أمام شاشة عملاقة تغطيها نقاط مضيئة تُمثّل السفن الحربية التي تمخر مياه الخليج العربي، وقف الأدميرال جون كيلي، قائد القطع الحربية التابعة لحاملة الطائرات "ابراهام لينكولن"، ليشرح للصحافيين في "غرفة الحرب" كيف سيُدار الهجوم على العراق، إذا أصدر الرئيس جورج بوش أمراً بذلك. سيُعرف ذلك اليوم ب"أي داي"، وهو اختصار لكلمة "أتاك داي" أو "يوم الهجوم". في تلك الغرفة المظلمة لا تضاء سوى شاشات كمبيوتر تُسجّل كل حركة في سماء الخليج ومياهه. سيجلس الأدميرال مع مجموعة من قادته لتحديد الأهداف التي ستضربها الطائرات والصواريخ. إنها مسؤولية كبيرة. فالأدميرال ليس مسؤولاً عن حاملة طائرته والبوارج والفرقاطات التابعة لها فقط، بل هو مسؤول أيضاً عن كل القوات البحرية الأميركية و"الحليفة" في الخليج كله. وهذا يشمل إضافة الى "ابراهام لينكولن"، حاملات الطائرات الأخرى الموجودة في المنطقة مثل "كيتي هوك" والبوارج التابعة لها و"كونستاليشن" والقطع التابعة لها. ولا تقتصر مسؤولية الأدميرال على القطع الحربية المتزاحمة في مياه الخليج، وإنما عليه أيضاً ان يُبقي عيونه مفتوحة على مئات السفن التجارية وناقلات النفط التي تبحر كل يوم في المنطقة ويراوح عددها يومياً ما بين 250 و300 سفينة. ولكن ماذا عن العراق؟رد الأدميرال بأن "ابراهام لينكولن" أطلقت لتوها أول فوج من طائراتها لتنفيذ قرار الحظر الجوي في جنوبالعراق، وهي تسلك طريقها فوق مياه الخليج وتدخل العراق من حدوده الجنوبية. حتى الآن، كما قال، مهمة قواته هي المساعدة في تنفيذ قرار حظر الطيران فوق جنوبالعراق، والمساعدة في عملية "انديورينغ فريدوم" التي وصفها بأنها تستهدف "اعتقال أي عناصر من "القاعدة" و"طالبان" قد تحاول الفرار من أفغانستان والوصول الى القرن الافريقي". توقف الضابط الأميركي للحظة ثم وضع دائرة حول بارجة متوقفة قرب المياه العراقية في الفاو. قال إنها القطعة الحربية "هيغينز" و"مهمتها مراقبة أي صواريخ باليستية يُطلقها العراق على قواتنا". سألته هل يعتقد بأن العراق يُشكل خطراً على السفن في الخليج، فأجاب: "نعم الصواريخ العراقية تُشكّل تهديداً لنا". وهل يعتبر ان ايران التي وضعها الرئيس بوش مع العراق وكوريا الشمالية في "محور الشر" والتي تُشرف على شواطئ الخليج كله، تُشكل خطراً على قواته؟ أجاب: "لا نعتبر أن ايران تُشكل تهديداً. إنها تملك شاطئاً طويلاً في شمال الخليج ولها سفن تجارية وحربية في مياهه الدولية وفق القوانين الدولية. نلتقي على نحو روتيني قوات ايرانية في البحر، وهذه اللقاءات في الغالب تجري في شكل جيد ونتوقع ان تظل هذه اللقاءات كذلك". خرجت من الاجتماع مع الأدميرال مقتنعاً بأننا بتنا أكثر قرباً من الحرب المتوقعة على العراق. لكن ذلك يبقى رهن قرار من الرئيس بوش، صاحب الكلمة الفصل وتحديد ساعة الصفر!