لا تكاد فضائية عربية تخلو من برنامج لتقديم طلبات الجمهور من الأغاني، مشفوعة بإهداءاتهم الى الأهل والأصدقاء، وهو البرنامج الذي جاء اصلاً من الإذاعة، وقد اعتادت الإذاعات كلها تقديمه تحت اسم موحد "ما يطلبه المستمعون"، وإن كانت الفضائيات التلفزيونية تقدمه بتصرف واختلاف. فبينما كانت طلبات المستمعين من الإذاعة تأتي عبر الرسائل البريدية، صارت في التلفزيون مباشرة وفورية، من خلال الاتصالات الهاتفية او البريد الإلكتروني، ما يعني استحالة حصول معدّي البرنامج ومقدميه على شريط الأغنية المطلوبة فوراً، فعمدوا الى إجراء صار تقليداً، يقوم على الإعلان عن الأغاني الموجودة، ويفرض على المشاهدين ان يحصروا طلباتهم من بينها. أشكال البرنامج تتنوع ولا تختلف كثيراً، إذ هي تلتقي في النهاية عند نقطة واحدة، اختيار اغنية ما وإهدائها لآخر من الأقارب والأصدقاء. وعلى رغم كل المحاولات التي تبذلها القنوات الفضائية لمنح مثل هذه البرامج حيوية ما، إلا ان من يشاهدها يلاحظ باستمرار انها تكاد تكون اكثر البرامج التلفزيونية تقليدية ورتابة، وأقلها قابلية للتطوير والحركة والقدرة من ثم، على جذب اهتمام المشاهدين، ناهيك عن تحقيق متعة لهم. ومع ذلك يستمر تقديم هذه البرامج، وتحرص على وجودها كل الفضائيات باعتبارها ملحاً يجب ألا يغيب او يتأخر. ما يطلبه جمهور المشاهدين من الأغاني في التلفزيون، صار محصوراً تماماً في الأغاني الجديدة، او إذا شئنا الدقة اكثر في اغاني "الفيديو كليب" المدججة بالصور، لأن الأغاني غير المصورة لا يمكن تقديمها على الشاشة الصغيرة. اما اغاني الأفلام السينمائية، سواء صورت بالأبيض والأسود ام حتى بالألوان، فقد تم استبعادها ايضاً من برامج طلبات المشاهدين، وكثيراً ما عمدت المحطات التلفزيونية الى حشرها في زاوية خاصة بها تحمل غالباً هي الأخرى عنواناً واحداً موحداً في كل المحطات هو "من اغاني الأفلام"، وكأن تلك الأغاني لا يمكن تمريرها في تلفزيونات اليوم إلا بمسوّغ ما. وتعمد بعض المحطات الفضائية اليوم الى تطعيم برامجها بلقاءات سريعة، تستضيف فيها مقدمة البرنامج احد المطربين الذي يقوم بدوره بتلقي اتصالات هاتفية مباشرة مع معجبيه من المشاهدين، يطرحون خلالها اسئلتهم عليه، وكذا طلباتهم بأن يغني لهم مقطعاً من هذه الأغنية او تلك، مع سؤال دائم لا يتغير ولا يغيب: ما هي آخر اخبارك الفنية؟ "ما يطلبه المشاهدون" بنسخه المتعددة يحتاج من قنواتنا التلفزيونية الى قرار شجاع بتطويره فكرة وأساليب تقديم، او إحالته على التقاعد مرة وإلى الأبد.