حتى ليل أمس، لم تكن الاجتماعات التمهيدية للقمة العربية توحي بأن ثمة اجماعاً على الكلمات التي سيتضمنها البيان الختامي للقادة الذين سيبدأون بالتوافد الى شرم الشيخ اليوم. وكاد خلاف على جدول الاعمال يعقّد مهمة وزراء الخارجية، وذلك في ترتيب البندين "التهديدات للعراق" اولاً و"الحالة بين الكويتوالعراق" ثانياً، إلا ان اقتراحاً سورياً سهّل انهاء الخلاف. وشكلت لجنتان لصياغة البيان الختامي، اولى للموضوع العراقي تضم مصر والسعودية وسورية وليبيا والامانة العامة للجامعة، وثانية للموضوع الفلسطيني. وبدأت اللجنتان عملهما ليلاً. راجع ص 4 وكان مشروع البيان الذي ناقشه وزراء الخارجية مساء، كما اطلعت عليه "الحياة"، لم يلحظ أي موقف من قضية العراق، وإن كان ثمة اجماع على رفض الحرب والتحذير من مخاطرها وتداعياتها على المنطقة. وطرحت أفكار كثيرة منها تشكيل لجنة طوارئ من زعماء عرب للتعامل مع تطورات الأزمة، ومنها ايضاً تشكيل وفد عربي للقاء المسؤولين في الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن مصادر ديبلوماسية اعتبرت أن مهمة وفداً كهذا ستكون "علاقات عامة" لن تقدم ولن تؤخر في قرار الولاياتالمتحدة وحلفائها، فضلاً عن أن مصادر أشارت الى أن واشنطن اقترحت تشكيل وفد لمقابلة الرئيس صدام حسين، معتبرة "أن الحل هناك بيده". وكان طاغياً في جو الاستعدادات للقمة الخطاب الذي ألقاه الرئيس جورج بوش، فبعض الديبلوماسيين العرب اعتبر أن الرئيس الاميركي وجّه رسالة واضحة وعلنية الى القمة العربية، وليس كما فعل والده قبل عقد ونيف مع قمة 90 ما بعد اجتياح الكويت. ومفاد الرسالة ان الولاياتالمتحدة تجاوزت الوضع الحالي للأزمة، فهي تتحدث عن مرحلة ما بعد صدام، عن "عراق نموذجي" للديموقراطية والحرية، وعن مرحلة أخرى فيها شيء من الإغراء هي الالتزام الكامل بالعمل لإقامة دولة فلسطينية... هي الأخرى من دون القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية. مشروع البيان الختامي واسع وفضفاض. ولم يتضح حتى مساء امس هل هناك توافق على العبارة التي أثارت "عاصفة" وهددت بانقسام في بيان المجلس الوزاري الأخير، والتي دعت الدول العربية الى الامتناع عن تقديم قواعد او تسهيلات الى القوات الاميركية، أم لا. وقال مصدر وزاري ل "الحياة": "هذه المرة لن تمر عبارة كهذه، وكيف يمكن أن تمر وهناك نحو 10 دول عربية فيها وجود عسكري اميركي"، لكن ثمة فكرة متداولة لتشكيل وفد عربي واسع يمثل معظم الدول العربية وتياراتها لمقابلة الرئيس صدام وحمل رسالة عنوانها الوحيد "أن منع الحرب المدوية التي تهدد بتقسيم العراق وزعزعة المنطقة، قرار في يد صدام وحده"... ولم تستبعد اوساط مطلعة على ما يدور من مناقشات عشية القمة، أن يقرر القادة تشكيل "لجنة طوارئ" على مستوى القادة للتعامل مع التطورات المقبلة، تضم 4 أو 5 من الزعماء العرب. في أي حال، أكد ديبلوماسي في الجامعة ان القادة سيتوصلون الى بيان مشترك، على رغم الخلافات في وجهات النظر، كما فعل الاتحاد الاوروبي في قمته الاخيرة، ولا بد للقمة أن تحافظ على الجامعة، فلا تتكرر تجربة العام 1990 عندما قسم صدام العرب معسكرين خصوصاً أن ثمة مشروعاً سعودياً اقترحه ولي العهد الامير عبد الله لتفعيل العمل العربي المشترك، وهناك اقتراحات قطرية وسودانية وليبية قدّمت للهدف نفسه. وذكر ان صيغة قدمها الوزراء المغاربيون وتطالب باعطاء المفتشين الدوليين الوقت اللازم وبعدم الاقدام على اي اجراء عسكري إلا تحت غطاء الاممالمتحدة يمكن ان تعتبر توافقية كما انها تبقي الموقف العربي قريباً من الموقف الاوروبي. وعقد الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى مؤتمراً صحافياً قبل اجتماع المجلس الوزاري، أكد فيه أن هدف القمة هو الحؤول دون وقوع الحرب، معرباً عن أمله في الخروج بموقف عربي موحد. ولوحظ ان موسى سخر من سؤال وجه إليه عن مسألة ارسال وفد الى صدام. وقد اجتمع الرئيس حسني مبارك بعد ظهر أمس مع وزير خارجيته أحمد ماهر ومع الامين العام للجامعة عمرو موسى. وتعلق القاهرة اهمية كبرى على إصدار إعلان يسمى "إعلان شرم الشيخ" يحمل رسالة تحذير الى جميع المعنيين بالأزمة من مخاطر الحرب.