رحبت الولاياتالمتحدة بالاتفاق الذي توصل اليه الحلف الأطلسي لتأمين حماية تركيا، في حال اندلعت حرب على العراق، فيما أصدرت المانياوفرنساوبلجيكا اعلاناً مشتركاً شدد على أن الاتفاق "لا يستبق الجهود" المبذولة في اطار القرار 1441 لتسوية الأزمة العراقية. وتمسكت الدول الثلاث ب"احترام التزامات" معاهدة الحلف الأطلسي الذي شددت لجنته المكلفة التخطيط العسكري على التزام "دعم الأممالمتحدة لايجاد حل سلمي" للأزمة. واعتبر الأمين العام ل"الأطلسي" جورج روبرتسون أن "تضامن الحلف انتصر"، في وقت صرح السفير الأميركي لدى هذه المنظمة نيكولاس بيرنز، في نهاية يوم من المفاوضات المكثفة، أول من أمس، بأن الاتفاق "خطوة كبيرة الى أمام"، ورحب ب"موافقة الدول الثماني عشرة الحليفة على تقديم دعم عسكري لتركيا". ولم تشارك فرنسا العضو التاسع عشر في الحلف، في تلك المفاوضات لأنها ليست عضواً في هيكليته العسكرية منذ 1966. وذكر بيرنز ان الحلف سيقرر "في الأيام المقبلة" تطبيق تدابير دعم تركيا. وسيتيح الاتفاق للخبراء العسكريين في "الأطلسي" بدء التخطيط لتدابير الدعم الدفاعية لتركيا، ومنها ارسال طائرات رادار من نوع "اواكس". لكن ديبلوماسياً رفيع المستوى انتقد مساء الأحد موقف فرنسا الذي برز "عقبة" في الأيام الأخيرة، وأضاف: "عندما كانوا الفرنسيون خارج القاعة، أبرمنا اتفاقاً في يوم واحد". ورأى ان فرنسا "عزلت نفسها عن تيار الأكثرية في الحلف الأطلسي". واعتبر روبرتسون ان الدول الأعضاء في الحلف "تحملت مسؤولياتها" حيال تركيا "الحليف المهدد من أحد جيرانه". وقال بعد التوصل الى الاتفاق ان تحليل "الأطلسي" مفاده "ان ثمة تهديداً في الظروف الحالية يخيم على تركيا من أحد جيرانها، ودول الحلف تحملت مسؤولياتها الجماعية حيال تركيا". وزاد ان الاتفاق الذي تحقق بعد اسبوع من المفاوضات الشاقة والذي عارضته بلجيكا حتى وقت متقدم ليل الاحد، هو "مؤشر واضح الى أن الحلف سيكون الى جانب حليف اذا كان هذا الحليف مهدداً". واعتبر روبرتسون ان مهمته التي "تقضي بالتوصل الى توافق" كانت "شاقة أحياناً"، رافضاً تحميل هذا العضو أو ذاك في الحلف مسؤولية الانشقاق الذي واجهه "الأطلسي" للمرة الأولى منذ 54 سنة. ورفض "التشكيك في حسن نية أو وفاء أي دولة عضو"، واستدرك في مؤتمر صحافي ان "فرنسا اكدت صراحة تضامنها مع تركيا، وكونها ليست عضواً في لجنة التخطيط العسكري لا يعني ابداً ان فرنسا ليست جزءاً لا يتجزأ من هذا الوفاء الاساسي، والالتزام بالدفاع عن حليف". وكرر ان "فرنسا تعتقد ان التدابير لحماية تركيا ليست ملائمة بعد وهذا خيارها". ونبّه الامين العام الى ان التدابير التي ستتخذ "دفاعية" مجدداً دعم الحلف "العملية الجارية في الاممالمتحدة" لتسوية الأزمة العراقية. وفي ما يأتي ابرز نقاط الاتفاق على تدابير حماية تركيا الذي أبرم ليل الاحد في اطار لجنة التخطيط العسكري: "ان لجنة التخطيط العسكري: - تأخذ علماً بطلب اجراء مشاورات قدمته تركيا في اطار المادة الرابعة من معاهدة الحلف الاطلسي. - تأخذ علماً بأن الحلفاء كرروا تأكيد عزمهم على القيام بواجباتهم حيال تركيا. - تؤكد التزام الحلفاء بالامتناع عن اللجوء، في علاقاتهم الدولية، الى التهديد او استخدام القوة بطريقة مخالفة لاهداف الاممالمتحدة. - تقرر، اثر المطالب التركية، ان على السلطات