نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون في زرع البلبلة في صفوف حزب "العمل" وترك أقطابه مرتبكين عاجزين عن اتخاذ موقف واضح من مسألة دخول حكومة "وحدة وطنية" أو عدمه. ويشكل التردد بحد ذاته تراجعاً عن الموقف الرافض بحزم دخول حكومة بزعامة شارون الذي التزموا به عشية الانتخابات البرلمانية. جاء لافتاً في اليومين الأخيرين أن "لا" النهائية لحكومة وحدة وطنية التي نطق بها أركان العمل أضحت "لا إلا إذا" أو نعم إذا التزم شارون قبول شروط "العمل" للشراكة بينهما. ويبدو أن هذه النغمة الجديدة ستتواصل إلى حين لقاء شارون للمرة الثالثة زعيم "العمل" عمرام متسناع، غداً الجمعة كما يُتوقع، وإلى حين اجتماع المكتب السياسي لحزب "العمل" الأحد المقبل للبت في تشكيل طاقم للتفاوض مع حزب "ليكود" أو إقرار رفض ذلك من جديد. ويسوغ المتحمسون لدخول خيمة الوحدة موقفهم بتسريبات صحافية من لقاء شارون - متسناع الاثنين الماضي، تقول إن شارون مستعد لتشكيل حكومة علمانية بمشاركة أحزاب "ليكود" و"العمل" و"شينوي" تستثنى منها الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة وتكون قادرة على اتخاذ قرارات سياسية بعيدة المدى والتقدم بأجندة جديدة، حسب قول وزير الخارجية السابق شمعون بيريز، فيما رأى زعيم الحزب السابق بنيامين بن اليعيزر في حكومة كهذه "اغراء لا تمكن مقاومته". ونقلت صحيفة "معاريف" أمس عن قطب كبير في حزب "العمل" شارك في لقاء شارون - متسناع، ان الأول قال إنه مستعد للقبول بإقامة دولة فلسطينية وتحقيق سلام حقيقي واخلاء مستوطنات في الضفة الغربية ووضع جدول زمني لتحقيق تسوية شاملة بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة والأردن ومصر. واعتبر حاييم رامون، وهو أحد أقطاب "العمل" وأبرز المعارضين لمعاودة الشراكة مع "ليكود"، التسريبات مقصودة لخلق ستار من الضبابية. وقال للإذاعة العبرية إن المطلوب الآن من شارون أن يعلن على الملأ قراره اخلاء المستوطنات في قطاع غزة وتحويل 200 مليون دولار من موازنة المستوطنات في الضفة الغربية لمصلحة البلدات الفقيرة داخل إسرائيل. وتابع انه يشكك في أن يكون حصل شيء استثنائي وبرز شارون جديد و"لذلك ثمة شعور لديّ بأن الأمر لا يتعدى كونه فقاعة إعلامية". وأضاف مستدركاً انه إذا "وضع شارون الأمور على الطاولة أمام الجمهور، فسوف اؤيد المفاوضات فوراً". من جهته، واصل متسناع التزام الصمت وسط انتقادات واسعة داخل "العمل" على سلوكه واتهامه بالتذبذب وبعدم امتلاكه أجندة واضحة "وهو لا يعرف ما يريد" على حد قول الوزير السابق ماتان فلنائي. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن رسائل متضاربة بثها متسناع بعد اللقاء أنه أبلغ أحد معاونيه ان شارون فاجأه بما طرحه، بينما قال لرجال أعمال ناشدوه الانضمام إلى حكومة وحدة ان الفجوة في المواقف ما زالت شاسعة، وانه لم تجر في لقائه شارون مفاوضات حقيقية، إنما اقتصر الأمر على استيضاح المواقف. وحيال هذه البلبلة تبقى الصورة مبهمة وتبقى الكرة في ملعب شارون لإثبات وجهته الحقيقية. إلى ذلك، انتخبت الكنيست الجديدة الوزير في حكومة شارون المنتهية ولايتها وأحد أبرز القريبين منه رؤوبين ريبلين رئيساً لها بغالبية 104 أصوات وامتناع نواب الأحزاب العربية عن التصويت. وانتخب حزب "العمل" الوزيرة السابقة دالية ايتسك رئيسة لكتلة الحزب البرلمانية، بينما اختارت كتلة ليكود البرلمانية الأمين العام السابق للحكومة النائب الجديد جدعون ساعر رئيساً لها بناء على توصية من شارون.