على رغم ان الانجازات الكروية المدوية لمدرب مانشستر يونايتد الاسكتلندي أليكس فيرغوسون وتصنيفه بين نخبة مدربي بطولة انكلترا، الا ان اعماله الانسانية ونشاطاته خارج اطار كرة القدم لم تترك الا بقعاً سوداً في سجله الاخلاقي. فبعدما ترك بصماته على وجه قائد المنتخب الانكليزي ديفيد بيكهام في حادثة "عفوية"، لا تزال ذيولها موضع تداول في اوساط اللعبة في ظل التصريحات الايجابية من الطرفين المعنيين. ولعل ما ازعج بعض الاوساط الاعلامية المحلية والمنظمات الانسانية هو تورط فيرغوسون بعلاقات "مشبوهة" مع ضابط حرب اسرائيلي تمتلئ يديه بدماء الشهداء الفلسطينيين وخصوصاً الاطفال، من خلال تخطيط وتنفيذ عمليات هجومية على الضفة الغربية وقطاع غزة، علماًَ ان فيرغوسون هو سفير فخري لصندوق الاممالمتحدة لرعاية الامومة والطفولة يونيسف. وكشف كتاب "الاحلام المتكسرة" لصحافي التحقيقات البريطاني توم باور علاقة وطيدة ربطت فيرغوسون مع وكيل اعمال اللاعبين الاسرائيلي بينهاس زهافي قبل نحو عامين، وعاد السبب الاساسي في هذه العلاقة الى ان زهافي شغل منصب مدير اعمال مدافع منتخب انكلترا وليدز السابق ريو فيرديناند، الذي حام فيرغوسون حوله وسعى الى التقرب منه واقناعه بالانضمام الى مانشستر. وتطورت العلاقة بين الرجلين الى تبادل الزيارات، ولبى فيرغوسون دعوة زهافي لزيارة اسرائيل، حيث التقى مع ضباط في اعلى وحدات الجيش الاسرائيلي سرية وتدعى "مسترافيم". وبعدها بأسابيع دعا مضيفيه رئيس "مسترافيم" وابنه الى ملعب "اولد ترافورد" لحضور احدى المباريات، ثم ترك فيرديناند صفوف ليدز بعد خمسة اشهر، وانضم الى مانشستر في مقابل 30 مليون جنيه كان نصيب زهافي منها مليونين كعمولة على دوره في انجاح الصفقة. وعلقت صحيفة "ذي اوبزرفر" الانكليزية الاسبوعية بسخرية على تصرف فيرغوسون بقولها: "جميلة جداً هذه النزعة الاخلاقية الجديدة في مسرح الاحلام اولد ترافورد"، ثم تساءلت بجدية: "هل كانت "يونيسف" تعلم حين عينت فيرغوسون سفيراً فخرياً لها الصيف الماضي انه في الوقت الذي تُصرف فيه ملايين الدولارات لتحسين معيشة اطفال الضفة الغربية وقطاع غزة وحماية ارواحهم، كان بتصرف غير مسؤول او غير مقصود يستضيف سرية قائد "قوات الموت الاسرائيلية" الذي انتهك بأعماله الاجرامية حقوق الانسان في غزة والضفة وتسبب في زهق ارواح اطفال كثيرين في عمليات اغتيال ومنهم 10 أطفال في ليلة 22 تموز يوليو وهي الليلة ذاتها التي اكمل فيرغوسون صفقة انتقال فيرديناند من ليدز الى الشياطين الحمر". وحاولت جو فليتشر الناطقة باسم المكتب الاعلامي لمانشستر في تصريح ادلت به ل"الحياة" "لملمة" الموضوع والتخفيف من وطأة النبأ، على رغم تأكيدها ان ضابطاً اسرائيلياً كبيراً حضر في هذه الفترة الى ملعب "اولد ترافورد",وهي طالبت بمنحها الوقت الكافي لاستشارة مسؤولي النادي، في حين نفى غاريث بيغر المتحدث الاعلامي لمكتب "يونيسف" في لندن في البداية ان يكون فيرغوسون سفيراً شرفياً لمنظمته، قبل ان تذكّره "الحياة" بأن موقع "يونيسف" على الانترنت مليء بنشاطات فيرغوسون في افريقيا. وهنا رد بيغر بأن منظمته لا تعلق على الحياة الخاصة لسفرائها الشرفيين، وأكد ان اي عقوبة جزائية لن تتخذ في حق مدرب مانشستر يونايتد، على رغم اعترافه ان تصرفاته الشخصية تتناقض مع اهداف المنظمة ونشاطاتها. الا ان الناطقة باسم منظمة العفو الدولية "امنيستي" ليزلي وورنر اكدت ان شكاوى عدة تقدم بها صحافيون محليون اعربوا فيها عن استيائهم من تصرف فيرغوسون، "نحن لا نشجع هذه الاعمال ولا نملك سوى الاعلان عن أسفنا لهذا التصرف غير المسؤول". وقد تكون الاحداث "الشنيعة" التي تسردها الصحف المحلية حالياً عن تصرفات فيرغوسون مع لاعبيه خلال العقود الثلاثة الماضية استناداً الى الحادثة مع بيكهام، ملائمة للتذكير بالوجه الآخر لفيرغوسون الذي يهلل ملايين العرب لفريقه اسبوعياً، وربما ستبقى انجازاته الكروية عالقة في عقول الملايين، ولكن ليست في قلوب حفنة من الفلسطينيين والعرب.