اصدر الرئيس ياسر عرفات مرسوما رئاسيا يقضي بتعيين الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن رئيسا للوزراء وتكليفه تشكيل حكومته الجديدة. وعلمت "الحياة" ان اجتماعا استثنائيا للمجلس المركزي الفلسطيني سيعقد في المستقبل القريب للاطلاع على التشكيلة الحكومية الجديدة قبل طرحها للثقة امام المجلس التشريعي الفلسطيني. وفي حال موافقة ابو مازن على تولي المنصب، ستكون امامه مهلة ثلاثة اسابيع لتشكيل حكومة وتقديمها الى المجلس التشريعي الفلسطيني. وفي حال لم يتمكن من ذلك، يحظى بمهلة اسبوعين آخرين قبل ان يعين عرفات رئيس حكومة جديدا. ورحب الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا أمس بتعيين ابو مازن، معتبرا ان هذا القرار "يدل على ارادة الفلسطينيين الصادقة المضي قدما في عملية الاصلاحات الضرورية في خدمة الشعب والمصالح الفلسطينية مثل السلام في المنطقة". واضاف: "حان الوقت لان تستأنف اسرائيل والسلطة الفلسطينية الحوار الرسمي والبناء". وجاء المرسوم الرئاسي غداة رفض المجلس التشريعي الفلسطيني تعديلات اراد عرفات ادخالها في شأن استحداث منصب رئيس للوزراء بهدف الاحتفاظ بالحق في تعيين وزراء واقالتهم. ويصور التعنت الذي ابداه عرفات في سعيه الى الحد من صلاحيات رئيس الوزراء المقبل في السلطة، ما سيواجهه ابو مازن من مصاعب للتوصل الى ممارسة سلطاته كاملة، اذ ما زال يتحتم على ضوء الممارسة السياسية تكريس الفصل الجديد في الصلاحيات داخل السلطة، اذ يحتفظ عرفات بموجب القانون برئاسة الامن الوطني والديبلوماسية، ومن ضمنها مفاوضات السلام. ورأى النائب المستقل عزمي الشعيبي الذي وجه انتقادات شديدة اللهجة في ما مضى الى عرفات، ان "الصلاحيات المفوضة الى رئيس الوزراء تغطي 95 في المئة من الحقل السياسي". وذكر بان "ابو مازن سيسيطر على الادارة بكاملها والنظام العام، خصوصا قطاع المالية، وهو قطاع جوهري". واضاف ان ابو مازن لم يعط بعد رده على اقتراح عرفات، غير انه اشترط من اجل ذلك ممارسة صلاحيات حقيقية، وهو امر بات ثابتا الان. ورأى الشعيبي ان "عرفات امس ليس عرفات اليوم"، معتبرا ان تصويت المجلس التشريعي الفلسطيني "بدل كل شروط ممارسة السلطة" داخل السلطة الفلسطينية التي سيطر عليها عرفات بلا منازع منذ قيامها عام 1994. واشار الى ان "رئيس الوزراء الجديد مسؤول امام البرلمان، وهذا لم يكن حال عرفات. طبعا، ما زال في وسع الرئيس اقالته، انما في وسع البرلمان في هذه الحال ان يرفض تكليف خلفه المعين". لكن موقع ابو مازن مرهون ايضا بموقف السلطات الاسرائيلية التي اعادت احتلال جميع مناطق الضفة الغربية تقريبا منذ حزيران يونيو عام 2002 وتقوم بعمليات توغل يومية في قطاع غزة. وكتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها امس: "على اسرائيل الآن ان تسحب قواتها المسلحة وتوقف العمليات الدامية وتظهر المزيد من الثقة في تعيين ابو مازن". وحذر الشعيبي من ان "الاختبار الحقيقي بالنسبة الى ابو مازن سيكمن في تشكيل حكومته. سنرى ما اذا كانت لديه مقاربة مختلفة عن عرفات وان كان سيعين اشخاصا نزيهين وجديرين بالثقة وسيطبق برنامج اصلاحات".