منذ اليوم الرابع للقصف الأميركي على العراق ردد المسؤولون الأميركيون الكلام على معاهدة جنيف الدولية لمعاملة الأسرى. فهل عادت لهم ذاكرتهم؟ "القاعدة" ليست منظمة عسكرية معروفة. انهم قتلة. انهم إرهابيون. انهم لا يعرفون دولاً، كل ما يعرفونه هو البحث عن دولة ضعيفة فيحتلونها مثل الطفيليات. هذا ما صرّح به الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، 30/1/2002، معللاً رفضه معاملة أسرى حرب أفغانستان وفق اتفاقية جنيف الدولية. وهذا ما تبادر الى أذهان معارض، الحرب الأميركية على العراق. فلماذا لا تطلق هذه الجملة على الجنود الأميركيين والبريطانيين الذين وقعوا اسرى اخيراً في يد الجيش العراقي، وتحركوا بناء على أوامر حكوماتهم الى العراق باعتباره دولة ضعيفة، فاحتلوه مثل الطفيليات، على رغم ان العراق دولة ذات سيادة، لها حدودها وعضويتها في الأممالمتحدة، وتمتثل للقانون الدولي، وتخضع لعقوباته منذ اثني عشر عاماً. اذاً ف"الكيل بمكيالين" من جديد. اما عن الذي يكيل فهو من يمتلك القوة والأساطير والطائرات والنفوذ. وأما الكيل فهو حفلة من القوانين الدولية والمعاهدات والمواثيق والالتزامات الاخلاقية الموثقة بين مجموعة من دول العالم انضوت تحت مظلة عرفت باسم الاممالمتحدة، ادعت منذ 58 عاماً انها تسعى للأمن والسلم الدوليين. والفقرة الرابعة من المادة الثانية في ميثاق الأممالمتحدة تتعرض الى عدم جواز استخدام القوة، او التهديد بها، في العلاقات الدولية الا في حال الدفاع الشرعي عن النفس، او في مواجهة دولة تهدد الأمن والسلم الدوليين. ويكال بمعاهدة جنيف الدولية الثالثة، الخاصة بمعاملة أسرى الحرب الموقعة في الثاني عشر من آب اغسطس 1948، وكذلك يكال بمعاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية، الموقعة في الأول من تموز يوليو 1968، وبالمادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تقر انه لا يجوز الانتقاص من حق الحياة حتى في أوقات الطوارئ التي تهدد حياة الأمة". فالمكيال كبير ويتسع لكثير. قد يفرض القوي نوع المكيال وما يكيل، ولكن هل يفرض علينا ان نقبل بما يكال؟ يبدو ان الامر اصبح خارج دائرة الخيار، فلا عزاء للقانون الدولي. ولنبحث عن عقل جديد يتسع لكل هذه المكاييل. الإمارات - السعد المنهالي [email protected]