على رغم الترحيب الدولي بمبادرة الرئيس جورج بوش في الشرق الاوسط، الا ان المبادرة نفسها لم تبدد الشكوك في دوافع اعلانها، وسط الاستعدادات الاميركية لغزو العراق، وفي الوقت نفسه اعلان اسرائيل ان المبادرة تشكل "نجاحاً" أميركياً في انتزاع "خريطة الطريق" من أوروبا تمهيداً لاستبعاد الدور الاوروبي في أي تسوية مستقبلية بين الفلسطينيين وإسرائيل. وكان بوش أعلن اول من امس انه سيكشف "خريطة الطريق" بمجرد تثبيت تعيين رئيس وزراء فلسطيني بصلاحيات فعلية. واوضح انه سيطرح الخريطة على الفلسطينيين والاسرائيليين لابداء الملاحظات عليها، مضيفاً ان واشنطن ستشجع الطرفين على "مناقشة الخريطة في ما بينهما". وسارعت الاطراف المشاركة في اللجنة الرباعية اوروبا والامم المتحدة وروسيا التي صاغت "خريطة الطريق" الى الترحيب بإعلان بوش، والتذكير في الوقت نفسه بأنها وضعت هذه الخريطة وظلت تدعو طوال شهور الى مثل هذا التحرك. واعتبرت باريس ان طرح الخريطة "التي وضعها اللجنة الرباعية... خطوة مهمة دعت اليها فرنسا والاتحاد الاوروبي منذ الاتفاق على نصها في كانون الاول ديسمبر الماضي". كما اعلن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان انه "منذ ايلول سبتمبر عام 2002 وهو يمارس ضغوطاً لاعتماد الخريطة وعرضها على الاطراف المعنية في أقرب فرصة"، مطالباً بتطبيقها ب"إصرار وعزم". واعتبرت موسكو أن "ثمة فرصة حقيقية الآن لإيجاد حل للمواجهة بين اسرائيل والفلسطينيين والتي طال أمدها ويجب ألا نفوّتها". اما الدول العربية فدعت الى "ضرورة التحرك السريع لبدء تنفيذ الخريطة". من جانبها، رحبت السلطة الفلسطينية بمبادرة بوش ودعته الى تنفيذ "خريطة الطريق فوراً ومن دون تعديل"، في حين قابل الشارع الفلسطيني المبادرة بمزيج من اللامبالاة والتوجس، معتبراً أنها بمثابة القاء "طوق النجاة" لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير ومواجهة الانتقادات الاوروبية لسياسة واشنطن في الشرق الاوسط، خصوصاً بعد ارتفاع اصوات تتهم اسرائيل واللوبي الاسرائيلي بدفع ادارة بوش الى الحرب مع العراق. أما "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" فاعتبرتا المبادرة "تضليلاً للرأي العام وعملية خداع سياسي". ويتطابق موقف الشارع الفلسطيني مع آراء اوردها محللون عرب واجانب والتي راوحت بين اعتبار المبادرة "كلاماً ومناورات استعداداً للحرب العراقية"، وبين اعتبارها محاولة "لتفنيد نظرية سيطرة المحافظين الجدد من مؤيدي اسرائيل على السياسة الاميركية".