في أسواق البصرة وبغداد إلا الدليل على ذلك. وعندهم معونات انسانية هائلة ستوزع على العراقيين الأحياء المتبقين، في وضع يذكرني بشعر عربي معروف "لك الويل لا تزني ولا تتصدقي...". إذا كانت ذكريات فيتنام بعيدة عن القارئة الشابة فلعلها تذكر مسؤولة في الحكومة الكندية قالت قبل أسابيع ان جورج بوش أحمق، أو مغفل، وأرغمت على الاستقالة من عملها. الانترنت حملت إليّ رسالة من كندي تعتذر من الأميركيين عن زلة اللسان تلك وغيرها، وهي باختصار: بالنيابة عن جميع الكنديين اعتذر عن وصفنا جورج بوش بأنه أحمق. هو أحمق فعلاً ولكن لم يكن من اللائق الجهر بذلك. ولا سبب أن يغضب الأميركيون من وصف رئيسهم بالحمق لأنهم لم ينتخبوه اشارة الى تفوق آل غور عليه بأكثر من نصف مليون صوت من الأصوات الشعبية. كذلك اعتذر لأن الخشب الكندي أفضل من الخشب الأميركي وسعره أقل، ثم أعتذر لأن فريقنا في الهوكي هزم فريقكم هزيمة كبيرة، فواقع الأمر ان فريقنا أفضل كثيراً من فريقكم. واعتذر لأننا أحرقنا البيت الأبيض سنة 1812 عندما كانت كندا جزءاً من الامبراطورية البريطانية، ويسرني أن أجدكم أعدتم بناءه بشكل جيد. وأخيراً أعتذر لأننا معشر الكنديين ننتقدكم ثم نعتذر، ورجائي ألاّ يكون نقدنا هذا سبباً لغضبكم، فقد رأينا ماذا تفعلون بأي بلد تغضبون عليه... الشجى يبعث الشجى، وكذلك الاعتذار، لذلك أعتذر بدوري، بالأصالة عن نفسي والنيابة عن ملايين العرب، الذين اعتقدوا ان جورج بوش أفضل رئيساً من آل غور وعاشوا ليندموا ندامة الكسعي أرجو أن يكون الصديق العزيز الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يقرأ هذه السطور. أفضل سخرية من جورج بوش والحرب يظل على التلفزيون الأميركي، وقد وجدت جاي لينو متقدماً في هذا المجال، وعندي نقلاً عنه: - الرئيس بوش أوضح شيئاً مهماً للغاية مع بدء الحرب على العراق هو ان هذه الحرب ليست على النفط كما يزعم، بل على البنزين. - قال الرئيس بوش في خطاب له انه بعد اطاحة صدام حسين سيقدم الى الشعب العراقي أغذية وأدوية ومعدات، ويساعد في اعادة الاعمار والتعليم وكل شيء آخر يحتاج العراق اليه. وهذا جميل فإذا نجح برنامجه في العراق، فهو قد يفكر بوضع برنامج مثله للولايات المتحدة. - بعض الديموقراطيين يعتقد ان نفقات الحرب تبلغ حوالى 600 بليون دولار من الأفضل أن تنفق داخل الولاياتالمتحدة، وقد سمع الرئيس كلامهم، وقرر شن غارات على أوهايو. - صدام حسين دعا جورج بوش الى مناظرة تلفزيونية، وهذا كلام معقول لأن الانكليزية لغة ثانية لصدام وبوش. أقول أنا أن شر البلية ما يضحك إلا أنني لا أضحك وانما أستغرب من نفسي وقد قضيت العمر داعية سلام أن أجدني راغباً في أن يطول أمد الحرب، فصدام حسين سيخسر ولا جدال، ولكن إذا طالت الحرب أسابيع فقد يخسر جورج بوش معه، وهذا ما يسمى "مرس" في علم طاولة الزهر.