تفاقمت الأزمة القائمة بين القضاء اللبناني والنائب نقولا فتوش على خلفية حملة الأخير على القضاء وبعض القضاة وادعى اثنان منهم عليه، وتجديد حملته على رغم المساعي لإنهاء الأزمة. ورد القضاء امس ب"اضراب" لمدة ساعتين هو الأول من نوعه وبطلب النيابة العامة التمييزية من البرلمان رفع الحصانة عن فتوش بعدما اتخذ مجلس القضاء قراراً في هذا الشأن اول من امس. طلب النائب العام التمييزي في لبنان القاضي عدنان عضوم رفع الحصانة عن النائب نقولا فتوش لملاحقته بجرائم تمس بصدقية السلطة القضائية وسمعتها وسمعة القضاة وأدائهم. وأكد في طلبه جدية الملاحقة الجزائية لأن تعرض فتوش للقضاء ليس له ابعاد حزبية او سياسية انما تم لمصلحة محض شخصية تتعلق به وبعائلته. وترافق طلب عضوم مع تحرك الجسم القضائي تمثل بالتوقف ساعتين عن العمل امس في المحاكم احتجاجاً على ما تعرض له من اتهامات على لسان فتوش وعلى الحملات التي تستهدف السلطة القضائية احدى ركائز الدولة. وجاء التحرك غداة اصدار مجلس القضاء الأعلى ليل اول من امس بياناً هو الأول من نوعه في تاريخ القضاء اللبناني يدعو الى التوقف عن العمل اثر معاودة فتوش شن هجومه على القضاء من المجلس النيابي. وعقد رئيس مجلس القضاء طانيوس الخوري مؤتمراً صحافياً في مكتبه في قصر العدل في حضور نقيب المحامين في بيروت ريمون شديد وقال: "ان الجسم القضائي يشعر بخطر على القضاء"، في حين اكد شديد تضامن المحامين مع القضاء والقضاة، وطالب بأن "يكون القضاء سلطة مستقلة". وأعلن عضوم في مؤتمره الصحافي انه أرسل الى وزير العدل طلب رفع الحصانة عن فتوش لإيداعه المجلس النيابي تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة برفع الحصانة. وقال: "فوجئنا بتصريح النائب فتوش بالأمس بعدما كان هناك توجه نحو إمكان انهاء الموضوع خلال الاجتماع بيننا على ان ينظر مجلس القضاء الأعلى في نتائجه". وقال: "ناشدنا السلطات الدستورية التدخل في هذا الشأن لأن القضاء الصامت الأكبر وهو عادة لا يدخل في مشادات وردود، لكن هذا لا يعني ان القضاء مستضعف، انه يتحمل اكثر مما تتحمله اي مؤسسة او اي جهاز آخر. نحن لا نقول ان القضاة في معرض ممارستهم العمل منزهون، يمكن ان يخطئوا، وهناك مرجع رقابة هو التفتيش القضائي، فإذا شعر احد بضرر من اي حكم قضائي او اي تصرف قضائي يمكن ان يلجأ الى التفتيش القضائي لا ان يتناول القضاء ككل في الإعلام. الدولة تكون متماسكة عندما يكون فيها قضاء منزه ومتماسك. فإضعاف السلطة القضائية هو إضعاف للدولة، والقضاء ليس مكسر عصا". ولفت الى ان طلب الإذن من نقابة المحامين لملاحقة فتوش "يأتي في مرحلة لاحقة"، وقال رداً على سؤال: "الدكتور فتوش هو فعلاً رجل قانون جيد، ويعرف الأصول إنما ان يحصل الموضوع بهذه الطريقة فأمر غير مقبول، فإذا كان هناك من تظلم، هناك وسائل والقاضي موجود ويخضع للقوانين والقاضي شكري صادر استهدفه فتوش في كلامه من اكفأ القضاة في لبنان وله تاريخ معروف وشغل مناصب ممتازة بشهادة الجميع. ولم يتطرق لقاء الأربعاء النيابي الى الأزمة الناشئة بين فتوش والسلطة القضائية وتجنب رئيس المجلس النيابي نبيه بري التعليق على هذه المسألة. وذكرت مصادر ان هذه المسألة عرضت على هامش اللقاء بين بري وفتوش الذي قال بعد اللقاء: "انني ضنين بالقضاء ولم يكن موقفي تجاه القضاء ككل بل تجاه بعض القضاة". وأضاف: "بكيت عندما سمعت بإضراب القضاء لأنني لست في وارد هدم السلطة القضائية، وإنني اضم ألمي وحزني الى ألم وحزن رئيس مجلس القضاء الأعلى". وأوضح انه ليس في "معرض السجال مع القضاء بل اهدف الى الوصول الى الحقيقة. وأنتظر ان تظهر"، مؤكداً ان بري "يجب ان يكون على بينة من الحقيقة مهما كانت الأسماء". وعما اذا كانت الأمور ستهدأ بينه وبين القضاء قال: "نحن لسنا في حرب كي تهدأ الأمور، نحن امام حقيقة". وعن التلويح برفع الحصانة عنه، قال: "إما يقدم طلب رفع الحصانة او لا يقدم". وقال النائب ميشال المر بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير: "ان القضاء صار مكسر عصا، فكل متقاض إذا لم يحصل على ما يريده في دعواه يبدأ في مهاجمة القضاة وشتمهم. انا مع القضاء وهو اذا لم نقم بتحصينه وحمايته فإنه ينهار وتنهار معه الدولة ويخرب البلد".