قواسم عدة تجمع بين العداءين الأميركيين ماريون جونز وتيم مونتغومري، ربما كانت سبباً مباشراً في تقريب قلبيهما، وإحاطتهما بوثاق من الانسجام والصداقة وصولاً الى الحب، ويشّبه كثر هذين "التوأمين الذهبيين" بالسيد الملك والسيدة الملكة في لعبة "الكوتشينه"، ولا سيما انهما ملكا سباقات سرعة حالياً، والتقارب بينهما يتعدى الطباع والعواطف الى دلائل اخرى كثيرة جمعتهما، وأصبحت بالتالي مفارقات يشار إليها دائماً. لا يختلف اثنان على ان العداءة الأميركية ماريون جونز تملك السطوة الأبرز وتضيّق الخناق على معظم منافساتها من خلال نتائجها وأرقامها، وأن مواطنها تيم مونتغومري بات الأفضل منذ ان اندفع بقوة نحو المقدمة من خلال تحطيمه الرقم القياسي العالمي لسباق ال100م. غير ان كثراً قد يفاجأون حين تطرح المقارنة بين الاثنين، علماً ان مسافة 17،8 امتار في قياس الثواني تفصل بينهما. هي في سن السادسة والعشرين وهو بلغ السابعة والعشرين، طول قامتها 78،1م وطول قامته 79،1م، وزنها 68 كلغ ووزنه 69 كلغ، ورقمها الشخصي 65،10 ثوان وهو الأفضل عالمياً في المواسم الأخيرة، ورقمه العالمي 78،9 ثوان، وقد سجله العام الماضي في نهائي الجائزة الكبرى في فرنسا، محطماً رقم مواطنه موريس غرين 79،9ث الذي سبق وحققه في اثينا عام 1999. ومنذ الانتصار الفرنسي لمونتغومري وإهدائه قبلة الى جونز، باتا حديث الجميع وقبلة انظارهم. وفي بطولة كأس العالم في مدريد لاحقت الصحافة تحركاتهما خارج المضمار اكثر من تركيزها على مشاركتهما في المنافسات، ما حدا بجونز الى عقد مؤتمر صحافي ابدت خلاله رغبتها ومونتغومري "في إبقاء حياتهما الخاصة بعيداً من متناول الناس وشكرت سلفاً المتجاوبين في احترام هذه الرغبة". وقفة جونز امام عدسات التصوير ذكرت متتبعي اخبار النجمين بالمؤتمر الصحافي الذي عقدته جونز على هامش الألعاب الأولمبية في سيدني 2000، وإن اختلفت الظروف. يومذاك، كان بجانبها زوجها بطل رمي الكرة الجديد سي جي هانتر الأثقل وزناً من مونتغومري ب80 كلغ، واعترف بتناوله مادة الناندرولون المنشّطة، وهي اكدت دعمها له ووقوفها معه، لكن وعدها لم يصمد طويلاً، إذ انفصل الزوجان. اما مونتغومري فلم يحظ حينها بالأضواء والشهرة، اذ شارك في سيدني ضمن الفريق الأميركي لسباق البدل اربع مرات مئة متر، لكنه لم يخض السباق النهائي، وكان ايضاً ضمن مجموعة العدائين التي تضم جونز ويشرف عليها المدرب تريفور غراهام. واهتم مونتغومري بداعي الزمالة بالتخفيف عن جونز المتأثرة جداً بالفضيحة التي طاولت زوجها، وإن لم تظهر ذلك امام الصحافة الأميركية "لم يكن الحب بيننا قد وقع حينها، لكن الاستلطاف موجود، وهي شكرت بادرتي تلك". لكن التطورات المتسارعة بعدها وكأنها من قصص الأحلام "أشعلت" العلاقة بينهما. العام 2001، وصل مونتغومري الى اوسلو ليخوض سباق ال100 م في لقائها الدولي، غير انه فوجئ بفقدان امتعته ساعة توجهه الى الملعب، وكان عليه ايجاد حذاء مناسب لينتعله تفادياً للانسحاب، وصودف ان استخدم اغراض جونز ومنها الحذاء ذو المقاس الأصغر، "عانيت الأمرّين في سباق نصف النهائي، وحققت اسرع زمن شخصي لي في النهائي، إذ سجلت 84،9 ثوان معادلاً رقمي الكنديين برونو سورين ودونوفان بيلي وهو ثاني اسرع وقت في العالم". وتساءل مونتغومري بدهشة: "هل جريت بسرعة غير اعتيادية تخفيفاً لوطأة الألم من جراء الحذاء الضيق؟!". لكن ما حصل في فرنسا العام الماضي ازال هذا الشك وجعل العداء المميز متيقناً ان جونز فأل خير عليه. لقد وضعت القرعة مونتغومري في الحارة الرقم 5 - المخصصة لأصحاب افضل الأزمنة - وهي ذاتها التي ركضت جونز قبله داخلها في تلك الأمسية، واستخدم مكعب الانطلاق عينه الذي كان بحوزتها... والنتيجة الفوز بالسباق وتحطيمه الرقم القياسي العالمي. ولم يتمالك مونتغومري نفسه بعد لفة الشرف الاحتفالية حول المضمار، فتوجه سريعاً الى حيث كانت جونز واقفة فرحة، وقبّلها بحرارة. ونشرت صورتهما في اليوم التالي في الصحف العالمية. وفي حين تتحفّظ جونز في الحديث عن هذه العلاقة التي تترسخ يوماً بعد يوم، يؤكد مونتغومري ان هذه "الزميلة" اصبحت مرشدته، "تطورت مشاعرنا من خلال لقاءاتنا الدائمة في معسكرات التدريب والدورات والبطولات، وأنا استشيرها في كل شيء". لكن، هل يخف وهج هذه العلاقة مع مرور الأيام؟ الطرفان يؤكدان انه مهما حصل "سنبقى اصدقاء مدى الحياة"، وللدلالة على صدق نياتهما "طبع" كل منهما اسم الآخر "تاتو" على ساعده الأيسر من جهة القلب. لكنهما لم يقيما معاً حتى الساعة، وأحد اسباب ذلك خشية العراك المتوقع بين هررة مونتغومري الثمانية وكلب جونز، ولئلا يكون ذلك نذير شؤم على علاقتهما الوطيدة.