يعتبر ايسار هاريل الذي توفي اول من امس عن 91 عاماً ابا جهاز الاستخبارات الاسرائيلي موساد وهو الذي نظم في ستينات القرن الماضي عملية خطف ادولف آيخمان احد المسؤولين النازيين عن "الحل النهائي" لتصفية اليهود. وتوفي هاريل في مستشفى في احدى ضواحي تل ابيب بعد مرض عضال. وكان لهذا الرجل الصغير النشط الذي كان يحظى بثقة رئيس الحكومة الاسرائيلية ديفيد بن غوريون، سلطة بدون منازع خلال اكثر من عشر سنوات على رأس جهاز الاستخبارات الاسرائيلي "موساد" الذي ذاع صيته في العالم اجمع بفضله. وفي سابقة في تاريخ اسرائيل تولى هاريل في الوقت نفسه من 1952 حتى 1963 منصبي رئيس "موساد" و"شين بيت"، جهاز الامن الداخلي المكلف خصوصا مكافحة التجسس و"مكافحة الارهاب". ولد هاريل في روسيا وهاجر منها الى فلسطين في 1930 في عهد الانتداب البريطاني والتحق بالجيش اليهودي السري "هاغاناه" حيث انضم الى جهاز الاستخبارات العسكري. وبعد قيام دولة اسرائيل في 1948 ترأس "شين بيت" واستخدم عمله في حركة "ماباي" التي انبثق عنها حزب العمل للتنصت على منافسيه السياسيين من اليسار الذين كان يشتبه في ميولهم السوفياتية. في 1952 أصبح رئيساً ل"موساد" وفي غضون سنوات قليلة جعل من هذا الجهاز اكثر اجهزة الاستخبارات نجاعة في العالم. ومن بين منجزاته عملية تنظيم الهجرة السرية لليهود المغاربة الى اسرائيل خلال الخمسينات. وتمكن "موساد" خلال رئاسته ايضا من الحصول على التقرير السري حول جرائم جوزف ستالين الذي رفعه الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف امام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي. ونقلت الوثيقة بعد ذلك الى الولاياتالمتحدة.وتمكن ايضا من كشف العديد من الجواسيس السوفيات الذين اخترقوا الاجهزة الاسرائيلية لا سيما في وزارة الدفاع الاسرائيلية. لكن العملية التي منحته شهرة عالمية وقعت في 1960 عندما تمكن اثر مطاردة دامت سنوات عدة قام بها عناصر "موساد"، من تحديد مكان ادولف آيخمان ثم خطفه من احدى ضواحي بوينس ايرس. وحوكم آيخمان، الذي كان احد المسؤولين النازيين عن تنفيذ ما سمي ب"الحل النهائي" وهي خطة تصفية اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، في اسرائيل ثم اعدم شنقاً في 1962. وخلال كل هذه السنوات بقي اسم ايسار هاريل سراً ولم يكن يعرف الا بلقبه "ها ميمونيه"، اي "المسؤول" بالعبرية. وانتهى مشواره على رأس "موساد" في 1963 اثر خلافات مع بن غوريون لان هاريل كان يدعو الى تصفية العلماء الالمان الذين كانوا يعملون في مصر لتطوير صواريخ قادرة على الوصول الى اسرائيل. وفضل بن غوريون الاصغاء لنصائح الاعتدال التي قدمها له جهاز "امان" للاستخبارات العسكرية، المنافس الكبير ل"موساد". وتولى هاريل بعد ذلك منصب "مستشار خاص" في مجال الامن لدى رئيس الوزراء ليفي اشكول خليفة بن غوريون الذي تولى السلطة من 1963 حتى 1969، قبل ان ينتخب نائبا في البرلمان من 1969 حتى 1973. وانسحب من الحياة العامة بعد ذلك مكتفياً بتقديم شهادته في افلام وثائقية ومناقشات تطرقت الى عملية خطف ايخمان التي دونها في كتاب مذكراته اطلق عليه اسم "منزل شارع غاريبالدي" باسم المكان الذي كان يختبئ فيه النازي السابق طوال سنوات تحت هوية مزورة.