بعد ساعات على مطالبة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ب"ضمانات" من بغداد في شأن تعاونها لتحقيق تقدم كشرط لتلبية الدعوة العراقية لزيارتها، وتشكيك رئيس "انموفيك" هانس بليكس بصدقها، أعلن أمس أنهما يعدان لزيارة الفرصة الأخيرة في 8 و9 الشهر الجاري. في الوقت ذاته أكد نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز ان حكومته لن ترسل مسؤولاً رفيع المستوى للمشاركة في اجتماع مجلس الأمن الأربعاء، وأشار الى أن بليكس لن يلتقي في بغداد الرئيس صدام حسين. وكان الأول أبدى استعداده لهذا اللقاء اذا دعي، مشيراً الى أنه سيشكل لجنة خبراء لتقويم هل ارتكب العراق انتهاكاً خطيراً، في اختبار صواريخ طويلة المدى وربما نشرها. وجاءت هذه التطورات بعد لقاء القمة الذي ضم الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في واشنطن، في وقت متقدم ليل الجمعة. في المقابل هدد صدام ب"قتل مليون جندي أميركي" في حال غزو العراق، وتوعد نائبه طه ياسين رمضان بتنفيذ آلاف من الأشخاص "عمليات انتحارية داخل العراق وخارجه" وب"بحر من المقاومة". وأوصى مجلس الأمن القومي التركي حكومة عبدالله غل بنيل موافقة البرلمان على السماح بانتشار قوات أجنبية في البلد أو بخوض حرب، معتبراً أن الوقت ما زال متاحاً لتسوية أزمة العراق سلماً. وأعلن أن تركيا ستتخذ "الاجراءات اللازمة لحماية مصالحها"، فيما ألغى الجيش اجازات أفراده في عيد الأضحى، وأمر بالاستعداد لأي ظروف طارئة على الحدود العراقية. ويلتقي بلير في باريس غداً الرئيس جاك شيراك، متسلحاً بموافقة بوش على صدور قرار جديد من مجلس الأمن "شرط أن يوجه رسالة واضحة الى العراق بوجوب نزع أسلحته خلال أسابيع". وأعرب بلير عن أمله بموافقة شيراك على صيغة القرار الجديد، خصوصاً أن فرنسا ساهمت بفاعلية في صوغ القرار 1441. ونقلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم أن القرار الجديد يمكن أن يحصل على 13 صوتاً من أصل 15 في مجلس الأمن، على رغم أن هناك الآن أربع دول فقط تؤيد شن حرب على العراق. في غضون ذلك بدأت الإدارة الأميركية التمهيد للعودة الى الأممالمتحدة، فوضعت ثلاثة تنظيمات شيشانية، كانت روسيا طلبت منذ سنوات معاقبتها واعتبارها ارهابية، على القائمة السوداء. كما قررت صرف أربعة ملايين دولار لإعادة المهجرين من أنغولا، ومليونين للمهجرين الليبيريين في غينيا، وهي دولة عضو في مجلس الأمن. وتوقعت المصادر البريطانية امتناع فرنسا والصين وروسيا عن استخدام "الفيتو" ضد القرار الجديد الخاص بالعراق، واقتصار المعارضة على ألمانيا وسورية التي اتصل رئيسها بشار الأسد أمس بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لتنسيق مواقف بلديهما في الأممالمتحدة. ويبدأ وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل زيارة لموسكو اليوم ستركز، بحسب المصادر الروسية، على سبل تجنب الحرب. وفيما استمرت الاستعدادات العسكرية للحرب، وعبرت قناة السويس أمس 12 سفينة حربية بريطانية وغواصة أميركية في طريقها الى الخليج، أكد جنرال روسي سابق يرأس لجنة الدفاع في البرلمان ان أميركا قد تستخدم السلاح النووي في حربها على العراق. وقال الفريق اندرييه نيكولايف ان مثل هذا السلاح يمكن أن يستخدم لتدمير مواقع مخبأة ومراكز القيادة والمستودعات راجع ص 2 و4 و5. جلسة مجلس الأمن وستعقب زيارة بليكس والبرادعي بغداد الجلسة المهمة التي سيعقدها مجلس الأمن الأربعاء، ويقدم خلالها وزير الخارجية الأميركي كولن باول "أدلة" على عدم خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، وعلى تورطه مع تنظيم "القاعدة" والارهاب. وقالت مصادر رئاسة المجلس للشهر الجاري ان باول سيعطى نحو ساعة لتقديم ما لديه، فيما سيعطى كل من وزراء خارجية الدول الأخرى ست دقائق فقط. وترأس ألمانيا المجلس الآن، وسيرأس وزير خارجيتها يوشكا فيشر الجلسة. وبررت المصادر التفاوت في الوقت الممنوح للوزراء بأن باول هو الذي طلب انعقاد المجلس وسيعرض أمامه ما لديه من أدلة. وللمرة الأولى تفعّل دولة فقرة في القرار 1441 خوّلت الى الدول تقديم احاطة الى المجلس، بالاضافة الى تقدم المفتشين. وتابعت المصادر ان مندوب العراق، اذا شاء المشاركة في الجلسة سيُمنح ست دقائق فقط، شأنه شأن الآخرين من مندوبي الدول ال15. وطلب مندوب سورية السفير ميخائيل وهبه الموافقة على مشاركة العراق في الجلسة، فيما ذكرت مصادر الرئاسة ان أميركا لم تعترض. وزادت الضغوط على القيادة العراقية من كل أعضاء مجلس الأمن لتوظيف الفرصة الأخيرة التي تمثلها زيارة بليكس والبرادعي بغداد، تلبية لدعوة من حكومتها. وفي سياق معارضة الحرب، شهدت عمان ونيقوسيا وستراسبورغ ومدن ألمانية مسيرات حاشدة احتجاجاً على الخطط الأميركية لضرب العراق، بينما تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في دمشق عن احتمال تقديم موعد القمة العربية المقررة الشهر المقبل. في الرياض أ ف ب، نصحت السفارة الأميركية أمس آلاف المواطنين الأميركيين المقيمين في السعودية بمغادرتها. وأكدت في مذكرة تحذير ان "على الاميركيين الموجودين في السعودية القيام بتقويم دقيق لوضعهم الأمني والتفكير في المغادرة". وحذرتهم من "تزايد أخطار السفر الى المملكة العربية السعودية، وأعمال ارهابية ضد المواطنين الأميركيين في الخارج، بخاصة في الشرق الأوسط". كما تلقى الأميركيون في الكويت نصيحة مماثلة، وأعلنت الولاياتالمتحدة الخميس الماضي خفض عدد ديبلوماسييها في الكويت والسعودية، بسبب المخاوف التي يثيرها اقتراب موعد هجوم أميركي محتمل على العراق.