العسكرية للحلف الاطلسي توجيه مذكرة الى لجنة التخطيط العسكري تتعلق بالجدوى والمدة الزمنية للمهمات الاتية: أ- الانتشار الوقائي في تركيا لطائرات "اواكس" للحلف الاطلسي لاهداف دفاعية. ب- دعم الحلف احتمال نشر الحلفاء صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ للدفاع عن تركيا. ج- دعم الحلف احتمال نشر الحلفاء وحدات في تركيا ضد الاسلحة الكيماوية والبيولوجية". وذكّر البيان بالالتزام الذي اتخذه رؤساء الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي وحكوماتها في تشرين الثاني نوفمبر 2002 في قمة براغ ل"دعم تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1441" المتعلق بنزع سلاح العراق. واوضحت لجنة التخطيط العسكري ان القرار الذي اتخذ الاحد "متفق تماماً مع المداولات والجهود المبذولة في الاممالمتحدة". واضافت: "نحن مستمرون في دعم الاممالمتحدة لايجاد حل سلمي للأزمة" العراقية. ويقتصر هذا القرار على تركيا ولا يستبق عمليات اخرى للحلف وقراراته المقبلة او قرارات مجلس الامن. وخلص البيان الى ان لجنة التخطيط العسكري "ستقرر سريعاً تطبيق تدابير لحماية تركيا، وستتابع مشاوراتها" وتستمر عن كثب في متابعة مناقشات مجلس الأمن. ترحيب الماني وحيّت الحكومة الألمانية أمس الاتفاق الذي توصل إليه الحلف الأطلسي، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة بيلا آندا: "أصبح واضحاً أن الأمر يتعلق بتدابير دفاعية فقط لحماية الحليفة تركيا". وقال إن برلين تخوفت دائماً من اصدار الحلف قراراً يُفهم كإشارة سلبية في الأزمة العراقية، مضيفاً ان هذا التخوف لم يعد قائماً. وأوضح أن المستشار غيرهارد شرودر سيجتمع في بروكسيل على هامش القمة الأوروبية، مع رئيس الوزراء التركي عبدالله غل، بطلب من الأخير للبحث في الأزمة وفي احتياجات أنقرة. هولندا ترسل "باتريوت" إلى تركيا الى ذلك، قال وزير الدفاع الهولندي هينك كامب إن بلاده تعتزم السماح للولايات المتحدة باستخدام المطارات والموانئ وخطوط السكك الحديد الهولندية، في نقل القوات والمعدات لخوض الحرب المحتملة على العراق. وتبرز تصريحات كامب، التي أدلى بها إلى الإذاعة الحكومية وأكدها ناطق باسم وزارة الدفاع، تأييد هولندا القوي لسياسة الولاياتالمتحدة تجاه العراق، في تباين شديد مع موقفي المانياوفرنسا، جارتيها وشريكتيها في الاتحاد الأوروبي. وأعلن متحدث عسكري هولندي ان بلاده شحنت ثلاثاً من أربع بطاريات تملكها خاصة بصواريخ "باتريوت" إلى تركيا لمساعدتها على الدفاع عن نفسها في حال شن الولاياتالمتحدة الحرب على العراق انطلاقاً من أرضها. وقال الناطق هانز فان دين هيوفل: "شحنت نظم باتريوت بناء على طلب تركيا، وهذا ترتيب ثنائي". وأضاف ان بطاريات الصواريخ الأميركية المصممة لاسقاط الصواري، سيديرها نحو 400 جندي هولندي، وسيكون من الممكن تشغيلها في بداية آذار. من جهة أخرى، وصلت حاملة الطائرات الفرنسية الوحيدة "شارل ديغول" إلى قاعدة بحرية أميركية في جزيرة كريت أمس. وقال مسؤولون فرنسيون إنها هناك للمشاركة في تدريبات وليس استعداداً لأي حرب على العراق. وقال ملحق عسكري فرنسي في أثينا: "وصلت الحاملة هذا الصباح وستشارك في تدريب في وقت لاحق من الأسبوع إذا كانت الأحوال الجوية طيبة". وأضاف ان "لا علاقة لها بالعراق والمشكلة المثارة هناك".