سعى الرئيس الأميركي جورج بوش وكبار المسؤولين في ادارته الى خفض التوقعات بحرب سريعة ونظيفة بعدما تكبدت القوات الأميركية والبريطانية خسائر تجاوزت التوقعات خلال اليومين الماضيين وأوقعت "صدمة وذهولاً" في أوساط الرأي العام الأميركي. وقال بوش، عقب عودته من منتجع كامب ديفيد ليل الأحد - الاثنين "من الواضح بأن تحقيق أهدافنا سيأخذ بعض الوقت". وأضاف: "استطيع ان اطمئن الشعب الأميركي بأننا نحرز تقدماً، إلا أن هذه هي مجرد بداية لحرب قاسية". وجاءت تصريحات بوش في حديقة البيت الأبيض عقب ورود معلومات عن مواجهات عنيفة مع القوات العراقية، خصوصاً قرب مدينة الناصرية. وفقدت القوات الأميركية ما لا يقل عن 12 جندياً اميركياً. وقال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ان "الحرب هي الحرب... انها شيء قاس وعنيف". وعلى رغم تحذيرات متكررة من أن الحرب لن تكون سهلة، إلا أن أحداً لم يتوقع وقوع هذه الخسائر حتى قبل دخول القوات الاميركية والحليفة الى المدن العراقية الرئيسية مثل بغداد والبصرة، حيث تتركز قوات الحرس الجمهوري وحيث يتوقع أن تستخدم القوات العراقية اسلحة كيماوية وبيولوجية. وتوقع معلقون في واشنطن ان تضطر الادارة الأميركية الى تعديل خططها العسكرية لتصعيد الحملة ضد القوات العراقية بسبب "الصدمة" التي أصابت الرأي العام. ولم تستبعد أن تشهد العمليات العسكرية تصعيداً نوعياً خلال الأيام المقبلة. وكانت الأيام الثلاثة الأولى من الحرب رفعت التوقعات بين الأميركيين بسبب القصف الذي تعرضت له بغداد من دون وقوع خسائر تذكر. فيما تقدمت القوات البرية بسهولة في اتجاه بغداد. وانخفضت نسبة الاميركيين الذين يتوقعون انتصاراً سريعاً من 63 في المئة الاسبوع الماضي الى 43 في المئة امس. وقال نحو نصف الاميركيين بأن الحرب ستنتهي في غضون اسابيع وليس أشهر. وقال رامسفيلد في مقابلته مع شبكة "ان بي سي" التلفزيونية ان ما يراه الناس هو "شريحة محدودة من الحرب في العراق، وليس الحرب كلها". وشارك قائد القوات الاميركية تومي فرانكس أمس في خفض التوقعات على رغم تأكيده على حتمية تفوق قواته. وقال: "أمامنا أيام صعبة، إلا أن قواتنا في الميدان ستحقق اهدافها التي حددتها الحكومات المشاركة في هذا التحالف". إلا أن نائبه الجنرال جون ابي زيد قلل من أهمية الخسائر التي منيت بها قواته: "لا نعتبر ما حدث في الناصرية هزيمة بأي مقياس". وأشار الى أن القوات الاميركية التي تزحف على بغداد "قوية ولا يمكن وقفها، وستصل الى مشارف بغداد قريباً". وامتنع عن تأكيد توقعات بأن تصل تلك القوات الى منطقة بغداد اليوم. لكن رامسفيلد اعترف بأن النزاع سيشتد كثافة في الأيام القليلة المقبلة وبأن القوات الاميركية "ستجد نفسها وسط حرب صعبة في المدن لا يمكن التكهن بتطوراتها". وتوقع ان "القوات التي تهاجم من الجنوب والغرب والشمال ستواجه مقداراً أكبر من المقاومة"، لكن ذلك "لن يغير شيئاً من حقيقة ان النظام العراقي سينتهي". ولاحظ المراقبون للتغطية الاعلامية بأن البنتاغون حرص على عدم السماح ببث صور للضحايا من المدنيين والعسكريين في الحرب على السواء. وأعرب كل من وزير الدفاع وقائد القوات المركزية عن استيائهما الشديد بسبب بث التلفزيون العراقي ومحطة "الجزيرة" صوراً للجنود الاميركيين الذين سقطوا قتلى أو أسرى بيد القوات العراقية قرب الناصرية. ووصف الجنرال ابي زيد بث تلك الصور بأنه خرق لمعاهدة جنيف لعام 1949 الخاصة بأسرى الحرب. ولم يكن واضحا ما إذا كانت الحكومة الاميركية ستلاحق محطة الجزيرة قضائيا، الى جانب ملاحقة المسؤولين العراقيين. وعزا ناطقون باسم البنتاغون وقوع قتلى وأسرى اميركيين الى حرص القوات الاميركية على الحد من الخسائر البشرية في الجانب العراقي، والى لجوء الجنود العراقيين الى الخدعة من خلال التظاهر بالاستسلام قبل فتح النار على القوات الاميركية. واعتبروا ان ما حدث سيؤدي الى مزيد من الحذر في التعامل مع القوات العراقية المستسلمة.